حرية – (20/3/2024)
أكثر من 200 مسلم من ذوي الدخل المحدود ومن جنسيات مختلفة يلتقون يومياً على موائد الإفطار طيلة شهر رمضان المبارك داخل معبد “غورو ناناك” التابع لطائفة السيخ الهندية في منطقة جبل علي الصناعية الواقعة جنوب شرق إمارة دبي.
هذا الملتقى الإنساني بالدرجة الأولى الذي يجمع بين مسلمين وأبناء طائفة السيخ ويشاركهم فيها أتباع من طائفة الهندوس، ليس تقليداً جديداً في دبي التي تضمّ اكثر من 200 جنسية من عشرات الأديان، فهو بدأ منذ 10 سنوات، لكن هذه المبادرة توقفت لمدة ثلاث سنوات بسبب جائحة كوفيد-19 وعادت العام الماضي تتميز في استيعاب المكان لعدد أكبر من الصائمين.
يقول المدير والمشرف العام على المعبد، رادجيب سينغ، في حديث لـ”النهار العربي”، إنّه “في هذا العام بات المقصف المتواجد في أسفل المعبد يستقبل نحو 300 شخص أو أكثر بقليل، ولا نسأل أي شخص عن ديانته أو جنسيته، فكل من لا يمتلك ثمن وجبة إفطار نقدّمه له مع طبق من السَلَطات وقطعة حلوى، وسنستمر حتى آخر يوم من الشهر الفضيل، فهذه السنة قمنا بتخصيص مساحات أوسع لإفساح المجال للصائمين لتأدية صلواتهم عند الغروب قبل الإفطار، كذلك يأتي شيخ مسلم لتلاوة آيات من القرآن قبل الإفطار، وهذا أمر قلما نشاهده في العالم. الإمارات العربية المتحدة دائماً سبّاقة في جمع الملل والطوائف والجنسيات داخل أراضيها”.
المشهد داخل المعبد قبل دقائق من موعد الإفطار يشبه لوحة رسمها خيال فنان في ظل الحروب الطائفية والعرقية التي تشهدها الكرة الأرضية، ففي حين يجتمع أبناء طائفة السيخ حول معلمهم، نجد المسلمين وهم يسجدون خلف إمامهم، وفي زاوية أخرى يجلس عدد من الهندوس وهم يقرأون في كتابهم، وعند رفع الآذان داخل القاعة يتقاسم الجميع الرغيف والإنسانية.
في عقيدة السيخ لا يُسمح بالتصوير داخل أرجاء المعبد، باعتبار أنّ هذا المكان مخصّص للعبادة فقط والهدوء والسكينة وليس للتصوير والمشاركة على مواقع التواصل الإجتماعي.
أكثر من 300 وجبة ناهيك عن تنظيف المكان يومياً، كلها أمور مكلفة وتحتاج لميزانية خاصة، فكيف تموّل هذه الأمور؟
يجيب سينغ: “أولاً يجب ذكر أننا نراعي في الأطباق التي نقدّمها شروط الشريعة الإسلامية، بمعنى أننا نقدّم اللحوم للصائمين لأنّها مسموحة في الأديان السماوية، ونراعي أن تكون مذبوحة على الطريقة الإسلامية، لذا نعتمد على شخص هو من الجنسية الباكستانية وهو مسؤول عن تزويدنا باللحوم والدجاج”.
يضيف: “هناك الكثير من الميسورين إن كان من طائفتنا أو من المسلمين وحتى من المسيحيين، يبادرون بمحبة كبيرة لدعم الصندوق الخاص بتأمين كل المصاريف من مكونات الطعام ومواد التنظيف وغيرها، وقبل حلول شهر رمضان نكون قد جمعنا هذه المبالغ وطبعاً الجزء الأكبر من التمويل يكون من ميزانية المعبد التي يتبرّع بها آلاف السيخ في الإمارات”.
تجدر الإشارة إلى أنّه في العام 2017، سجّل معبد “غورو ناناك” رقماً قياسياً عالمياً في استضافة أكبر عدد من الأشخاص من جميع الجنسيات لتناول وجبة إفطار كونتيننتال. وحضر هذا الحدث 600 شخص من 101 جنسية مختلفة.