حرية – (7/5/2024)
عند سماع كلمة الذهب كانت الصورة التي نتخيلها عنه سابقاً هي على شكل سلسال أو حلق أو أسورة، لكن اليوم اختلف الأمر، وأصبح هناك نوع من الذهب الصالح للأكل، يُستعمل لإبهار الزبائن في المطاعم الكبرى.
ولأن الذهب دائماً ما كان مثالاً للرفاهية والثروة والمكانة العالية، فقد أصبح محبباً للأكل بشكل ملحوظ خلال السنوات الاخيرة، وهذا ما يتم التسويق له عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن السؤال المطروح هنا هو: هل الذهب الصالح للأكل له أي فوائد صحية؟ وهل فعلاً يمكن أن يسبب التسمم الغذائي في بعض الأحيان؟
تاريخ الذهب الصالح للأكل
تناول الذهب ليس بالأمر الجديد؛ إذ إن هذا السلوك يعود تاريخه إلى ما يقارب 5000 سنة مضت، وذلك عند المصريين القدماء، وفي بعض الثقافات الأخرى مثل اليابان والصين والهند.
فقد كان الذهب الصالح للأكل موجوداً منذ ذلك الوقت، حتى إن الملوك الأوروبيين استخدموا الذهب على شكل زينة للطعام في العصور الوسطى.
لكن في تلك الفترة لم يكن يتم الحديث عن سمية الذهب، أو منافعه ومضاره على الصحة، عكس الوقت الحالي، عندما عاد بقوة ليكون شائعاً في بعض الوجبات الراقية والتي يتم تحضيرها من طرف طباخين عالميين.
هل الذهب سام؟
هناك العديد من الأسئلة التي يتم طرحها حول الذهب، من بينها ماذا يحدث إذا أكلت هذا؟ هل الذهب صالح للأكل؟ هل الذهب سام؟ وإذا كان الأمر كذلك، ما هي أعراض التسمم؟
لكن الجواب ببساطة هو: لا، الذهب الخالص ليس ساماً، دعونا نشرح ذلك:
يجب أولاً معرفة الفرق بين الذهب الصالح للأكل والآخر الذي يُستعمل في صناعة المجوهرات بمختلف أنواعها.
إذ على الرغم من أن كليهما من نفس المعدن، إلا أن الذهب الموجود في هذا الأكل ليس له سوى القليل من القواسم المشتركة مع المجوهرات.
في حين أن معظم المجوهرات مصنوعة من الذهب عيار 14 أو 18 قيراطاً، ثم يتم دمجها مع السبائك المعدنية لمزيد من القوة، إلا أن الذهب الصالح للأكل يجب أن يكون نقياً.
لذلك يتراوح الذهب الخالص بين 23 – 24 قيراطاً، وهو خالٍ تماماً من أي معادن أخرى قد تكون ضارة بالصحة.
تمر أوراق الذهب ورقائق الذهب الصالحة للأكل بعملية محددة، من خلال إعدادها عن طريق طرق الذهب أو دق ولف الصفائح المعدنية مراراً وتكراراً حتى يصل سمكها إلى 1/8000 من المليمتر.
لكن وفقاً للعلم، فإن الذهب خامل، مما يعني أنه لا يتحلل بسهولة؛ لذا، عند تناول وجبة بها كمية من الذهب الخالص، فإنه لن يذوب في مجرى الدم، وسوف يمر في الأخير على شكل براز دون تقديم أي منافع أو مضار للجسم.
كما أنه عند أكل الذهب، لن يكون هناك أي فرق في الطعم، لأنه لا طعم له، لذلك يتم إضافته إلى العديد من الوصفات سواء كانت حلوة أو مالحة دون الخوف من تغير طعمها.
ماذا يحدث عند أكل الذهب؟
لقد عززت الثقافة الملكية الهندية فكرة أن إضافة المعادن النبيلة، مثل الذهب، إلى نظامهم الغذائي معتبرين أنه سيكون له تأثير على تحسين المهارات المعرفية وتعزيز الصحة تماماً.
ولقد جمعوا جزيئات الذهب مع العديد من الأعشاب والتوابل، وابتكروا وصفات لا تُنسى، لوّنت المطابخ الهندية الملكية بصور وعطور حية.
كما قد استخدم الصينيون القدماء الذهب لإنشاء إكسير غامض، وكان أحدها إكسير الحياة أو إكسير الخلود، المعروف أيضاً باسم حجر الفلاسفة.
لكن اليوم ومع التطور العلمي، فقد تبين من خلال الأبحاث التي أجريت عليه أن لا فوائد غذائية للذهب، لذا فإن مجرد تناول أوراق الذهب أو غبار الذهب لن يوفر لك أي قيمة صحية.
ومن الجدير بالذكر أنه خالٍ من الغلوتين؛ لذلك يمكنك الاستمتاع به حتى لو كنت تعاني من حساسية الغلوتين وعدم تحمله.
ولهذا فإن الفائدة الصحية الوحيدة من استهلاك الذهب الصالح للأكل هي الفائدة النفسية؛ كون الاعتقاد بأن تناول شيء ثمين ونادر في نفس الوقت قد يكون له تأثير إيحاء ذاتي على المستهلك بأنه مفيد أيضاً لصحته.
الآثار الجانبية لتناول الذهب
ومن الآمن أن نقول إنه لا توجد آثار جانبية سلبية لتناول الطعام الذي يحتوي على الذهب، طالما كان نقياً ولا يحتوي على شوائب.
إذ تتراوح عيارات الذهب الخالص بين 23 و24 قيراطاً، وغالباً ما يُعتبر الذهب عيار 24 قيراطاً ناعماً وهشاً للغاية، ولهذا السبب يحتوي على كميات صغيرة من الفضة النقية أيضاً الصالحة للأكل كذلك.
وحسب مراكز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها تفيد بأن الذهب ليس سماً، وهذا ما تتفق عليه أوروبا كذلك.
إذ إن إدارة سلامة الأغذية الأوروبية (EFSA) أنشأت تصنيفاً يعرف باسم E-175 لتحديد الذهب الآمن للاستهلاك البشري. تم تقييم تأثيرات وسلامة E-175 لأول مرة في عام 1975 وأعيد تقييمها مؤخراً في عام 2016 من قبل EFSA.