حرية – (7/5/2024)
قد يكون سعر حقيبة يد نسائية جلدية بقياس 15 × 20 سنتيمتراً معادلاً أحياناً لسعر سيارة صغيرة، إذ باتت هذه الأكسسوارات الفاخرة في سنوات قليلة مرغوبة جداً إلى حد تحولها استثماراً مالياً ونشوء سوق موازية في هذا المجال.
ولم تعد المجلات النسائية مثلاً، في العامين الأخيرين، تتحدث عن “امتلاك” أو “وضع” أو “شراء” هذه الحقيبة أو تلك، بل أصبحت تستخدم تعبير اختيار حقيبة “للاستثمار” فيها.
وتوضح نجمة الشبكات الاجتماعية ماي بيرتلو المتخصصة في السلع الفاخرة المستعملة ومديرة المنتجات في “فينتد” أن قيمة بعض الحقائب تزيد أحياناً “فور الخروج من المتجر”.
وتشرح الباريسية التي اشترت في بداياتها بضع حقائب باهتة أن “الاستثمار في حقيبة يد يعني ببساطة وضعها (أو عدم وضعها) وإعادة بيعها مع استرداد قيمة الاستثمار في الأقل”.
وعندما كانت طالبة، اهتمت بشراء حقائب يد قديمة تعرض في مزادات لدار “دروو”، مسترشدة بنصائح “جدات ثمانينيات”، وتعلمت تصليحها، وكان تضعها عندما تذهب إلى الجامعة في فرساي أو تبدو بها “أشبه بالمتشردة”، لكنها بدأت بتوسيع نطاق اهتماماتها، فتشتري هذه الحقائب وتعيد بيعها إلى الخارج.
وتتزايد الحسابات المتخصصة في “الاستثمار” في حقائب اليد زيادة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، وهي تجتذب خصوصاً الشابات اللاتي لا تتوافر لديهن الإمكانات للاستثمارات التقليدية.
لكن هذه الاستثمارات لا تخلو من الأخطار، على ما تنبه ليا لوجون، مؤسسة موقع “بلان كاش” الفرنسي لتعليم الاستثمار للنساء، التي تنصح مثلاً بعدم المشاركة في المزاد في اليوم الرئيس تفادياً “للانجرار” إلى لعبة المزايدات.
وباتت دور المزادات تعول كثيراً على هذا الاهتمام بحقائب اليد الفاخرة المستعملة، وتوليها اهتماماً لا يقل عن تركيزها على بيع لوحات كبار الفنانين.
واستعاضت “كريستيز” مثلاً عن قسم الأزياء لديها بقسم للأكسسوارات، وحققت من خلالها مبيعات بقيمة 35.8 مليون دولار في هذا القطاع عام 2023.
وتوضح مديرة هذا القسم لوسيل أندرياني أن “الطلب كبير جداً”، مشيرة إلى أن “النمو الذي يشهده هذا القسم استثنائي”، وتفيد بأن 61 في المئة من الزبائن في قطاعها هم من جيل الألفية الذين تراوح أعمارهم ما بين 25 و35 سنة، وأكثر من نصفهم يشاركون للمرة الأولى في المزادات الحضورية أو الافتراضية للدار.
وتلاحظ رئيسة قسم المنتجات الجلدية في منصة “كولكترز سكوير” المتخصصة التي أسسها موظفون سابقون في دار “آركوريال” سارة بناني أن ثمة منتجات ذات قيمة مؤكدة في هذه السوق، ومنها “حقيبتا (بيركين) و(كيلي) من دار (إيرميس)، والإصدارات المحدودة من حقائب (سبيدي)، وصناديق (لوي فويتون) القديمة، وحقائب (شانيل) المصنوعة من الجلود غير التقليدية التي شهدت أسعارها والطلب عليها زيادة كبيرة منذ إعلان دار الأزياء توقفها عن استخدام هذا النوع من الجلود”.
وتعرض “كريستيز” و”كولكترز سكوير” حقائب “بيركين” في المزادات بسعر يبدأ من نحو 100 ألف دولار، في حين قد أنها قد تباع أحياناً بسعر نهائي فعلي يصل إلى نحو نصف مليون دولار.
فالدور المنتجة لهذه الحقائب تدير ببراعة لعبة العرض والطلب، فتحرص “إيرميس” مثلاً على عدم بيع أي قطعة من “بيركين” إلا على قائمة الانتظار، مما يؤدي إلى نشوء اقتصاد مواز، وإلى مبيعات قياسية عبر المنصات.
ورفع شخصان من ولاية كاليفورنيا الأميركية دعوى قضائية ضد العلامة التجارية الفرنسية بعدما سئم الانتظار، متهمين إياها بانتهاج نظام يشجع المستهلكين على شراء كمية من الأكسسوارات لكي يكسبوا مكانة كافية تخولهم شراء “بيركين”.
أما حقيبة 2.55 المبطنة الشهيرة ذات السلسلة من “شانيل” فكانت تباع لقاء نحو بمبلغ 1600 دولار في 2005، لكن ثمنها ناهز 11 ألف دولار عام 2024، بزيادة قدرها نحو 20 في المئة في عام واحد فحسب.
وتوضح الدار الباريسية رداً على سؤال عن هذه الزيادة أن “الحصول على المواد التي تلبي” متطلباتها “بات يتسم بقدر متزايد من الصعوبات”، وأن التضخم أثر في أسعار هذه المواد.
وتضيف “شانيل” أنها تحرص على “الاستمرار في تجسيد أعلى درجات الرفاهية”، رافضة “الاستسلام لإغراء زيادة حجم المبيعات”… ولكن ليس لإغراء زيادة الأسعار.