حرية – (5/6/2024)
كشف موظفو الخدمات الصحية البريطانية (NHS) عن أنهم يحشرون عدداً كبيراً من المرضى في أجنحة المستشفيات، كما يجبرونهم للخضوع لفحوص حميمية أمام مرضى آخرين، ويتركونهم وهم يحتضرون في ممرات المستشفيات حيث يجبر الممرضون على التنقل من مريض إلى آخر.
تكشف شهادات الممرضين، المقدمة إلى “الكلية الملكية للتمريض” التي اطلعت عليها صحيفة “اندبندنت”، عن أنهم يضطرون طوال الوقت للقيام بممارسات “غير آمنة”، مثل وضع عدد كبير من المرضى في أجنحة لا تسعهم حيث عدد الموظفين غير كاف.
تأتي هذه التحذيرات في وقت حثت فيه النقابة الحكومة المقبلة على اتخاذ الإجراءات في شأن “حالة الطوارئ الوطنية” بعدما كشف استبيان لآلاف الممرضين عن ترك المرضى من دون الحصول على الأكسجين ووضعهم في مواقف مهينة.
وقالت نائبة رئيس النقابة لين وولسي في مايو (أيار): “لدينا أدلة متزايدة أتتنا من الأعضاء في جميع أنحاء البلاد تدل على أنه تتم رعاية المرضى في أماكن غير مخصصة لذلك، وتنقل آلات بيع الطعام إلى خارج قسم الطوارئ لتوفير مساحة للمرضى، كما يتم وضع مريضين في سرير واحد، إذ طلب من أحد المرضى مواجهة الحائط بينما يجرى فحص شرجي للمريض الآخر… معلومات ومواقف صادمة للغاية”.
وفي مواجهة تفاقم مدة أوقات الانتظار لسيارت الإسعاف وفي أقسام الطوارئ خلال العام الماضي، كشفت صحيفة “اندبندنت” عن أن موظفي المستشفيات في عدد من المناطق تلقوا أوامر بنقل المرضى من أقسام الطوارئ، بغض النظر عن مساحة المكان المتوفر لهم.
في أحد الأمثلة قالت ممرضة إن المستشفى الذي تعمل به أمرت العاملين لديها بقبول المرضى من قسم الطوارئ في منتصف النهار كل يوم، مضيفة: “لا يهم سعة الطوارئ أو الجناح، نقلهم هو ما يجب القيام به بغض النظر عن عدم توافر المساحة ولا الطاولات ولا الستائر”.
ومن بين التقارير الأخرى المقدمة إلى النقابة، قالت إحدى الممرضات: “[يتم وضع المرضى] على عربات وكراسي وعلى الأرض في الممرات والأماكن المشتركة. [لا يوجد] عدد كاف من الموظفين للاهتمام بالمرضى المحتاجين. كانت هناك امرأة كبيرة في السن على عربة تصرخ طلباً للمساعدة لأنها كانت بحاجة إلى التبول، وآخرون يبكون من الألم. الجميع مشغولون بعبء كبير جداً بسبب عدد المرضى”.
وأضافت: “هذه ليست الرعاية التي أريد أن أقدمها، إنها فظيعة جداً. في الواقع ليست رعاية على الإطلاق! كيف لهذا أن يكون ممكناً في بلد مثل المملكة المتحدة؟ أفضل العودة لفترة وباء كورونا لأن الوضع الآن أسوأ”.
وقالت ممرضة أخرى للنقابة: “في بداية مناوبتي الأخيرة، كان هناك مرضى موجودون في القسم منذ أكثر من 30 ساعة في انتظار الأسرة، وكل الغرف كانت مشغولة، لذلك كان هناك مرضى على الأسرة والعربات في الممرات”.
وأضافت: “كان لدينا نقص في عدد الموظفين، لذلك لم تكن هناك ممرضة مخصصة للمرضى في الممر. مع وصول كل سيارة إسعاف، كنا نعاني للعثور على مكان لإنزال المرضى، واضطررنا إلى تحريك العربات للحصول على مساحة في الممر. وبعد مرور 45 دقيقة من مناوبتي، شعرت حقاً بالانزعاج والضيق، إذ واجهت مشكلة تلو الأخرى، من دون أن يكون لدي الوقت الكافي للتفكير. باختصار – الأمر مثير للاشمئزاز”.
تعقد النقابة مؤتمرها السنوي هذا الأسبوع، إذ أعلنت القائمة بأعمال الأمين العام البروفيسورة نيكولا رينجر عن “حالة طوارئ وطنية” في كلمتها الافتتاحية.
وتدعو النقابة إلى الإلزام بالإبلاغ عن المرضى الذين تتم رعايتهم في الممرات لإظهار مدى ازدحام المستشفيات، ويتم علاج المرضى بانتظام على الكراسي في الممرات لفترات طويلة من الوقت، ولأيام عدة أحياناً.
وقالت النقابة إن استبيان شمل ما يقارب 11 ألف عامل من طاقم التمريض في الخطوط الأمامية في جميع أنحاء المملكة المتحدة أظهر مدى انتشار هذه الممارسات.
عندما سئل المشاركون عن مناوبتهم الأخيرة، أفاد ما يقارب اثنين من كل خمسة مشاركين أنهم يقدمون الرعاية في منطقة غير مناسبة، مثل الممر.
وقال ما يقارب سبعة من كل 10 مشاركين إن الرعاية التي يقدمونها في الأماكن العامة تهدد خصوصية المريض وكرامته.
ووصفت البروفيسورة رينجر الوضع بأنه “مأساة” لمهنة التمريض، إذ تتم رعاية المرضى في مواقف السيارات والخزائن.
وقالت سافرون كورديري نائبة الرئيس التنفيذي لـ”مقدمي خدمات الصحة الوطنية” “NHS Providers”: “تعكس هذه النتائج الضغوط الشديدة التي تواجه الخدمات الصحية الوطنية، بما في ذلك ارتفاع الحاجة في مقابل نقص سعة الأسرة وتأخر خروج المرضى من المستشفى”.
وأضافت: “لا يرغب أي عامل في المجال الصحي بعلاج المرضى في الممرات أو الخزائن أو غيرها من المناطق غير السريرية، لأن ذلك يضر بجودة الرعاية وخصوصية المريض وكرامته”.