حرية – (27/3/2024)
أطلقت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية قوة عمل جديدة تهدف إلى منع كوريا الشمالية من شراء النفط بشكل غير قانوني، في ظل تقارير عن توريد روسيا النفط مباشرة إلى بيونج يانج خلال الأسابيع الماضية، في تحد للعقوبات المفروضة على الأخيرة من قبل الأمم المتحدة.
وقالت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، في بيان، بعدما عقد الطرفان اجتماعهما الأول، الثلاثاء، إن الاجتماع ضم أكثر من 30 مسؤولاً من الوزارات والوكالات المسؤولة عن الدبلوماسية والمخابرات والعقوبات والحظر البحري في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
وجاء في البيان أن الجانبين أعربا عن قلقهما إزاء احتمال قيام روسيا بتوفير النفط المكرر لكوريا الشمالية، وناقشا سبل تعليق التعاون غير القانوني بين موسكو وبيونج يانج.
وحذر البيان من أن “النفط مورد أساسي لتطوير الأسلحة النووية والصاروخية لكوريا الشمالية ووضعها العسكري”.
بدورها، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن فريق العمل المشترك بين واشنطن وسول يدرس الإجراءات المحتملة لتعطيل شبكات شراء النفط المكرر في كوريا الشمالية، بما في ذلك الكشف عن أنشطة التهرب من العقوبات، وفرض عقوبات أحادية الجانب، وإشراك القطاع الخاص والجهات الفاعلة الخارجية في جميع أنحاء المنطقة الذين يقومون بتسهيل شحنات النفط سواء عن قصد أو عن غير قصد.
وأضافت الوزارة، في بيانها، أن فريق العمل يمكن أن يستهدف في المستقبل مجالات أخرى للتهرب من العقوبات، بما في ذلك مبيعات الفحم.
عقوبات على وشك الانهيار
يأتي ذلك فيما أظهرت صور ملتقطة بالأقمار الاصطناعية، شاركها معهد Royal United Services البحثي البريطاني مع صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن ما لا يقل عن 5 ناقلات كورية شمالية توجهت إلى ميناء “فوستوشني” في أقصى شرق روسيا لجمع المنتجات النفطية في الأسابيع القليلة الماضية.
وقالت الصحيفة إن الشحنات، التي بدأت في 7 مارس الجاري، تُعد أول عملية موثقة لتوريد مباشر من روسيا عن طريق البحر، منذ فرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بموافقة روسيا، حدوداً صارمة على عمليات نقل النفط في عام 2017، رداً على إجراء بيونج يانج اختبارات أسلحة نووية.
وأضافت الصحيفة أن السفن الخمس، التي تحمل علم كوريا الشمالية وتصنف كناقلات منتجات نفطية، رست على نفس الرصيف الذي تديره شركة نفط روسية في ميناء “فوستوشني”، حيث ظهرت بينما يتم تحمل النفط على متنها.
وأكدت صور ملتقطة بالأقمار الاصطناعية أن سفينتين من الخمس توجهتا بعد ذلك من ميناء “فوستوشني” إلى ميناء “تشونج جين” الكوري الشمالي، حيث تم إفراغها.
وقال المنسق السابق بلجنة الأمم المتحدة المُكلفة مراقبة العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية هيو جريفيث: “شحنات النفط هذه تمثل اعتداءً سافراً على نظام العقوبات، والذي أصبح الآن على شفا الانهيار”.
وأضاف: “ما نشهده الآن هو اتفاق واضح لمقايضة الأسلحة مقابل النفط في انتهاك مفتوح للعقوبات التي وقع عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنفسه، ما يوضح مسار تحول روسيا في السنوات الأخيرة من مخرب دولي إلى دولة مارقة”.
بدوره، قال الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (روسي) جوزيف بيرن: “السفن التي رأيناها في المرافئ الروسية تُعد من أكبر السفن من حيث السعة في أسطول كوريا الشمالية، والسفن تبحر باستمرار داخل وخارج الميناء”.
وأضاف بيرن: “العديد من هذه السفن مدرج على لائحة العقوبات الأممية، ما يعني أنه لا يجب السماح لها بدخول موانئ أجنبية، ناهيك عن المشاركة في توريد النفط”.
“فوستوشني”.. محطة للأسلحة
وتأتي عمليات التوريد بعد أن بدأت كوريا الشمالية في أغسطس بنقل آلاف الحاويات المحملة بالذخائر إلى روسيا، إذ يرى خبراء عسكريون إن هذه الذخائر أسهمت بشكل كبير في مجهود موسكو الحربي في أوكرانيا.
ووفقاً للمعهد الملكي للخدمات المتحدة، فقد استُخدم ميناء “فوستوشني” أيضاً كمحطة للسفن التي يُزعم أنها متورطة في تجارة الأسلحة بين الدول.
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن السفن الكورية الشمالية الخمس أغلقت أجهزة الإرسال والاستقبال أثناء توجهها إلى ميناء “فوستوشني”.
وأضافت الصحيفة أن السفن الخمس كان من بينها سفينة “بيك يانج سان 1″، والتي قالت الأمم المتحدة إنها شاركت في عمليات نقل غير مشروعة للنفط بين السفن.
وهذه العمليات كانت تهدف إلى التحايل على القيود التي تحصل بموجبها كوريا الشمالية على 500 ألف برميل من النفط والمنتجات البترولية سنوياً.
وتشير التقديرات إلى أن حجم الشحنات الموثقة الذي تم خلال السابيع القليلة الماضية من ميناء “فوستوشني” قد يصل إلى 125 ألف برميل، ربع الحصة السنوية المسموح بها.
وقالت مصادر مطلعة في الأمم المتحدة إن الكشف عن مقايضة النفط مقابل السلاح يأتي في وقت يسعى فيه دبلوماسيون غربيون إلى الحفاظ على لجنة الأمم المتحدة التي تراقب الامتثال للعقوبات المفروضة على كوريا الشمالية، وسط مخاوف من استخدام روسيا حق النقض (فيتو) ضد تمديد ولاية اللجنة.
وأضاف الأشخاص المطلعون أن المسؤولين الغربيين أرجأوا تصويتاً هاماً على تجديد لجنة الخبراء الأسبوع الماضي، بعد تقديم روسيا والصين مقترحات لإضعاف مهام اللجنة.