حرية – (1/6/2024)
في خطوة يترقبها عدد كبير من المستثمرين، تبدأ السعودية يوم الأحد عملية بيع حصة إضافية من شركة أرامكو النفطية، عبر طرح أكثر من مليار سهم من أسهمها تقدّر بنحو 10 مليارات دولار في البورصة المحلية.
وبحسب أرامكو تشمل عملية الطرح 1.545 مليار سهم، تمثّل 0.64 في المئة من أسهم الشركة، ويتوقع أن يتراوح النطاق السعري لأسهم الطرح ما بين 26.7 ريالا سعوديا أي ما يوازي (7.12 دولارات)، و29.0 ريالا سعوديا أي (7.73 دولارات) للسهم الواحد، ما يعني أنها ستجمع نحو 12 مليار دولار عند الحد الأقصى للنطاق السعري.
وفور الإعلان، نُقل عن الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر قوله إن “العرض يوفّر لنا فرصة لتوسيع قاعدة المساهمين بين المستثمرين السعوديين والدوليين، كما يوفر لنا فرصة لزيادة السيولة وزيادة وزن مؤشرنا العالمي”.
هذا الإعلان جاء ملفتا من حيث التوقيت، إذ تحدثت تقارير غربية عن أن المملكة تبحث عن مصادر تمويل لمشاريعها خصوصا تلك التي تدخل في إطار رؤية 2030.
كبير مستشاري وزير البترول السعودي سابقا الدكتور محمد سرور الصبان يرى أن توقيت الطرح الجديد لأرامكو ليس مرتبطا بأسعار النفط أو بفترة محددة، إنما يأتي من ضمن سلسلة مراحل للوصول إلى هدف حددته رؤية 2030 منذ سنوات، ألا وهو الطرح التدريجي لمزيد من الأسهم بما لا يزيد عن ٥ في المئة.
لماذا اختيار هذا التوقيت؟
وأضاف الصبان في حديث لـ بي بي سي نيوز عربي أن المستفيد من الطرح هو المواطن السعودي في الدرجة الأولى على الرغم من أن هناك اكتتابين، واحد للأفراد السعوديين وآخر للمقيمين والأجانب، وأشار إلى أن وجود مساهمين في مجلس الإدارة سيؤدي إلى تنوع الآراء داخل المجلس وبالتالي تحسين الأداء في إطار عمليات أرامكو.
الخبير في شؤون الاقتصاد والطاقة عايض آل سويدان يرى من جهته أن اتخاذ مثل هذه القرارات يجري بعد دراسة حيثية ومطولة حول الظروف الاقتصادية التي يعيشها العالم، ومنها أسعار النفط والتوترات الاقتصادية العالمية.
ويضيف لـ بي بي سي نيوز عربي أن التوقيت قد اختير بشكل دقيق، خصوصاً في ظل الزخم الكبير الذي تعيشه السوق المالية في المملكة العربية السعودية والقدرة الشرائية والاستثمارية، حيث سجلت آخر أربعة اكتتابات عامة، تغطية تتجاوز 480 في المئة من الطلبات، متوقعا أن تكون التغطية للاكتتاب الثانوي كبيرة جدا وناجحة.
ومن المتوقع أن تبدأ عملية تلقّي الطلبات يوم الأحد 2 يونيو/حزيران وحتى الخميس 6 يونيو/حزيران، ويحق للمواطنين السعوديين ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي وبعض الأجانب المقيمين في السعودية الاكتتاب على الأسهم، إما من خلال حساب مصرفي أو محفظة أسهم نشطة لدى أحد البنوك المستلمة.
كذلك من المقرر أن يتم تقديم الطرح للمستثمرين المؤسسيين في المملكة والمستثمرين المؤسسيين الموجودين خارج المملكة والمؤهلين وفقاً لأنظمة الاستثمار.
بحسب كبير مستشاري وزير البترول السعودي سابقا د. محمد سرور الصبان سيجذب هذا الطرح حتما المستثمرين الأجانب، ويقول إنها ليست أول مرة تحقق فيها الميزانية عجزا وهذا أمر اعتيادي في المملكة العربية السعودية.
ما هي النتائج الاقتصادية المرتقبة؟
ويشدد الصبان على أن محور الرؤية 2030 يقوم على التنويع الاقتصادي، ولكن هذا لا يعني أنه سيتم الاستغناء أو التقليل من الطلب العالمي على النفط، وإنما يعني فقط بأن المملكة ماضية في تنويع مصادر الدخل والاقتصاد في مختلف القطاعات الاقتصادية سواء في مجال تطوير المعادن والسياحة وحتى صناعات النفط من بتروكيماويات ومصافي التكرير.
كذلك يرى الخبير في شؤون الاقتصاد والطاقة عايض آل سويدان أن المملكة تطمح من خلال هذا الطرح بزيادة الاستثمارات بهدف تنويع اقتصادها، إذ تساعد عائدات بيع الأسهم في تمويل المبادرات الطموحة والمرتبطة بالتحول الاقتصادي، والتي تشمل الذكاء الاصطناعي، والرياضة، والسياحة وغيرها.
ويضيف آل سويدان أن النتائج الاقتصادية سوف تصبّ في مصلحة تطوير سوق المال السعودي والرفع من حجمه عالميا والدفع بالنمو الاقتصادي في مختلف المجالات فضلا عن تمويل المشاريع المرتبطة برؤية المملكة 2030، الأمر الذي سيدفع لتنويع مصادر دخل الدولة.
وبرأيه، تسير المملكة بخطى ثابتة نحو تنويع مواردها الاقتصادية بعيدا عن النفط، ويتضمن ذلك تحقيق هدف تعظيم القدرة الاستثمارية من العوائد المالية والذي قد يتم من خلال الطرح الثانوي لشركة أرامكو.
وتُعدّ شركة أرامكو خامس أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، علما أن الحكومة السعودية تمتلك حوالي 82 في المئة من أسهم الشركة.
ويُعدّ هذا الطرح الثاني بعد طرح عام أولي في عام 2019 لنحو 1.5 في المئة من أسهم الشركة، جمع وقتها مبلغا قياسيا بلغ 29.4 مليار دولار، ما جعله أكبر طرح عام أولي في التاريخ حتى الآن.
وتنتج شركة أرامكو حاليا نحو تسعة ملايين برميل من الخام يوميا، أي حوالي ثلاثة أرباع طاقتها القصوى، امتثالا لتخفيضات الإنتاج التي اتفق عليها تحالف أوبك بلاس الذي يضم أوبك وحلفاء، علما أنه من المقرر أن يحدد تحالف أوبك+ يوم الأحد سياسات الإنتاج التالية، وسط توقعات بتمديد التخفيضات الحالية إلى النصف الثاني من العام 2024.