حرية – (5/3/2024)
شهدت السعودية منذ توحيدها، تحوّلات كثيرة على مختلف الأصعدة، وخصوصاً الجانب الثقافي والاجتماعي، ولعبت هذه التحوّلات دوراً مفصلياً في انتقال المملكة من مرحلة إلى أخرى، تماشياً مع رؤية 2030.
في محاولة لتوثيق تلك المراحل، أطلق الفنان السعودي راشد شعشعي، معرضه الشخصي “ليلة وألف ليلة”، في حي جاكس بالدرعية، تناول فيه التحوّلات التي مرّت بها المملكة، ووثّقها بأسلوب الرواية البصرية قبل أن تصبح طيّ النسيان.
يضمّ المعرض 6 أعمال تركيبية جدارية، تتبع خطاً زمنياً واحداً في مراحلها، يمثّل كل عمل ليلة من الليالي التي تعكس ذكريات أهل المملكة وقصصهم، وتستعرض مراحل مفصلية في تاريخ السعودية الحديث، مثل “التاب لاين”، وظهور البترول، وقيادة المرأة للسيارة، والسفر ومكانته في حياة السعوديين.
رؤية 2030.. لحظة حاسمة
الشعشعي تحدّث لـ”الشرق” عن فكرة معرضه فقال: “الجيل الحالي يلمس هذه التغيّرات في المملكة، لكنه لا يدرك خط سيرها، ولا يستوعب التحديات التي عاشها الآباء والأجداد، وكأنها قصص من نسج الخيال، مثل قصص ألف ليلة وليلة، من هنا جاءت فكرة المعرض، أي الليلة التي تسبق إعلان رؤية المملكة 2030، وما حدث بعدها من تقدّم ملحوظ”.
أضاف: “تغيرّت أشياء كثيرة في المملكة، وتحقّقت أحلامنا كفنانين، لكني أردت استعادة بعض القصص القديمة، وفصلها عمّا عشناه ما قبل الرؤية، لندرك حجم التغيير الذي تحقّق اليوم، وهو التغيير الذي يقودنا إلى فكرة الامتنان للرؤية ولحظتها الحاسمة، ونحن ماضون إلى الأفضل بإذن الله”.
وقال: “كان يُحكى عنّا ولم نكن نحكي عن أنفسنا، اليوم أبناء الجزيرة العربية عموماً، والسعودية بشكل خاص، أصبحوا هم من يحكون عن أنفسهم وعن ثقافتهم وفنونهم وصناعاتهم”.
وعن الأبعاد التي تطرحها الأعمال أوضح شعشعي، “أن الفكرة جاءت من المنمنمات التي حكت قصص ألف ليلة وليلة بشكل بصري، لكن الأعمال تتناول أهمّ المتغيرات في المملكة، مثل “التاب لاين” كموضوع مؤثّر في حياة السعوديين، قادنا إلى التمدّن، كذلك السجال الكبير حول قيادة المرأة للسيارة، والسفر الذي كان يعني الحرية لنا”.
القصّة لم تنته بعد
يدشّن المعرض أسلوباً فنياً مبتكراً، إذ استلهم الفنان بنيته من الآداب والفنون العربية والإسلامية، مستخدماً الخامات الأصلية وأدوات عدّة، مثل الحديد والخشب وبعض المواد التي عثر عليها من مراحل سابقة في رحلة تطوّر المملكة.
كما استوحى أعماله من زياراته للأسواق الشعبية والأشياء القديمة والمستعملة، بهدف العثور على مواد تلامس الواقع وذات صلة بالماضي. إذ يسعى الفنان إلى مراكمة طبقات متعددة، تهدف إلى تثبيت الذاكرة، وربط التجارب الفردية بالذاكرة الجمعية، وبالتاريخ الإنساني المُشترك.
وعن العمل الأخير في الجدارية التي تبدو غير مكتملة قال شعشعي: “المعروف عن قصص ألف ليلة وليلة أنها لا تنتهي، وأن شهرزاد تبقى على قيد الحياة، لذلك أبقيت جزءاً من القصّة غير مكتمل، أو ربما سيُروى في قصص أخرى، وربما سيكون مادةً لمعارض أخرى”.