حرية – (28/4/2024)
حسن حسين جواد الحميري
على خلاف باقي المهن التي في الغالب تؤتي أكلها قريبا وسريعا يمضي الفلاح وقت انتظار صعب، بين وقت اول البذور زرعها في ارضه وبين وقت حصاد ثماره او منتوجه وبيعه وتسويق، ومن ثم الحصول على المقابل السعري او النقدي او ثمن هذه الجهود الطويلةو الحثيثة و المضنية والتي طال انتظارها حتى أصبح يوم جنيها والحصول عليها عيدا لايقل في فرحته عن ايام الأعياد الدينية، هذابعد أن يكون هذا الفلاح الباسل قد حماه الله من غول الجوائج و العواصف والامطار الثقيلة المحملة بالتراب اوبحبات البرد(الحالوب) او الصقيع او الحريق او المناخ الشديد الحراره او بسب عدم توفر المياة وتعرض المزروعات للابادة والنهاية، مثل هذه االحالات وغيرها والفلاح وعائلته وهم يرعون هذا المحصول ليثمر ويحصد وليكون مالا يتنعموا بخيراته بعد انتظار ربما تجاوز لنصف سنة كاملة.
هو الفلاح فقط من يصبر على ذلك ولو كان هناك موظفا تأخر راتبه لستة أشهر لاقام الدينا واقعدها ولسب الدوله وهددها بالاستقاله و الإضراب ولقاد المظاهرات وأعلن العصيان لعدم استيفائه راتبه بعد ثلاثون يوم عمل في دائرته،ولحصلت مشاكل بين الحكومة الاتحادية وبين الإقليم بسبب تأخر صرف الراتب في الموعد المحدد!!
هو الفلاح فقط الذي يقسو عليه مجتمعه ولايفكر ولايبالي فيما اذا حصل هو وأسرته فقط على مايقيم اوده ام لا خلال فترة موسمية طويلة يتقلب فيها المناخ بين الحرارة والبرودة، بين النهار الطويل والليل القصير، بين الرياح الغربية والرياح الشرقية، بين دورات شمسية وأخرى قمرية،وهو ينظر للاخرين من أبناء وطنه وهم يتنعمون بدورات من رواتب شهرية وعلاوات سنوية وزيادات ثلاثينية وخمسينية، وسلف مليونية، و ركوب سيارات حكومية وتنزيلات فندقية واجازات مرضية وأخرى اعتيادية، مع مايرافق ذلك من رفاهية في العيش ويسر في الخدمات وتيسير في المعاملة.
كل هذا يتحمله الفلاح وهو قانع بمصيره وبقسمته في هذه الدنيا، الا ان الذي يسوء ولاينسجم مع العدل ان يرغم هذا الإنسان من قبل دولته ومجتمعه بعد كل هذا العناء على الدخول في معترك اخر صعب عند تسويق محصولة فترى السيارات المحملة بالحنطه والشعير وغير ذلك من الحبوب قد اتخذت طابورا طويلا جدا قد يكون قد تجاوز الأربعة او خمسة كيلو مترا،لنضيف متاعب جديدة لمتاعبه فبدلا من تسهيل استقبال محصوله خلال دقائق او قليل من الساعات الذي عدنا نرضى بها أضحى هذا الإنسان يقضي أياما صحبة العجلة التي تحمل حبوب حقله وهو ويقاسي حرارة الجو نهارا وبرودة اليل نائما على قارعة الطريق. ومن حقنا ان نتسائل اليس هناك من خطة توضع لاستقبال خيرات الفلاح كان تحدد ايام محددة لكل قرية او منطقة تسليم وارداتها، وان تأخرت منطقة في التسليم في يومها المحدد فهناك يوم آخر ينتظرهم بموجب جدول ونظام مطبوع وموضوع.
ان من شان هذه الفوضى ان تؤثر على كفاءة إنتاجية الفلاح وتفرغه لاعماله الأخرى وخصوصا اذا أخذنا بنظر الاعتبار انه انسان ويحتاج للراحة بعض الوقت وقد يحتاج لمراجعة الطبيب او مراجعة دائرة لإكمال معاملة إدارية او القيام بسفرة سياحية.
كما من شان هذه الفوضى ان تدفع الفلاح للبحث عن وسائل غير شرعية في تسليم منتوجه فيسعى للمتوسط او للقيام باعطاء الرشوة. كما أن من شان هذا الأسطول الهائل من السيارات المتوقعة ان يتهالك بسب الاثقال التي يحملها وتأثيرها السئ على الشارع الذي تقف عليه وعلى أجهزة السيارة التي تنوء بحملها.
اتمنى ان ينال المقال اهتمام أصحاب الشأن الزراعي.