حرية – (28/3/2024)
كشف تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، عن قيام إسرائيل بإستخدام تكنولوجيا للتعرف على الوجه بشكل موسع في غزة منذ أواخر العام الماضي بغرض مراقبة وتعقب الفلسطينيين.
ونقلت الصحيفة عن ضباط في المخابرات الإسرائيلية ومسؤولين عسكريين وجنود قولهم إن “هذه التكنولوجيا استخدمت في البداية في غزة للبحث عن الإسرائيليين الذين احتجزتهم (حماس) رهائن بعد هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لكن فيما بعد، استخدمت التكنولوجيا لإجراء مراقبة جماعية للفلسطينيين في قطاع غزة؛ حيث تم جمع صور وجوههم وتخزينها دون علمهم”.
وزعم مسؤولو المخابرات أن الغرض من هذا الأمر كان “استئصال أي شخص له علاقات بـ(حماس) أو غيرها من الجماعات المسلحة”.
وقال أحد الضباط إنه في بعض الأحيان، “صنّفت التكنولوجيا المدنيين بشكل خاطئ على أنهم مقاتلون تابعون لحماس”.
ولفت 4 ضباط استخبارات إلى أن “برنامج التعرف على الوجه، الذي تديره وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، يعتمد على تكنولوجيا من شركة (كورسايت)، وهي شركة إسرائيلية خاصة، وقالوا إنه يستخدم أيضاً صور غوغل”.
وقال ثلاثة من الأشخاص المطلعين على البرنامج إنهم “قرروا أن يتحدثوا علناً عن هذه التكنولوجيا، لأنهم يرون أن الاستعانة بها هي إساءة لاستخدام الوقت والموارد من قبل إسرائيل”.
ورفض متحدث باسم الجيش الإسرائيلي التعليق على استخدام التقنية في غزة، لكنه قال إن الجيش “ينفذ العمليات الأمنية والاستخباراتية الضرورية، بينما يبذل جهوداً كبيرة لتقليل الضرر الذي يلحق بالسكان المدنيين”.
وأضاف: “بالطبع لا يمكننا الإشارة إلى طبيعة القدرات العملياتية والاستخباراتية المستخدمة في هذا السياق”.
وانتشرت تقنية التعرف على الوجه في جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة، مدعومة بأنظمة الذكاء الاصطناعي المتطورة بشكل متزايد.
وفي حين تستخدم بعض البلدان التكنولوجيا لتسهيل السفر الجوي، فقد تم استعمالها في الصين وروسيا ضد الأقليات لقمع المعارضة.
وقال الباحث في منظمة العفو الدولية، مات محمودي؛ إن “استخدام إسرائيل لتقنية التعرف على الوجه في الحرب يمثل مصدر قلق لأنه قد يؤدي إلى تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم بشكل كامل، حيث لا يُنظر إليهم على أنهم أشخاص”.
وأضاف أنه “من غير المرجح أن يشكك الجنود الإسرائيليون في هذه التكنولوجيا عندما يتعرفون على شخص ما على أنه جزء من جماعة مسلحة، على الرغم من أنها قد ترتكب أخطاء”.
وكانت إسرائيل قد استخدمت في السابق تقنية التعرف على الوجه في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وفقاً لتقرير أصدرته منظمة العفو الدولية، العام الماضي، لكن الجهود المبذولة في غزة تذهب إلى أبعد من ذلك.
وفي الضفة الغربية والقدس الشرقية، يمتلك الإسرائيليون نظاماً محلياً للتعرف على الوجه يسمى “بلو وولف”، وفقاً لتقرير منظمة العفو الدولية.
وعند نقاط التفتيش في مدن الضفة الغربية مثل الخليل، يتم فحص الفلسطينيين بواسطة كاميرات عالية الدقة قبل السماح لهم بالمرور. وقال التقرير إن الجنود يستخدمون أيضاً تطبيقات الهواتف الذكية لمسح وجوه الفلسطينيين وإضافتها إلى قاعدة بيانات.
وفي غزة، التي انسحبت منها إسرائيل عام 2005، لم تكن هناك تكنولوجيا للتعرف على الوجه، وقال ضباط مخابرات إسرائيليون إن مراقبة “حماس” في غزة كانت تتم بدلاً من ذلك من خلال التنصت على خطوط الهاتف واختراق أنظمة الاتصالات، واستجواب السجناء الفلسطينيين، وجمع لقطات الطائرات المسيرة، والوصول إلى حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة.
وبعد 7 تشرين الاول/ أكتوبر، لجأ ضباط المخابرات الإسرائيلية في الوحدة 8200 الخاصة بـ”الاستخبارات الإلكترونية”، إلى أساليب المراقبة هذه للحصول على معلومات عن مسلحي “حماس” الذين انتهكوا حدود إسرائيل.
وقال أحد الضباط إن “الوحدة فحصت أيضاً لقطات الهجمات من الكاميرات الأمنية، بالإضافة إلى مقاطع الفيديو التي قامت حماس بتحميلها على وسائل التواصل الاجتماعي”.
وأضاف أنه “تم إخبار الوحدة بإعداد قائمة اغتيالات لأعضاء حماس الذين شاركوا في الهجوم”.
وقال ثلاثة ضباط مخابرات إسرائيليين إنه “تم بعد ذلك إحضار شركة كورسايت لإنشاء برنامج للتعرف على الوجه في غزة”.
وتقول الشركة، التي يقع مقرها الرئيسي في تل أبيب، على موقعها الإلكتروني، إن تقنيتها “تتطلب أن يكون أقل من 50 في المائة من الوجه مرئياً للتعرف عليه بدقة، كما أنها تتعرف بجدارة على صور الأشخاص في الملتقطة في الظلام، وبجودة رديئة”.
إلا أن أحد ضباط المخابرات الإسرائيلية قال إن “أفراد الوحدة 8200 سرعان ما اكتشفوا أن تقنية كورسايت تواجه صعوبات ومشكلات إذا كانت اللقطات غير واضحة أو قليلة الجودة أو إذا كان هناك مشكلة في وجه الشخص”.
وأضاف الضابط: “على سبيل المثال عندما حاول الجيش التعرف على جثث الإسرائيليين الذين قُتلوا في 7 تشرين الأول أكتوبر، فشلت هذه التكنولوجيا في الكثير من الأوقات في تحديد هوية الأشخاص الذين أصيبت وجوههم، هذا بالإضافة إلى قيام التكنولوجيا مرات عدة بتصنيف مدنيين بشكل خاطئ على أنهم مقاتلون تابعون لـ(حماس)”.
وتواصل إسرائيل حربها على غزة رغم قرار مجلس الأمن الأخير الذي صدر هذا الأسبوع والذي يدعو جميع الأطراف إلى الالتزام بوقف إطلاق النار.