حرية – (17/3/2024)
تعمل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على توسيع جهودها لمراقبة واعتراض الأسلحة الإيرانية التي يتم تهريبها إلى اليمن، لكن ثمة تحديات تعرقل هذه الجهود، أبرزها نقص الموارد العسكرية الأساسية، حسبما نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤولين أميركيين مطلعين.
وأوضحت الصحيفة أن المبادرة الأميركية تسعى إلى رسم خريطة للطرق البحرية التي تستخدمها طهران ووقف شحنات الأسلحة العابرة خلالها، وهو ما اعتبرته اعترافاً من جانب الولايات المتحدة بأن من المرجح أن يشكل الحوثيون تحدياً أمنياً كبيراً في المستقبل المنظور.
وتعد هذه المبادرة جزءاً من استراتيجية أوسع تتبناها الولايات المتحدة ضد إيران وتشمل أيضاً عقوبات وضغوطاً دبلوماسية، لكنها تواجه قيوداً بسبب “نقص الموارد العسكرية الأساسية”، بحسب الصحيفة.
ووصف مسؤول دفاعي أميركي كبير، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، المهمة بأنها “جهد متجدد لمحاولة الفهم بشكل أفضل لما تبدو عليه تلك الممرات المائية”، قائلاً إن “العمل يتطلب تعاوناً كبيراً مع مجتمع الاستخبارات الأميركي”.
ووصف مسؤول دفاعي أميركي كبير ثانٍ الجهود بأنها “قوية للغاية”، قائلاً إن واشنطن تستكشف أيضاً كيف يمكن للدول الشريكة توسيع تركيزها على تعطيل تهريب الأسلحة الإيرانية للمساعدة في تعويض المخزون المحدود من الطائرات الأميركية بدون طيار وغيرها من معدات المراقبة التي تعتبر أساسية في هذه العملية.
ورفض المسؤول تحديد الدول المشاركة في العملية، لكنه قال “إن جميع الحكومات المتضررة اقتصادياً من هجمات الحوثيين، يجب أن تبذل المزيد من الجهد”.
وتابع المسؤول: “إنه بالتأكيد تحدي في منطقة كبيرة، لكننا نخصص موارد كبيرة لتحديد وتتبع واعتراض الشحنات حيثما كانت لدينا القدرة”.
تهريب الأسلحة
ومنذ نوفمبر، بعد وقت قصير من هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، وثقت وزارة الدفاع الأميركية “ما لا يقل عن 105 هجمات على السفن التجارية قبالة اليمن، بما في ذلك حوالي 40 هجوماً خلال الأسبوع الماضي”.
وقال المسؤولون إن الأسلحة المستخدمة في الهجمات تشمل طائرات بدون طيار هجومية وصواريخ وصواريخ باليستية، ومسيرات محملة بالمتفجرات يمكنها تخطي الأمواج والسفر تحت الماء.
وقد نجحت الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لحماية حركة المرور البحرية في إحباط العديد من تلك الهجمات، لكن في 6 مارس الجاري، أصاب صاروخ مضاد للسفن أطلقه الحوثيون سفينة تجارية في خليج عدن، وقال المسؤولون الأميركيون إن 3 بحارة على الأقل سقطوا وأصيب عدد آخر.
وفي فبراير، تسبب هجوم صاروخي للحوثيين على سفينة الشحن “MV Rubymar”، المملوكة للولايات المتحدة، في غرق السفينة.
وبينما شنت الولايات المتحدة حملة ضد مقاتلي تنظيم القاعدة في اليمن على مدى أكثر من عقد من الزمان، فقد أولت اهتماماً محدوداً للحوثيين، ونتيجة لذلك، أصبح لدى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) اليوم فهم ضيق إلى حد ما لعمليات التهريب التي تقوم بها الجماعة، كما يقول مسؤولون حاليون وسابقون.
ووفقاً لخبراء الأمم المتحدة، يبدأ التهريب البحري من الموانئ الإيرانية مثل بندر جاسك في خليج عمان، وبندر عباس في مضيق هرمز، ويتم نقل هذه الشحنات عبر بحر العرب وخليج عدن على طول الطريق إلى اليمن، أو من خلال الطرق البرية عبر البلدان المجاورة مثل سلطنة عمان.
ومن غير المعروف حجم الأسلحة الذي تم تمريره بدون اكتشافه، مما يجعل من الصعب على الولايات المتحدة تقييم مدى فعالية ضرباتها الأخيرة في إضعاف قدرة الحوثيين على مواصلة هجماتهم البحرية.
محدودية معدات المراقبة
ويتمثل التحدي المستمر الذي يواجه الجيش الأميركي في العدد المحدود من الطائرات بدون طيار وغيرها من معدات المراقبة، والتي يزداد الطلب عليها من قبل القوات العسكرية الأميركية في جميع أنحاء العالم.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية قامت في السنوات الأخيرة بإعادة تخصيص بعض تلك المعدات التي كانت موجودة في الشرق الأوسط على مدى عقدين من الحرب في أفغانستان والعراق كجزء من استراتيجية أمنية عالمية متغيرة تهدف إلى التركيز بشكل أساسي على الصين.
وقال الجنرال مايكل إريك كوريلا، الذي يشرف بصفته رئيس القيادة المركزية الأميركية على النشاط العسكري للولايات المتحدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، في مارس الجاري، إنه “قام لبعض الوقت بتحويل قدرات المراقبة من فوق أفغانستان للتركيز بدلاً من ذلك على البحر الأحمر، وكذلك العراق وسوريا، حيث واجهت القوات الأميركية المنتشرة حتى وقت قريب هجمات متكررة من مجموعات مدعومة من إيران”.
وأضاف كوريلا أن الولايات المتحدة بحاجة إلى المزيد من التمويل لامتلاك “قدرات إضافية”.
وقال مسؤولون أميركيون إن الحوثيين أسقطوا ما لا يقل عن طائرتين بدون طيار من طراز “MQ-9 Reaper” قبالة سواحل اليمن، مرة في نوفمبر ومرة في فبراير.
وهناك تحدي آخر يتمثل في مدى توافر الأفراد المدربين تدريباً عالياً لتنفيذ المهمة المحفوفة بالمخاطر المتمثلة في الصعود على متن السفن المشتبه في أنها تحمل أسلحة إيرانية إلى اليمن.
وقال المسؤولون إنه على الرغم من أن البنتاجون يكثف جهود اعتراضات الشحنات، من غير المتوقع أن تتضمن المهمة وجوداً كبيراً لقوات العمليات الخاصة الإضافية، حسبما نقلت عنهم الصحيفة.
وقال المسؤولون الأميركيون إن قوات مشاة البحرية المنتشرة على متن السفن لطالما شاركت في مثل هذه المهام، لكن في المستقبل المنظور، من غير المتوقع وجود أي منها في المنطقة بسبب النقص المستمر في السفن البرمائية المتاحة التي تشرف عليها البحرية.
وكانت وحدة مشاة البحرية السادسة والعشرون قد غادرت منطقة البحر الأحمر مؤخراً بعد فترة انتشار طويلة ومن المتوقع أن تصل إلى مكانها الأصلي في ولاية كارولينا الشمالية في الأيام المقبلة.
عمليات رصد للسفن
وكانت قد ظهرت لمحات عن المهمة الأميركية من خلال عدد قليل من عمليات الصعود على متن السفن التي تم الكشف عنها للجمهور في الأشهر الأخيرة.ففي 11 يناير، فُقد اثنان من قوات البحرية الأميركية في البحر أثناء محاولتهما الصعود على متن سفينة تهريب مشتبه بها قبالة الصومال.
وقال مسؤولون إنه بعد شهر، اعترض أفراد خفر السواحل سفينة في بحر العرب وصادروا مكونات صواريخ باليستية ومتفجرات وأجزاء أسلحة أخرى، وأضافوا أن الشحنة جاءت من إيران.
ووصف الجنرال المتقاعد كارل سام موندي، الذي كان يشرف على قوات مشاة البحرية في الشرق الأوسط في الفترة من 2018 إلى 2021، هذه المهام بأنها من بين أخطر المهام العسكرية ولا يمكن التنبؤ بها، مشيراً إلى أنها قد تحدث من خلال قيام القوات الأميركية بالسقوط السريع من طائرات الهليكوبتر إلى سفينة التهريب المشتبه بها أو الصعود من الماء من خلال قوارب صغيرة عالية السرعة.
وقال الجنرال المتقاعد كينيث فرانك ماكنزي جونيور من مشاة البحرية، والذي كان يقود القيادة المركزية الأميركية في الفترة بين عامي 2019 و2022، إن وقف تدفق الأسلحة الفتاكة من إيران إلى الحوثيين هو أمر بالغ الأهمية، مضيفاً: “علينا أن ندرك ذلك، وأن نخصص الموارد اللازمة لمواجهته، والأمر يتطلب في المقام الأول توافر موارد المراقبة، وكذلك المنصات التي تسمح لنا بإجراء عمليات الاعتراض هذه، فنحن بحاجة إلى العمل مع شركائنا في التحالف من أجل القيام بذلك”.