حرية – (23/3/2024)
يجدد مجلس الأمن الدولي التصويت على مشروع قرار يدعو بوضوح إلى “وقف فوري لإطلاق النار” في غزة، حسبما نقلت وكالة فرانس برس عن مصادر دبلوماسية الجمعة.
وأشارت الوكالة الفرنسية إلى أن مشروع القرار تم إعداده من قبل أعضاء مجلس الأمن غير الدائمين، بعد أن أخفق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تمرير مشروع قرار أمريكي لوقف إطلاق النار بشكل فوري في غزة، وذلك بعد أن استخدمت الصين وروسيا حق النقض (الفيتو) ضد القرار، والذي أبطل أصوات أحد عشر عضوا لصالح مشروع القرار الأمريكي، فيما صوتت الجزائر ضد مشروع القرار.
وندد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة بالفيتو الروسي الصيني الذي وصفه بـ”الخبيث”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تحاول أن “تظهر للمجتمع الدولي شعوراً بأنه من الضروري التوصل إلى وقف لإطلاق النار مرتبط بالإفراج عن الرهائن” المحتجزين في غزة.
ووصف مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة مشروع القرار الأمريكي بأنه “ممارسة خطابية تعاطفية”.
كانت الولايات المتحدة قد قدمت مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو لهدنة تستمر ستة أسابيع، وإطلاق سراح 40 رهينة إسرائيلية، مقابل إطلاق سراح المئات من السجناء الفلسطينيين.
الخطوة الأمريكية، التي تأتي في ظل تصاعد التوتر في المنطقة، من شأنها أن تزيد الضغوط على إسرائيل لوقف الحرب المشتعلة منذ أكثر من خمسة أشهر في قطاع غزة.
يأتي ذلك بينما يقوم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بزيارة إلى إسرائيل، ضمن جولة له في الشرق الأوسط استهلها بالسعودية ثم مصر.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن بلينكن التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على انفراد في مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية. وأوضحت أن المباحثات تركزت على “رفح والأزمة الإنسانية في القطاع”.
وتعدّ هذه الجولة هي السادسة التي يقوم بها بلينكن للمنطقة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ورأى بلينكن أن مشروع القرار الأمريكي من شأنه أن “يبعث رسالة قوية” فضلا عن كونه “إشارة قوية”، إذ من النادر أن تدعم واشنطن مشروع قرار للأمم المتحدة سترفضه إسرائيل.
وعادة ما تستخدم واشنطن حق النقض (الفيتو) بمجلس الأمن لحماية إسرائيل من أي مشاريع قرارات ترفضها.
“إذا لزم الأمر، سنتقدم بمفردنا”
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه عازم على إرسال قوات إلى مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، مؤكدا أنه كان سيفعل ذلك حتى من دون دعم الولايات المتحدة.
تصريح نتنياهو جاء بعد لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي. وقال نتنياهو: “التقيت اليوم وزير الخارجية الأمريكي. وأبلغته تقديري العميق لجهودنا المشتركة في محاربة حماس على مدى أكثر من خمسة أشهر”.
وأضاف: “أكدتُ التزامنا بإجلاء المدنيين من مناطق الصراع وبتلبية الاحتياجات الإنسانية، كما شددّتُ على ضرورة دخول القطاع وتحييد الميليشيات المتبقية من أجل هزيمة حماس”.
وتابع نتنياهو: “بينما عبّرت عن الآمال في الحصول على دعم أمريكي، أقولها بوضوح إننا إذا لزم الأمر، سنتقدم بمفردنا”.
من جهته، حذّر بلينكن رئيس الوزراء الإسرائيلي من أن “أمن إسرائيل ومكانتها عالميا باتت في خطر، وربما لا تدرك ذلك إلا بعد فوات الآن “بحسب ما نقل موقع أكسيوس الأمريكي عن مصادر.
وأضاف بلينكن: “تحتاجون إلى خطة متماسكة وإلا ستَعلِقون في غزة”.
وشهدت الأسابيع الأخيرة ارتفاعا في معدلات القتلى والمعاناة في غزة، بينما تهدد إسرائيل باجتياح مدينة رفح جنوبي القطاع، حيث لجأ أكثر من مليون شخص هربا من الموت.
وتصرّ حكومة بنيامين نتنياهو على القضاء على حركة حماس، “في معقلها الأخير في رفح”.
وفي ذلك، قال وزير الشؤون الاستراتيجية في إسرائيل رون ديرمر “لو تركتَ أربع كتائب في رفح، فقد خسرت الحرب، وإسرائيل لن تخسر الحرب .. مع الولايات المتحدة أو بدونها، لن نفعل ذلك، ليس لدينا اختيار”.
وفيما بدا ردّ فعل على مشروع القرار الأمريكي، كتب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان، على منصة إكس (تويتر سابقا) يقول “لا يوجد غير طريق واحد للهدنة الفورية – هي أنه يجب على حماس أن تطلق سراح الرهائن وأن تستسلم. هذا ما ينبغي على العالم أن يطالب به”.
وفي إسرائيل، سيناقش بلينكن “الحاجة إلى ضمان هزيمة حماس، بما في ذلك في رفح، بطريقة تحافظ على حياة المدنيين، ولا تعوق وصول المساعدات الإنسانية، وتعزّز الأمن العام الإسرائيلي” بحسب الخارجية الأمريكية.
وتعارض واشنطن خطة إسرائيل لشنّ اجتياح بري في رفح، الحدودية مع مصر.
وقال بلينكن إنه سيعرض بدائل لخطة إسرائيل في محادثات مع نتنياهو وحكومة الحرب الإسرائيلية “هناك طريق أفضل للتعامل مع التهديد، التهديد المستمر الذي تشكله حماس”.
وفي مؤتمر صحفي بالقاهرة، أمس الخميس، قال بلينكن إن المفاوضين مستمرون في العمل على الوصول إلى وقف لإطلاق النار وإن “الفجوات تضيق، وإننا مستمرون في الدفع من أجل اتفاق في (العاصمة القطرية) الدوحة. لا يزال أمامنا هناك عمل صعب، لكنني ما زلت أؤمن أنه ممكن”.
كما أكد بلينكن استمرار الجهود المبذولة من جانب الولايات المتحدة لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ودعم مفاوضات تبادل الأسرى والمحتجزين بهدف الوصول إلى هدنة إنسانية.
وكانت القاهرة قد استضافت، الخميس، اجتماعاً لوزراء خارجية مصر والسعودية والأردن وقطر ووزيرة الدولة للتعاون الدولي بالإمارات وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وأكد المشاركون على أولوية تحقيق وقف شامل وفوري لإطلاق النار وزيادة دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، وضرورة توفير الدعم الكامل لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، وجددوا رفضهم لأية محاولات لتهجير الفلسطينيين خارج أرضهم.
واجتمع الوزراء الخمسة والمسؤول الفلسطيني مع وزير الخارجية الأمريكي بلينكن، حيث قال الأخير بعد اللقاء إن “من الخطأ” تنفيذ عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة في رفح.
وفي غضون ذلك، أعلنت رئاسة الوزراء الإسرائيلية أن رئيس الموساد سوف يتوجه الجمعة إلى العاصمة القطرية الدوحة، للقاء وسطاء في مسعى لاتفاق بشأن صفقة التبادل مع حماس.
وأوضحت أن الاجتماع يضم رئيس وكالة المخابرات الأمريكية ورئيس الوزراء القطري ورئيس المخابرات المصرية ورئيس الموساد.
وفشلت أطراف الوساطة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة قبل بدء شهر رمضان، لكن جولة جديدة من المباحثات بدأت الأسبوع الماضي تستند إلى مقترح من حركة حماس.
ويتمثل موضع الخلاف في المفاوضات في أن حماس تشترط إنهاء الحرب تماما قبل أن تسلّم بقية الرهائن لديها، فيما تقول إسرائيل إنها تنظر في هدنة مؤقتة وليست نهائية.
“جلود على عظام”
ولا يصل سوى القليل من الطعام إلى غزة حيث تعاني الآن نسبة تناهز 60 في المئة من الأطفال دون سن الخامسة سوء التغذية، مقارنة بأقل من واحد في المئة قبل الحرب، بحسب منظمة الصحة العالمية.
واعتبر متحدث باسم الأمم المتحدة أن وقف إطلاق النار أصبح “الأمل الأخير” للناس في غزة ممن يعانون نقصا شديدا في الغذاء والماء والدواء.
وقال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) جيمس إلدر لبي بي سي إنه رأى في غزة أطفالا صغارا عبارة عن “جلود على عظام” بسبب الجوع.
وحذّر إلدر من أن نحو ثلث الأطفال في غزة ممن هم دون العامين يعانون الآن سوء تغذية حاد، مناشدا إسرائيل السماح بدخول المساعدات إلى القطاع.
ولقي نحو 32 ألف فلسطيني مصرعهم منذ بداية هذه الحرب، بحسب وزارة الصحة في غزة.
وقتل مسلحون فلسطينيون نحو 1,200 شخص، كما اختطفوا 250 آخرين في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوبي إسرائيل.