حرية – (12/6/2024)
“أصبحتما صديقين” بهذه العبارة البسيطة يكون الإشعار الذي يصلك رداً على طلب الصداقة الإلكتروني الذي ترسله لأحدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن الصداقة في جوهرها فكرة صعبة ومعقدة.
جرت العادة أن تنعقد أفضل الصداقات الواقعية من خلال الصدفة المحضة، وتتطور ببطء لتصل إلى أعلى درجات الوفاء والصحبة، فيما صداقات العالم افتراضي تتم بصورة سريعة ومختلف تماماً.
أما الصداقة في الرسوم المتحركة فتكون علاقة رومانسية بين حيوان وإنسان غالباً، وفي السينما بين شخصين وأكثر. ووصل أكبر عدد للأصدقاء في مسلسل “فريندز” الشهير إلى ستة، بينما يستطيع الشخص اليوم تكوين مئات الصداقات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي في الفضاء الافتراضي خلال لحظات.
في وقتنا هذا تحولت الصداقة في رأي كثيرين إلى فكرة افتراضية هشة. وهناك عدة خطوات للتمتع بصداقات كثيرة على التواصل الاجتماعي، إذ يصل عدد الأصدقاء للشخص الواحد إلى مئات إن لم يكن آلافاً.
إنهاء الصداقة
تبدأ الصداقة الافتراضية بإرسال طلب إلى الشخص وتنتهي بالسرعة ذاتها من خلال عمل حجب للصديق أو إلغاء الصداقة نهائياً لأي سبب من الأسباب.
الجدير ذكره أن مفهوم الصداقة في العالم العربي مختلف عنه في الغرب، فالصديق في معجم المعاني العربي هو الصاحب الصادق الود، فيما تركز نظيرتها الإنجليزية على معان أخرى أهمها معرفة الشخص جيداً والتأكد من محبته حتى لو لم يكن من أفراد العائلة.
كثيرا ما جسدت أفلام السينما علاقة الإنسان بالحيوان على الشاشة
الصداقة والسينما
حتى ثمانينيات القرن الماضي تعاملت السينما مع مفهوم الصداقة ضمن إطار درامي كوميدي وبمعالجة عميقة إذ يكون الصديق مستعداً للتخلي عن أعز ما يملك وعن حياته كلها في سبيل صديقه. ظهر ذلك من خلال أعمال الرسوم المتحركة والسينما العربية والعالمية، وغيرها كما في الفيلم المصري الشهير “سلام يا صاحبي” سنة 1987.
فيلم “سلام يا صاحبي” أيقونة الأعمال التي تناولت مفهوم الصداقة قبل زمن العولمة والتواصل الاجتماعي. وفي العمل تدور الأحداث في سياق هزلي داخلي ولكنها تبقى طوال فترة العمل ضمن سياق صلب وجاد للغاية، إذ تناقش فكرة الصداقة بين شخصين من منظور حقيقي وواقعي وشرقي الهوى.
جاء عام 2003 وحملت بوادر تغير في مفهوم الصداقة جذرياً، وفي الفيلم المصري “فيلم هندي” يناقش مفهومها في سياق هزلي يحيلنا إلى الخرافة والمبالغات الهندية، وتدور أحداث الفيلم وفق كوميديا مسلية ولكنها تنبع من قالب أكثر سخرية لأنه يراعي تغير نظرة المجتمع للقصص المؤثرة بين الأصحاب، لدرجة أن النظر إليها صار يصدر من خلال فكرة الأفلام الهندية التي اشتهرت بالمبالغة الشديدة في الأحداث.
يعد” فيلم هندي” بمثابة العمل الذي وثق نهاية مفهوم وفكرة الصداقة، إذ يتحدث بسخرية واضحة تظهر من خلال عنوان الفيلم عن حقبة جديدة من حقب الصداقة غير المتينة، ويسرد حكاية كلاسيكية توثق قصة صديقين قرر كل منهما التخلي عن حبيبته من أجل صديقه، لكنه في الوقت ذاته يؤطر الحكاية كاملة بذلك العنوان الذي يحيلنا إلى الخرافة والمبالغات الهندية.
الصداقة الافتراضية
تكوين الأصدقاء أمر بالغ الصعوبة والتعقيد حتى في زمن التواصل الاجتماعي حديثاً. والدليل على ذلك وجود مواقع متخصصة في تدريب الأشخاص على احتمال ألم التخلص منها. إذ يحتاج الأمر إلى ما يزيد على 10 خطوات متتابعة وعلى فترة زمنية تمتد لأشهر وأحياناً لأعوام للتخلص تدريجاً من آثار التخلي عن بعض الأصدقاء.
وفق موقع “ويكي هاو” فإن العملية تعد بمثابة اجتياز محنة صعبة وتحتاج أولاً إلى الابتعاد عن هذا الصديق وتجنب مواقع التواصل لضمان عدم الالتقاء به، إضافة إلى إخفاء الأشياء والاغراض التي تذكرنا به إلى جانب خطوات أخرى كثيرة. لكن الأمر لم يكن كذلك قبل اندلاع موجة التواصل الاجتماعي.
أفلام الرسوم المتحركة
تكشف نظرة متمعنة في بعض أفلام الرسوم المتحركة الشهيرة والدراما والسينما الغربية والعربية، أن الصداقة كمفهوم تغيرت كثيراً منذ حقبة التسعينيات من القرن الماضي وإلى وقتنا هذا.
وتعد الفترة ما بين عامي 1980 و2000 حاسمة في التناول السينمائي للصداقة إذ عالجت الأفلام والرسوم المتحركة فكرة الصداقة في القرن الماضي من منطلق رومانسي عبر أعمال كان من أهمها برنامج الانيمي الياباني “مخلص صديق الحيوان” سنة 1989 وصولاً إلى مسلسل “فريندز” سنة 1994 وانتهاء بفيلم مصري هو “فيلم هندي” 2003.
الصداقة من منظور غربي
يذكر “قاموس كامبردج” أن الصديق هو شخص تعرفه جيداً وتحبه كثيراً وليس في العادة فرداً من عائلتك. وعليه فإن مفهوم الصداقة غربياً مرادف لمفهوم العائلة. وفي مسلسل “فريندز” الشهير تتكون الصداقة بين ستة أشخاص أعمارهم جميعاً في عقدي العشرينيات والثلاثينيات.
ظهر مسلسل “فريندز” في منتصف التسعينيات من القرن الماضي ويعد عملاً معقد التركيب من ناحية البناء الدرامي، فالشخصيات الستة متناقضة بصورة كبيرة، ومع ذلك نجح العمل في أن يكون بمثابة الخاتمة الذهبية لفكرة الصداقة في فترتها الحقيقية التي امتدت من منتصف التسعينيات وحتى عام 2003.