حرية – (15/6/2024)
أدى اكتشاف على المريخ وصفه العلماء بأنه “مدهش” إلى تغيير ما ظننا أننا نعرفه عن الكوكب الأحمر.
وللمرة الأولى لوحظ تجمع جليد صباحي على براكين قرب خط الاستواء في ذلك الكوكب، والتي ظن طويلاً باستحالة تجمد الماء فيها.
ويؤكد الاكتشاف أن الثلج غير منحصر في قطبي المريخ بل إن ماء الثلج متوافر ومنتشر عبر الكوكب بأكثر مما اعتقد به حتى الآن.
ويستقر ذلك الجليد على قمم براكين ثارسيس، وهي الأعلى ليس على المريخ فحسب بل في المنظومة الشمسية كلها.
أما أول من رصد ذلك الجليد كان المركبة المدارية “إكزومارس تريس غاز” ExoMars Trace Gas Orbiter التابعة لـ”وكالة الفضاء الأوروبية”، وتلتها أداة رصد أخرى في تلك المركبة المدارية وكذلك أداة مشابهة لها على متن مركبة “مارس إكسبرس” التابعة لتلك الوكالة الأوروبية نفسها.
وحدث الاكتشاف على يد أدوماس فالانتيناس حينما كان يحضر رسالته لنيل الدكتوراه من “جامعة برن” السويسرية، وقد بات الآن يعمل في بحوث ما بعد الدكتوراه في “جامعة براون” الأميركية. وقد شرح قائلاً، “ظننا أنه من المستحيل تكون الجليد في المنطقة الاستوائية للمريخ. ويرجع ذلك إلى أن مزيجاً من ضوء الشمس وضآلة الغلاف الجوي يعملان على إبقاء الحرارة مرتفعة نسبياً عند مستوى سطح المريخ وفوق تلك القمة الجبلية. ويخالف ذلك ما نراه على الأرض إذ تتوقع وجود قمم ثلجية [عند خط الاستواء]”. [يعد جبل كليمنغارو من أبرز الأمثلة على جبال استوائية تستقر الثلوج على قمتها].
وتحدث إلى وكالة “برس أسوسيشن” الدكتور مينجاي كيم الحائز على درجة زميل باحث ويعمل بقسم الفيزياء في “جامعة ووريك”، عن الأمر نفسه وأفاد بأن “لقد أنجزت مركبتا إكزومارس ومارس إكسبرس التابعتان لوكالة الفضاء الأوروبية اكتشافاً مدهشاً ضمن مهمتهما الفضائية. إذ لاحظتا ماء جليد للمرة الأولى قرب خط الاستواء المريخي، المنطقة التي ذهب الظن في أوقات سابقة إلى استحالة وجوده فيها”.
وأورد كيم “يثبت ذلك الاكتشاف أن الثلج لا ينحصر في قطبي المريخ. ويشير إلى أن ماء الثلج انتشر في الماضي، كحاله الآن بوفرة عبر أرجاء ذلك الكوكب وبأكثر مما جرى إدراكه في ذلك الشأن”.
وأضاف أيضاً أن تراكمات الثلج تكونت حتماً خلال الماضي السحيق للمريخ، حينما سادت أحوال مناخية “مختلفة بالكامل”. وأضاف أن “هذه الاكتشافات الكبرى تعيد تشكيل فهمنا لتاريخ المناخ على المريخ بصورة جذرية”.
وأفاد د. كيم أن تلك المعطيات تشكل اختراقاً علمياً كبيراً لكنها تحرك أسئلة من نوع جديد.
ويتعلق أحد تلك الأسئلة بالزمن الذي مضى منذ تكون تلك التراكمات الثلجية في المنطقة الاستوائية، وما هي أحوال المناخ التي سادت على المريخ عقب تلك الحقبة المبكرة من وفرة الثلج في ذلك الكوكب.
وأشار د. كيم إلى أن “هذا الدليل المفاجئ الجديد عن وجود ماء ثلج قرب خط الاستواء على الكوكب الأحمر، يفتح مسارات جديدة في إعادة تركيب مشهدية التطور والبيئة خلال تلك الحقبة المبكرة الأغنى بالماء”.
واستكمالاً، تستمر تلك البقع الثلجية في الوجود طوال ساعات عدة حين شروق الشمس، قبل أن تتبخر تحت ضوء الشمس.
وعلى رغم أنها بمثل رفع شعرة إنسان فإنها منتشرة وتغطي مساحة واسعة.
وتقترح “وكالة الفضاء الأوروبية” أن كمية الجليد تمثل 150 ألف طن من الماء التي تتحرك بالتبادل بين سطح المريخ وغلافه الجوي في كل يوم أثناء الفصول الباردة، مما يوازي مجموع المياه في نحو 60 مسبحاً أولمبياً.
وثمة عدد من الأسباب المحتملة لعدم اكتشاف ذلك الجليد حتى الآن.
وتشمل قائمة الأسباب أن المركبات التي تدور حول المريخ يجب أن يتطابق مسارها مع وضعية تتلاءم مع ملاحظة الثلج في تلك المنطقة عند الصباح المبكر. ويتمثل السبب الآخر في الحاجة إلى معرفة أين ومتى يجب البحث عن ذلك الثلج.
وأفاد د. فالانتيناس “لقد تصادف أننا بحثنا عنه قرب خط الاستواء المريخي لأسباب تتعلق ببحث آخر، لكننا لم نتوقع أن نراه على قمم البراكين”.
وكذلك أورد العالم الذي يعمل ضمن مشروع “وكالة الفضاء الأوروبية” لمصلحة مهمتي “إكزومارس” و”مارس إكسبرس” كولين ويلسون أن “العثور على الماء هو أمر يحرك الإثارة على الدوام، بالنظر إلى إملاءاته بالنسبة إلى الاستكشاف البشري والروبوتي، وللاهتمام العلمي به كذلك”.