حرية – (16/5/2024)
قصص مثيرة تختزل كثيرا من التفاصيل الشبيهة بأفلام الحركة، لكنها تعكس واقعا من حقبة زمنية استعرت فيها حرب المخابرات بين الشرق والغرب.
وعرفت حقبة الحرب الباردة بنشاط مكثف لعملاء المخابرات السوفياتية “كي جي بي” في مراقبة الدبلوماسيين والعملاء من الدول الغربية الذين يحملون في جعبتهم كثيرا وكثيرا من الحكايات المثيرة بعضها مضحك وبعضها يعكس واقعا أكثر قتامة.
قدر محترق ومكان نزهة
من بين هذه الحكايات قصة دبلوماسية بريطانية استيقظت أحد الأيام لتجد قدرا محترقا بشدة على الموقد، ولأنها أدركت جيدا أنها تخضع لمراقبة عملاء المخابرات تركت ملاحظة لتحذيرهم وكتبت قبل خروجها من المنزل: “لقد ذهبت بعيدا بعض الشئ”، وعند عودتها وجدت الرد: “لقدر تركتيه قيد التشغيل وقمنا بإيقافه”.
وفقا لصحيفة “تلغراف” البريطانية فإن الحكاية التي رواها مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي الكاتب أندرو ووكر، الذي كان يعرف الدبلوماسية المذكورة كانت واحدة من عشرات الحكايات التي انتشرت ردا على قصة ذكرها إيرل أكسفورد الثالث في سلسلة وثائقية جديدة لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.
واللورد أكسفورد (71 عامًا)، كما هو معروف، ترأس محطة MI6 في موسكو خلال منتصف الثمانينيات، وتمكن في واقعة مشهورة من تهريب العميل المزدوج أوليغ غورديفسكي عن طريق قيادته عبر الحدود الفنلندية عام 1985.
وحكى اللورد أكسفورد أنه في أحد الأيام، تجادل هو وزوجته حول مكان نزهة أطفالهما في عطلة نهاية الأسبوع، وبعدما سئم اللورد من الجدال خاطب السقف بتفاهة: “حسنًا، أين اتفقنا؟”، ولدهشته، ظهرت بعد قليل رسالة أسفل الباب تؤكد موافقتهم على “كوسكوفو”.
ابتسم اللورد وقال: “اعتقدت أن هذا كان أحد مراقبي المخابرات السوفياتية (كي جي بي) وكان يتمتع بروح الدعابة، في الواقع”.
هذه الحوادث قد تبدو غير بديهية، وتتناقض مع المعلومات الاستخباراتية التي تقول إن ضابط المراقبة المكلف بالتنصت على أو متابعة هدف أجنبي لا ينبغي له أن ينبهه إلى وجوده، وبالطبع لا ينبغي له أن يتفاعل معه، لكن الواقع يكشف أن هذا النوع من التفاعلات ربما كان أكثر شيوعا مما نعتقد.
قصص أخرى
ويبدو أن “التاريخ مليء بمثل هذه القصص”، وفقا لما قاله الأكاديمي والمؤرخ كالدر والتون، مؤلف كتاب “الجواسيس: حرب الاستخبارات الملحمية بين الشرق والغرب”.
وأضاف والتون أن “عمليات المراقبة بدأت فعليا قبل الحرب العالمية الثانية، لكن الحكومات الغربية لم تفهم حقا المدى الكامل للتنصت السوفياتي حتى اندلعت الحرب الباردة”.
وأشار إلى اكتشاف جهاز تنصت سري مدمج في لوحة خشبية منحوتة، سلمها الاتحاد السوفياتي إلى السفير الأمريكي دبليو أفريل هاريمان عام 1945، وجرى تعليقها في مكتبه لمدة 7 سنوات وبعد اكتشاف الجهاز بدأ الناس بتمرير الملاحظات على المكتب بدلا من الكلام.
وقال والتون: “كان هذا هو حال الاتحاد السوفياتي في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث كان الذكاء يساوي وزنه ذهبا”، مضيفا أن “الأشخاص من الغرب الذين كانوا عملوا هناك كضباط مخابرات تعرضوا للترهيب والتهديد وليس فقط للمراقبة والتنصت”.
وأوضح والتون أنه رغم أن الحكايات خفيفة في كثير من الأحيان، إلا أن الواقع كان أكثر قتامة، مشيرا إلى أن العملاء السوفيات كانوا سعداء بإخبار أهدافهم أنهم مراقبون.
وقال: “كانوا يقتحمون الشقق طوال الوقت، وأحد الأشياء المفضلة لديهم هو وضع دبابيس رسم مقلوبة على الأرائك”.
وتابع: “كانوا يعيدون ترتيب الأشياء ويستخدمون المرحاض ويوضحون أن شخصا استخدمه”، لافتا إلى أن الحيلة الأكثر شيوعا حول العالم كانت تغيير محطة راديو السيارة الخاصة بشخص ما.
واعتبر والتون أن الأمر يبدو صبيانيا، لكن الهدف الأساسي كان أن يعلم هؤلاء أن عملاء المخابرات كانوا هناك، وبالتالي تخويفهم والعبث معهم.