حرية – (11/3/2024)
عثر على الألماس لأول مرة منذ آلاف السنين في الرمال والحصى المترسب في الجداول المائية، كما يوجد في ترسيبات سميت “الألماسات الغرينية” alluvial diamonds، واكتشفت حقول الألماس في جنوب أفريقيا عام 1867 عندما عثر أحد أطفال المزارعين على حصاة جميلة قرب ضفاف نهر أورانج، وقد بلغت قيمة هذه الحصاة الماسية آنذاك 2500 دولار.
وفي عام 1870 اكتشف الألماس لأول مرة في نوع من الصخور يسمى الكمبرليت، ويعتبر الألماس نوعاً من الصخور النادرة التي تتشكل في صورة أجسام أنبوبية الشكل تملأ فوهات بعض البراكين.
وعثر على أكبر ألماسة في العالم عام 1979 غرب أستراليا، إذ يوجد هناك نوع من الصخور يطلق عليه اسم لامبرويت، لكن يجب استخدام أطنان لسحقها ومن ثم الحصول على قطعة صغيرة جداً من الألماس، إذ إن بعض المناجم تنتج قيراطاً واحداً (200 مللغرام) من الألماس من كل 2.7 طن متري من صخور المنجم.
صفاته ومزاياه
يعد الألماس من أصلب وأقوى المواد على الأرض، ويستخدم في الصناعة لقطع وطحن وحفر المواد الصلبة الأخرى، فهو عبارة عن بلورات تتكون بالكامل من الكربون وغالبها ثماني المجسمات، إذ يتشكل في الأرض بمنطقة أسفل القشرة الأرضية تدعى العباءة mantle حيث درجة الحرارة مرتفعة وكذلك الضغط الذي يتسبب في تكوين بلورات الألماس، ومن ثم تظهر الألماسات فوق سطح الأرض بفعل النشاط البركاني.
ويصنف الباحث محمد كذلك الألماس في كتابه “الأحجار الكريمة والمعادن النفيسة”، بأنه من الأحجار الكريمة التي تدرج طبقاً للوزن والشفافية واللون وأسلوب القطع، ويجري قياسه بالقيراط، أما الشفافية فتعرف من خلال قلة عدد العيوب أو الشقوق، ومنها وجود فقاعات صغيرة وشقوق صغيرة، ويعتبر أفضل أنواع الألماس هو عديم اللون تماماً، لكنه قد لا يكون خالياً من العيوب، كما أن عملية قطع الألماس من العمليات الدقيقة البطيئة والمكلفة ويجب أن يقوم بها فنيون متمرسون لأعوام عدة، إذ إن طريقة قطع الألماسة تؤثر في قيمتها.
كما أن للألماس قدرة كبيرة في عكس الضوء الساقط عليه وتكوين أشعة منحنية، ويقوم بتحليل الضوء إلى ألوان قوس قزح، لكن للحصول على أعلى نسبة إلى معان لا بد من قطع الألماسة لأكبر عدد من الوجوه (factes) الصغيرة وصقلها جيداً، وعادة ما يقطع بشكل دائري للحصول على 58 وجهاً بأسلوب قطع يسمى السطوع، وقد بدأ استخدام هذا الأسلوب عام 1600.
ألماسات للصناعة
أما الألماسات غير المناسبة للقطع والتحويل إلى أحجار كريمة فيجري استخدامها بصورة واسعة في الصناعة، وبخاصة تلك المتضمنة بعض العيوب أو ضعفاً في التلون، ويحتاج الصناع إلى هذه الألماسات من أجل تشكيل المعادن الصلبة بدقة شديدة والمستخدمة في صناعة السيارات والطائرات والأنواع المختلفة من المحركات والآلات الأخرى وذلك بسبب صلابتها الفائقة.
وبحسب المركز العالمي للألماس، فإن نسبة 20 إلى 25 في المئة فقط من الإنتاج العالمي من الألماس الطبيعي أو الصناعي، تذهب إلى صناعة الحلي والمجوهرات، بينما تستخدم نسبة 75 إلى 80 في المئة من إنتاجه في صناعات أخرى، نظراً إلى خصائصه الفيزيائية والكيماوية، واحتوائه على كثير من الشوائب التي تجعله غير صالح لصناعة المجوهرات.
للألماس قدرة فريدة على عكس الأضواء
ووفقاً لتقرير نشره الجيولوجي هوبارت أم كينج Hobart M. King، مدير موقع “جيولوجي. كوم”، والحاصل على شهادة علمية من المعهد الأميركي للأحجار الكريمة GIA، فإن الألماس يدخل في بعض الاستخدامات الصناعية المهمة، ومنها حفر الآبار النفطية والمائية، إذ تستخدم شركات النفط الألماس على رأس أنابيب حفر الآبار، وذلك لقدرته على اختراق طبقات الأرض العميقة، وتحمله عاملي الضغط والحرارة، كما يستخدم الألماس الحبيبي في صناعة الأجهزة والأدوات الميكانيكية التي لا تتطلب تركيب أكثر من بلورة واحدة فيها.
وإضافة إلى ذلك ولأن غالب أنواع الألماس عازلة للكهرباء، فإنها تستخدم في عزل الكهرباء داخل بعض المكونات الإلكترونية، كما أن الصفات الفيزيائية للألماس الصافي تزيد من استعماله في صناعة الحواسيب وأنصاف النواقل والموصلات الفائقة الناقلية الحرارية.
الجرافيت بديلاً
وللحاجة الماسة إلى الألماس ودخوله في صناعات متعددة ومهمة، وبسبب ندرة الألماس الطبيعي، فقد خلق هذا الطلب تحدياً لصناعة ألماس يحمل نفس صفات الطبيعي في الصلابة والكثافة والتشتيت، وعليه فقد عكف العلماء للوصول إلى طرق لتخليق الألماس، وكان إثبات العالم تینانت Tennant عام 1779 أن الألماس مثل الجرافیت مكون تماماً من الكربون، بمثابة اكتشاف قاد الطريق لصناعته وتشكيله وفق طرق عدة.
يستخدم الجرافيت كمادة أساسية في صناعة الألماس المخلق
ويستخدم الجرافيت كمادة أساسية في صناعة الألماس المخلق، فكل من الجرافيت والألماس يصنعان من الكربون النقي، لكن الألماس يتصف بكونه شديد الصلابة وشفافاً وأكثر كثافة من الجرافيت، ويختلف تركيب بلورات الألماس والجرافيت، إذ تترتب ذرات الكربون بطريقة مختلفة في المعدنين، فالجرافيت يحوي ذرات كربون مرتبة في طبقات مسطحة ينزلق بعضها فوق بعض بسهولة، مما يجعله ليناً وزلقاً، وفي الألماس تترتب ذرات الكربون في نمط قوي ثلاثي الأبعاد يمنع الذرات من انزلاق بعضها فوق بعض.
طرق المستنبت وفرق السعر
تقول ولاء أبو النجا في رسالتها للدكتوراه عن بدائل الألماس الطبيعي والاستفادة منها في الصناعات التكنولوجية، إنه “على رغم ذلك الاكتشاف فقد تأخر تخليق الألماس الصناعي حتى الخمسينيات، وذلك من طريق محاكاة نفس درجات الحرارة المرتفعة والضغط المرتفع الموجودة في قاع الأرض حيث يتكون الألماس الطبيعي، لكن المشكلة الأساسية كانت تكمن في تحويل الجرافیت إلى ألماس وتتطلب درجات حرارة مرتفعة وضغطاً مرتفعاً جداً مما كان يتسبب في سرعة تلف المكونات الغالية للأجهزة مما جعل هذه الطريقة غير اقتصادية.
واستطاع علماء من السوید عام 1953 تخلیق أول ألماس صناعي في معامل Elektriska Avenska Allmana Aktiebolaget (A. S. E. A)، لكن لم تنشر هذه النتائج إلا عام 1955، عندما قام باحثون أميركيون من “جنرال إلكتريك” بتخليق ألماس صناعي في جهاز HPHT) ضغط وحرارة عاليين)، وهي خطوة كبيرة تحققت عند اكتشاف أن المعادن ممكن أن تذيب الكربون، مما جعل سرعة نمو الألماس ممكنة عند درجات حرارة وضغط أقل من الطريقة السابقة”.
كما اكتشف في منتصف ستينيات القرن الماضي طريقة ترسيب البخار الكيماوي (CVD)، إذ يوضع الألماس العالي الجودة في غرفة مفرغة تحوي غازات مختلفة أو مادة كربونية. وتسخن هذه المادة بعد ذلك إلى درجات حرارة قصوى (نحو 700 إلى 900 درجة)، مما يسمح للبلورات بالتشكل على الماسة التي تعد “البذرة” الأولى.
وتسبب أول خبر عن الإنتاج التجاري الصناعي في موجة ذعر بأسواق الألماس، فكلفة تصنيع حجر ماس صناعي بجودة الأحجار الكريمة ظل لفترة طويلة ضعف كلفة استخراج الحجر الطبيعي المماثل من المناجم، ومن ثم طورت أجهزة عدة لتخليق الألماس الصناعي، ويعتبر الأكثر شهرة هما نظامي Belt وbars.
واليوم يصل متوسط سعر القيراط الواحد للألماس الصناعي المستنبت أو المخلق إلى نحو 1530 يورو (1672 دولاراً)، بينما يصل سعر القيراط الطبيعي الواحد إلى 4450 يورو (4864 دولاراً)، وذلك مع وجود نفس التركيبة الكيماوية والبنية البلورية ومعامل الانكسار والصلابة والكثافة.