حرية – (18/3/2024)
أدى الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022 إلى إدانات دولية وعقوبات واسعة من الغرب بقيادة الولايات المتحدة ضد موسكو، في المقابل تسبب الحصار الدولي لروسيا إلى زيادة الدعم من الدول الحليفة مثل الصين وكوريا الشمالية، ما ترتب عليه تعزيز العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية بين الدول الثلاث، التي أصبحت تشكل تحالفاً يثير قلق واشنطن، حسبما ذكرت مجلة “ناشيونال إنتريست”.
وذكرت المجلة أن التعاون العسكري المتنامي بين الأطراف الثلاثة مصدر قلق لأوكرانيا وحلفائها، خصوصاً بعد القمة التي عقدها الرئيس الكوري الشمالي كيم جونج أون مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر الماضي.
ووجهت مجموعة السبع في فبراير الماضي، انتقاداً مباشراً للصين وكوريا الشمالية بسبب دعمها اللوجيستي لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، ونددت “بشدة بالصادرات الكورية الشمالية وتزويد موسكو بالصواريخ البالستية”، داعية إلى “إنهاء فوري لهذه الأنشطة”.
وتختلف بكين وبيونج يانج في دعمهما، لكن كلاهما يستفيد من تعاملهما مع شريكهما الروسي الذي يزداد عزلة ومحاصرة.
كما تبدو العلاقة بين الصين وكوريا الشمالية وروسيا أقرب إلى سلسلة من المعاملات الثنائية ذات المنفعة المتبادلة وليست شراكة أو تحالفاً ثلاثياً قوياً، وفق المجلة.
تضامن صيني روسي
في ظل العقوبات المتتالية، ومغادرة الشركاء التجاريين الأجانب، وتجميد الأموال الروسية في الخارج، لجأت موسكو إلى الصين للحصول على المساعدة الاقتصادية، لتتوسع التجارة الثنائية بين البلدين، وترتب على ذلك تخفيف آثار العقوبات الدولية على روسيا.
في المقابل، يصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حالياً العلاقات مع الصين بأنها بلغت “أعلى مستوياتها في التاريخ”.
وتتمتع بكين وموسكو بعلاقات المصلحة المتبادلة القائمة على المواءمة المتقاربة بين المصالح والأهداف الاستراتيجية، وهي شراكة تقوم على “الاستقلال المترابط”.
وتوجد اختلافات كبيرة بين الأهداف والتكتيكات الصينية والروسية، إذ تسعى موسكو لنسف علاقاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في مقابل عزم الصين على مواصلة التجارة الاقتصادية والمشاركة الدبلوماسية للتغلب على مشاكلها الاقتصادية المتنامية في الداخل وتوسيع نفوذ بكين في الخارج.
ويهدد دعم بكين للغزو الروسي لأوكرانيا بتوتر العلاقات مع شركاء الصين التجاريين، وفرض عقوبات ثانوية على البنوك والشركات الصينية.
وفاق عسكري ودبلوماسي مع بيونج يانج
وتسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في تغيير العلاقات بين موسكو وبيونج يانج التي ضعفت إلى حد كبير بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. ودعمت كوريا الشمالية حرب روسيا من خلال توفير أكثر من مليون قذيفة مدفعية والعشرات من الصواريخ الباليستية الحديثة قصيرة المدى، وفقاً لـ”ناشيونال إنتريست”.
وتعتبر رحلة زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون إلى روسيا في سبتمبر الماضي، واجتماع القمة مع بوتين بمثابة اختراقات في العلاقات الثنائية، وأكدت الوفاق العسكري والدبلوماسي المتنامي بين البلدين.
ويمكن لموسكو أن تقدم فوائد مالية أو اقتصادية أو في مجال الطاقة لكوريا الشمالية مقابل الحصول على الذخيرة.
ويتكهن بعض الخبراء بأن روسيا قد تقدم التكنولوجيا العسكرية المتطورة لكوريا الشمالية، مثل تصميمات الرؤوس الحربية النووية، أو المساعدة في الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
كما يرجح أن تقدم موسكو تكنولوجيا أسلحة من الدرجة الثانية مثل أقمار الاستطلاع العسكرية، أو تصميمات الأسلحة التقليدية المتقدمة، وهو احتمال لا يزال مثيراً للقلق.
أزمة أمنية في المحيطين
مجلة “ناشيونال إنتريست” قالت إن هناك سبباً كبيراً للولايات المتحدة وحلفائها لتعزيز التعاون في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وذلك بعد تدهور البيئة الأمنية في المنطقة.
وأدت التصرفات التهديدية التي اتخذتها روسيا والصين وكوريا الشمالية إلى إدراك دول المحيطين الهندي والهادئ الحاجة إلى تعزيز التدابير الأمنية وزيادة التعاون الدفاعي.
ومكنت الإجراءات الجريئة التي اتخذها زعيما كوريا الجنوبية واليابان من تحقيق التقارب بين بلديهما بشأن القضايا التاريخية الصعبة، الأمر الذي سهل قدراً أكبر من التعاون الأمني الثلاثي مع الولايات المتحدة.
واستأنفت الدول الثلاث التدريبات العسكرية في عام 2022 لإصلاح التدهور في قدرات الردع المتحالفة. ونشرت كوريا الجنوبية واليابان في ديسمبر 2022، وثائق تتعلق بالأمن القومي تشبه إلى حد كبير تلك الخاصة بالولايات المتحدة.
وعززت قمة كامب ديفيد الثلاثية في أغسطس 2023، التعاون الثلاثي غير المسبوق في تنسيق السياسات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ولا يزال أمام الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان الكثير من العمل لترسيخ التقدم الحالي والمستقبلي ضد الانتكاسات المحتملة من قبل الإدارات المستقبلية.
ويتعين على الدول الثلاث إنشاء نظام دفاع صاروخي مترابط بدلاً من الاكتفاء بالتبادل السريع للإنذارات الصاروخية الكورية الشمالية، وذلك وفقاً لمجلة “ناشيونال إنتريست”.
وقالت المجلة الأميركية، إن الصين وكوريا الشمالية وروسيا تهدد الاستقرار الإقليمي والأمن السيبراني والنظام المالي الدولي.
وأضافت أنه على دول منطقة المحيطين الهندي والهادئ والأوروبية، تعزيز دفاعاتها الخاصة والتحالف مع الديمقراطيات الأخرى ذات التفكير المماثل لتطوير استجابات متعددة الأطراف وأكثر فعالية.
وأوضحت أن الاستجابة العسكرية والأمنية الصارمة هي الحاجة الأكثر إلحاحاً، ولكن يجب على دول المحيطين الهندي والهادئ والدول الأوروبية أيضاً تسريع الجهود لتقليل اعتمادها في مجال الطاقة والمالية على روسيا والصين لتقليل قدرة أي من الدولتين على إكراه وترهيب الشركاء التجاريين.