حرية – (30/3/2024)
ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن تنظيم داعش برغم تعثره في العراق وسوريا، إلا أنه يخطط لهجمات جديدة على الغرب وتنفيذ موجة جديدة من الإرهاب.
وبحسب محللين تحدثت إليهم الصحيفة البريطانية، فإن تنظيم داعش المهزوم في معاقله الاساسية في الشرق الأوسط، يحقق تقدما كبيرا في أفريقيا وأجزاء من جنوب آسيا، حيث بسط سيطرة على أراض وموارد وهو ما يمكن أن يكون بمثابة نقطة انطلاق لحملة جديدة من العنف.
وأشار التقرير البريطاني إلى أن حكومات اوروبية عززت التأهب الامني لاعلى مستوى منذ سنوات بعد الهجوم على قاعة للحفلات الموسيقية في موسكو مؤخرا والذي ادى الى مقتل 140 شخصا، بما في ذلك من جانب فرنسا التي رفعت مستوى المراقبة والتحذير من المخاطر إلى اعلى مستوى، وايطاليا ايضا التي عززت إجراءاتها، وفي ألمانيا المتخوفة من ما وصفته بأنه “خطر حاد”.
وبعدما ذكر التقرير بأن تنظيم داعش أعلن مسؤوليته عن هجوم موسكو، أشار إلى أن ذلك يمثل أكثر العمليات المتطرفة الاسلامية فتكاً في أوروبا، في حين يعتقد المسؤولون ان التنظيم يخطط لعمليات جديدة ضد أهداف أوروبية منذ عدة سنوات.
ولفت التقرير إلى أنه عندما أدار داعش ما بين عامي 2015 و2019، ما يسمى بـ”الخلافة” على مساحة من الأراضي التي سيطر عليها عبر شرق سوريا وغرب العراق، فان القيادة المركزية للتنظيم لم تكن تحتاج الى الجماعات الفرعية المشكلة حديثا من أجل شن هجمات في أوروبا حيث كان لديها كل الموارد اللازمة لذلك من خلال المجندين الأجانب والأموال ومعسكرات التدريب، وهو ما قاد الى وقوع الى سلسلة من الهجمات القاتلة في فرنسا وبلجيكا.
وتابع التقرير أنه بعد سنوات من عمليات مكافحة الإرهاب التي نفذتها قوات الامن في العراق وسوريا، بالاضافة الى الولايات المتحدة وغيرها، فان التنظيم أصيب الضعف في معاقله السابقة، وأصبح التنظيم مشتتا وضعيفا.
ونقل التقرير عن مسؤولين امنيين غربيين مطلعين بشكل كبير على تنظيم داعش في العراق وسوريا، قولهم إن الجماعة تخلت عن مشروعها لاعادة اقامة ما يسمى بــ”الخلافة”، إلا أن الضربات الناجحة على أهداف دولية يمكن أن تعتبر أنها “مفيدة للمعنويات ولاسم داعش وتعوض عن الفشل في موطنها الأصلي”.
وذكر التقرير بأن عمليات مكافحة الإرهاب التي قادتها الولايات المتحدة أدت إلى مقتل عدد من قادة تنظيم داعش في سوريا الذين من المعتقد أنهم كانوا يخططون للقيام بهجمات في أوروبا.
ونقل التقرير عن “معهد واشنطن” الأمريكي قوله إن قرار الجيش الأمريكي بالتحرك ضد هؤلاء الأفراد “قد يشير إلى أن التهديد الذي يشكلونه يجب التعامل معه بشكل فوري. وقد يشير ذلك ايضا الى ان داعش يعيد ترتيب أولويات العمليات الخارجية، وهو ما لم يكن لديه القدرة على القيام به لبعض الوقت”.
وبحسب الخبراء، فإن هذه القدرة الجديدة جاءت من الجماعات المرتبطة بالتنظيم، فيما ذكر التقرير أن هجوم موسكو كان من أفعال تنظيم “ولاية خراسان” المرتبط بداعش، والذي تأسس في العام 2015، وقام بجهود في اسيا الوسطى من اجل اطلاق مجندين جددا في اوروبا وروسيا، بالاضافة الى تركيا. ولفت التقرير إلى أن المشتبه بتورطهم في هجوم موسكو، هم من طاجكستان.
وبحسب التقرير فان المسؤولين الامنيين في الغرب يركزون على الاتصالات بين الفصائل المرتبطة بداعش لكي يجيبوا على السؤال المهم المتعلق بحجم الروابط الوثيقة بين الفروع التابعة وبين القيادة المركزية للتنظيم، حيث تشير الادلة من مناطق جنوب الصحراء الافريقية حيث تمدد التنظيم كثيرا خلال السنوات الماضية، إلى أن القيادة المركزية لداعش على اتصال وثيق مع الجماعات التابعة لها وتدير شبكات اتصالات متطورة.
واشار التقرير الى ان زعيم ولاية غرب افريقيا الداعشية حبيب يوسف هو عضو حاليا في مجلس القيادة المركزي للتنظيم، مضيفا أن تعيينه في هذا الموقع يشكل دليلا على المكانة الناجحة التي تتمتع بها هذه الجماعة التابعة لداعش.
ونقل التقرير عن الباحث في “المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي” فنسنت فوشيه قوله ان “هناك شهادات لقادة داعش في غرب أفريقيا يتحدثون فيها عن طلبات للحصول على المشورة تتعلق بهجمات أكبر، وتقديم المقترحات والمعلومات الاستخبارية. وهناك الكثير من النصائح الفنية والفقهية التي يتم إرسالها”.
واضاف قائلا انه “في بعض الأحيان يأتي زوار، غالبيتهم من العرب أو الشيشان، من أجل تقديم المشورة والتدريس والتشاور، الا انه يبدو ان الجزء الاكبر من المناقشات، تجري عبر الانترنت”.
وتحدث التقرير عن تقديرات للاستخبارات الغربية والأمم المتحدة بان هناك انظمة تواصل قائمة تربط داعش خراسان بالقيادة المركزية للتنظيم خلال السنوات الماضية، وأنه في بعض الأحيان يسافر السعاة لجلب الاموال او نقل التعليمات الى القادة الرئيسيين في وسط وجنوب آسيا، فيما يقول مسؤولون أمنيون انه يجري الاعتماد على مجموعة من منصات التواصل الاجتماعية المشفرة لنقل الرسائل، وربما تم اعتراض بعضها، مما ادى الى تحذيرات امريكية حديثة من هجوم لتنظيم داعش على أماكن في روسيا مثل قاعات الحفلات الموسيقية، وهي تحذيرات جرى نقلها الى موسكو الا انه تم اهمالها.
وذكر التقرير أن أحد المخاوف تتمثل في أن نجاح الحملة ضد داعش في سوريا والعراق، تعتمد بدرجة كبيرة على وجود قوات امريكية وغيرها على الأرض والقدرة على العمل مع الشركاء المحليين، إلا أن ذلك الحال لا ينطبق على أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية منها، وذلك برغم أن حركة طالبان تناضل من أجل القضاء على تنظيم ولاية خراسان.
وتابع التقرير أن داعش حاول استغلال الصراع في غزة بهدف حشد اتباع جدد ودفعهم الى التطرف، حيث وجه سلسلة من الدعوات لشن هجمات في كافة أنحاء العالم على أهداف مدنية. واضاف ان داعش في احد بياناته عرض نصائحه المتعلقة ب”الخطوات العملية لمحاربة اليهود” الا انه ايضا انتقد حركة حماس بسبب علاقاتها بإيران وتركيزها الضيق على اسرائيل. ولفت التقرير الى ان داعش دعا الى شن هجمات ضد اليهود، وتحديدا في امريكا الشمالية واوروبا.
ونقل التقرير عن التقييم السنوي للاستخبارات الامريكية، الذي صدر مؤخرا، القول انه يرجح ان الفروع الإقليمية لتنظيمي داعش والقاعدة، سيتوسع خطرها في المستقبل برغم الخسائر القيادية الاخيرة، وذلك من خلال الخلايا الصغيرة أو الأفراد المتأثرين بالتنظيمات الارهابية .