حرية – (12/5/2024)
كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الأحد 12 مايو/أيار 2024، أن 10 ضباط وجنود للاحتلال انتحروا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعضهم في الساعات الأولى من عملية طوفان الأقصى، وجزء منهم خلال المعارك في مستوطنات غلاف غزة.
الصحيفة العبرية أفادت في تقريرها بأن المعطيات التي حصلت عليها من الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن عشرة جنود انتحروا، بينهم ضباط برتبة رائد ومقدم، وتم الاعتراف بهم على أنهم “شهداء”، لكن الجيش يرفض الإفصاح عن تفاصيل أخرى.
الصحيفة نقلت عن خبراء قولهم إن معظم حالات الانتحار في الجيش هي في صفوف جنود شبان، لكن هناك تأثيرات غير مألوفة لـ7 أكتوبر، “وفجأة تعين على الجيش التعامل مع ميول للانتحار في أوساط جنود وضباط في الخدمة العسكرية الدائمة وفي الاحتياط في الثلاثينات والأربعينات من أعمارهم”.
حالات انتحار خلال القتال
من جانبه، أوضح رئيس مركز أبحاث الانتحار والألم النفسي في المركز الأكاديمي “روبين”، بروفيسور يوسي تيفي – بلز، أن “هذا الأمر كان مفاجئاً جداً، فنحن لسنا معتادين على حالات انتحارات خلال القتال”.
وتابع: “حالات كهذه كانت تحدث غالباً في نهاية المعارك، وبين أشخاص يعانون من حالة ما بعد الصدمة بالأساس ويستمرون بالاستيقاظ كل صباح على مشاهد ونغمات وشعور بالذنب. وهذه الحالات النادرة من شأنها أن تدل على شدة الفظائع التي حدثت في غلاف غزة في تلك الساعات، وعلى تأثيرها على الوضع النفسي لأولئك الذين اطلعوا عليها”، وفق ما نقلت عنه الصحيفة.
كما أوضحت الصحيفة أن أحد الذين انتحروا هو ضابط في الخدمة الدائمة، عُثر عليه في سيارته بعد أن أطلق النار على نفسه، بعد أسبوعين من هجوم “طوفان الأقصى”.
ووفقاً للجيش الإسرائيلي، فإنه لم يتم التوصل إلى وجود قاسم مشترك بين حالات الانتحار هذه وبين ما حدث في 7 أكتوبر، إلا أن أفراد عائلة وجنود زملاء لهم أفادوا بأن قسماً من الجنود القتلى “عانوا من ضائقة نفسية تسببت بها الفظائع التي واجهوها في غلاف غزة”. وأحد الضباط، وهو طبيب في قوات الاحتياط، انتحر في تشرين الثاني/نوفمبر.
الاحتلال يتستر على الأعداد
وفيما تشير معطيات الجيش الإسرائيلي إلى انتحار عشرة جنود وضباط، منذ بداية الحرب وحتى 11 أيار/مايو الجاري، “لكن الجيش يرفض ذكر أي أسماء نُشرت، بما في ذلك تفاصيلهم، وأي أسماء محفوظة حتى الآن في سجلات الجيش فقط. وذلك بسبب سياسة الجيش المتذبذبة”.
كما لفتت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي برَّر سياسته في البداية بوجود “ضرورات ميدانية لا تسمح بالتحقيق في كل حالة تبين فيها أن الجندي انتحر”.
إلى ذلك، قال مصدر عسكري إنه “اعتقدنا أن الإعلان عن ذلك من شأنه المس بمعنويات الجمهور”. فنشر أسماء الجنود القتلى “يسبب ألماً كبيراً لدى الجمهور، واعتقدنا أنه لا حاجة إلى إثارة أمر كهذا بسبب حالات لم يمت فيها جنود في معركة أو بسبب حادثة عملياتية”.
“أعراض ما بعد الصدمة”
وأفادت الصحيفة بأن قائمة الجنود الذين انتحروا لا تشمل جنوداً تسرحوا من الخدمة العسكرية وانتحروا متأثرين من القتال، وبينهم رجل في الثلاثينات من عمره والذي عاد من الخدمة في قوات الاحتياط في قطاع غزة وأشارت إفادات إلى أنه كانت لديه أعراض ما بعد الصدمة، وانتحر داخل سيارته، الشهر الماضي، في بلدة غان يبنة.
وقال ليفي – بلز إن “استدعاء قوات الاحتياط كان واسعاً للغاية وليس مستبعداً أنه كان هناك جنود واجهوا أفكاراً سوداوية قبل 7 أكتوبر، واطلعوا على مشاهد صعبة شكلت دافعاً للانتحار، وهذه المشاهد كانت عملياً بالنسبة لهم القشة التي كصمت ظهر البعير”.
وحسب معطيات الجيش الإسرائيلي، فإنه تم الإعلان عن مقتل 620 جندياً وضابطاً منذ بداية الحرب على غزة، لكن الصحيفة أشارت إلى أن عدد الجنود القتلى في سجلات الجيش هو 637، وبين الجنود الـ17، جنود قُتلوا في حوادث طرق وآخرون أقدموا على الانتحار ولم يُعلن عن مقتلهم.
ولفتت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي أخفى في الماضي معطيات حول انتحار جنود. “ورفض الجيش طوال السنين الماضية الكشف عن معطيات حول عدد الجنود الذين انتحروا، واستمر في التعتيم على هذا الموضوع”.
الصحيفة أضافت أنه بعد أن قدمت طلباً للحصول على معطيات بهذا الخصوص بموجب قانون حرية المعلومات، تبين أنه منذ العام 1973 انتحر 1227 جندياً، لكن الجيش يدعي أنه لا توجد بحوزته معلومات عن سنوات سابقة.
لكن الصحيفة نقلت عن مصادر مختلفة قولها إن عدد الجنود الذين انتحروا أعلى، لأنه “طوال سنين تم الحفاظ على سرية حالات موت كثيرين ووصفها أنها حوادث أسلحة، وليس كانتحار، وأحياناً تم ذلك بطلب صريح من عائلاتهم”.