حرية – (27/6/2024)
وفق إحصاءات رسمية صدرت نهاية عام 2022، شكلت الأقليات العرقية حوالى 16في المئة من سكان المملكة المتحدة، وأفراد هذه الأقليات يمثلون في مختلف الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع العام، بشكل يتناسب طرداً مع عددهم المتزايد عاماً بعد عام.
ووصل عدد النواب من الأقليات في برلمان عام 2019 إلى 66 نائباً، شكلوا أكثر من 10 في المئة تقريباً من إجمال 650 مشرعاً في مجلس العموم، وهو ما يزيد بواقع 12 نائباً على تشكيلة البرلمان عام 2017، و24 نائباً عن تشكيلته في 2015.
ولا توجد بيانات رسمية حول المرشحين من أقليات عرقية للانتخابات البرلمانية المقبلة، ولكن تقديرات خاصة تتوقع أرقاما أكبر من 2019، سواء بترشيح الأحزاب أو من المستقلين الذين ارتفعت أعدادهم إلى مستويات قياسية مقارنة بأعوام سابقة.
ويقول الكاتب سوندر كاتوالا إن البرلمان المقبل سيعكس تنوع المجتمع البريطاني بصورة أكبر من الدورات السابقة، لافتاً إلى أنه “عندما ولد رئيس الحكومة ريشي سوناك عام 1980 لم يكن في مجلس العموم إلا النواب البيض، وحين تخرج في الجامعة عام 2001 لم يكن قد وصل وزير أسود أو آسيوي إلى تشكيلة الحكومة بعد”.
ويرى الكاتب أنه نسبة إلى كتلة الأقليات في المجتمع فإنه يتوقع وصول ما بين 88 و100 نائب من الأقليات العرقية إلى البرلمان الجديد، مما يمثل زيادة لا تقل عن 22 نائباً في الحد الأدنى مقارنة بعام 2019.
أما مركز أبحاث “مستقبل بريطانيا” فيتوقع أن يتراوح العدد ما بين 75 و83 نائباً، بزيادة تسعة إلى17 مشرعاً، وفق المقارنة ذاتها.
التاريخ الحديث
ترى محررة الشؤون السياسية في صحيفة “تلغراف” توبي هيلم أن تشكيلة البرلمان الجديد ستكون الأكثر تنوعاً في تاريخ الدولة، لكنها لن تكون مثالية، فهناك “دراسات كثيرة لا بد من إجرائها للوصول إلى الصيغة المطلوبة في عكس ألوان الدولة العرقية والجنسية، فحتى الآن لا يزال تمثيل المرأة في البرلمان ومؤسسات الدولة غير كاف”.
وخلال التاريخ الحديث للمملكة المتحدة بدأ وصول نواب من أقليات عرقية إلى البرلمان عام 1987، وكان حينها عددهم أربعة نواب فقط، أي أنه خلال 37 عاماً تضاعف هذا الرقم أكثر من 16 مرة حتى وصل إلى 66 نائباً في برلمان عام 2019.
والنواب الأربعة من أقليات عرقية عام 1987 كانوا ينتمون إلى حزب العمال، أما في عام 2019 فكانت حصة الحزب من ممثلي الأقليات في مجلس العموم 62 في المئة، وهي تعادل41 نائباً، فيما أوصل “المحافظون” 35 في المئة، تساوي 23 مشرعا، و”الليبراليون الديمقراطيون” نائبين فقط، ليكون الإجمال 66 عضواً من غير أصحاب البشرة البيضاء.
كان أكثر من نصف نواب الأقليات العرقية عام 2019 نساء، أما في عام 2022 عندما وصل ريشي سوناك إلى رئاسة الحكومة كأول بريطاني من أصل مهاجر يبلغ هذا المنصب، فقد شكّل حكومة تضم أربعة وزراء غيره من الأقليات، وهم وزير الخارجية سابقاً والداخلية حالياً جيمس كليفرلي، ووزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان، ووزير التجارة والأعمال كيمي بادونش، إضافة إلى وزيرة أمن الطاقة والحياد الكربوني كلير كونتينو.
حقبة ماضية
أما قائمة النواب الأربعة المسجلين في البرلمان عام 1987 فشملت كلا من ديانا أبوت، أول امرأة سوداء تدخل مجلس العموم، وبول بواتينج أول وزير أسود في الحكومة البريطانية عام 2002، وبيرني غرانت الذي ينتمي إلى العرقية السمراء أيضاً، ثم كيث فاز الذي كان أول مشرّع يطأ البرلمان من أصول أسيوية لعائلة هندية مهاجرة.
ولم يكن النواب الأربعة أول مشرعين من أقليات عرقية في تاريخ المملكة المتحدة الطويل، فهناك من وصل قبلهم بنحو 260 عاماً، إذ يُعتقد وفقاً لدراسات مجلس العموم، أن أول برلماني يحمل جذوراً أجنبية هو جيمس تاونزاند الذي انتخب عن منطقة “ويست لوو” عام 1767 لأب بريطاني وأم تجمع أصولاً أفريقية وهولندية.
وبين ذلك التاريخ وعام 1922 سجل في الوثائق البريطانية 12 برلمانياً ينحدرون من أصول مهاجرة لجهة الأب أو الأم أو الاثنين معاً، وقد كان المشرعون البريطانيون قبل عام 1911 لا يتقاضون رواتباً ويشترط عليهم تملك أرض بقيمة معينة، ثم تبدلت القوانين أو دخلت في تغير مستمر حتى وصل البرلمان البريطاني إلى حاله اليوم.
وخلال الحقبة الأولى، إن جاز التعبير، ضمت قائمة النواب من أقليات عرقية، إضافة إلى تاونزاند، كلاً من ريتشارد بيكفورد لأم جاميكية عام 1780، ومختلط الأعراق جون ستيورات (1832)، والأرمني ألكسندر رافائيل (1835)، والأوروبي الهندي ديفيد سومبر (1941)، وفي العام ذاته انتخب هنري يورك ابن المهاجر من جزيرة برمودا، تبعه بيتر ماكلاجان لأم سوداء عام 1865، والمهاجر الفارسي داداباي ناوروجي في 1892، ومن العرق ذاته مانشيرجي بهوناجري 1895، ولأب هندي وأم بريطانية إرنست سواريس عام 1900، وهنري لينش من أم أرمينية عام 1906، وأخيرا الفارسي شابورجي ساكلاتفالا عام 1922.