حرية – 23/4/2024 – سامراء
سماح علي زيدان
كاتبة وباحثة اجتماعية وسياسية
كغزالة طوقها الضباع في ليلة ظلماء، فلا رحمة تفك قيد أسرها، ولا معجزة سماوية تنجيها،أسمها العباسي (سر من رأى) بمعنى(من رآئها سَعُد) لكن واقعها المرير يحكي قصة معاناة مختلفة
أربعة سنوات مضت والمأساة تخيم فوق سماء الملوية،معاناة تستمر بإستمرار فشل مشاريع البنى التحتية وإعادة هيكلتها، خطوة متأخرة بالنسبة لمدينة يتغنى بحسنها وحضارتها التاريخ لما تحمله من مجد عريق وتاريخ مشرق،مدينة ينبغي أن يكون واقعها أفضل من ماضيها لكن دواليب الزمان أنقضت عليها حتى انهكتها،أربعة سنوات أنقضت وواقع هذه المدينة ينحدر بالتدريج،مدينة مأسورة بفعل تحوطات العسكرية والأمنية التي عطلت حياتها وشلت حركتها من جميع الجوانب الإجتماعية والإقتصادية والحياتية.
سامراء هذا الأسم الذي يحمل على عاتقه التاريخ المجيد لا ينبغي له الإ ان يكون أسم حر في سماء الإبداع والتميز والإبتكار والثقافة والسياحة والرقي والتقدم والازدهار،الإعتناء بهذه الجوانب ، مدينة مثل سامراء أمر على الحكومات المحلية و المركزية التركيز عليه،لترسيخ أسمها في قائمة التاريخ لكنها مهملة ومركونة على الجانب الآخر، جانب غير مشرق،جانب من العزلة، وانعدام الحركة،والحياة الطبيعية المزهرية،كلنا عندما نسافر إلى بلدان عربية نجد أن البلدان قد تغيرت معالمها بفعل متغيرات الزمن والتطور الحضاري والثقافي والتكنولوجي حتى أضحت تنافس بلدان الدول المتقدمة في الإبداع والتكنولوجيا والثقافة والحضارة لكننا في بقعة تقف في ذات المكان والمحطات ولا يتقدم بنا سوى العمر والسنين.
فحين نتحدث عن التطورات الحاصلة في هذه المدينة لا نجد سوى الرجوع إلى الخلف حتى يخجل السامع مما يسمع من القصص والشواهد التي تعكس واقع هذه المدينة اليوم، فلقد فرضت أحكام الزمان والحاكمين على هذه المدينة اموراً لا تليق بتاريخها وحضارتها حتى وصل بها الحال نحو الذل والهوان،فلا شيء أكثر ذل من أن تتحكم الكلاب بدخولك وخروجك من مدينتك التي تنتمي لها،(k9) إسم اشتهر عند مسامع أهالي المدينة لكلبٍ وضعته سيطرة الحويش ليتفحص كل عربة تمر بها ليتم بعدها منح القادمين إليها ورقة تحمل أمر دخول،صورة مشوه لمدينة تحمل من معاني الأصالة والطيبة والوفاء الكثير لكن عيوب الزمان محت كل تلك الملامح.
مدينة أهملت على مر السنين الواحدة والعشرين الماضية على الرغم من أن الصرفيات التي قدمت لها تستطيع فرض حياة مزدهرة،ورفاهية عليا،واقتصادٍ يدر على المدينة كنوز من خلال استثمار امكانياتها الطبيعية والحضارية لكن فيما يبدو أن المؤمرات والمطامع الشخصية غُلبت على مصلحة عامة أهل هذه المدينة
لا تكاد تنهض هذه المدينة حتى تسقط مرة أخرى بعثرات الزمان،حتى شلت حركتها إقتصادياً وتجارياً فجميع التجار وأصحاب المصالح تعاني من نسبة ركود عالية بسبب ارتفاع نسبة الفقر،وغياب إقبال السائحين إليها لإنعدام الخدمات والطرق المعبدة فيها،حركة الاسواق ضعيفة وغير حيوية حتى اتخذت أغلب التجار طرق ومدن أخرى للترزق والعيش بعيداً عن هذه المدينة التي لا تحمل من معاني المدينة سوى الأسم أما الحقيقة فهي لا يكاد يطلق عليها سوى قرية ولربما واقع القرى المحيطة بها بات أفضل.
المسؤولية كبيرة على الحكومات المحلية والمركزية أن تكون جديرة بصنع واقعٍ افضل للمواطن السامرائي وتجتهد لفرض انتمائها للمدينة و أهلها قبل كل اعتبار بعيداً عن الإنتماءات الأخرى فهي تستحق لتعود أمجادها وحضارتها وتاريخها واجهة لكل الشعوب والأمم.