حرية – (29/6/2024)
حسن فحص
يمكن القول إن جولات الحوار والمناظرات الخمس التي جرت بين مرشحي الانتخابات الرئاسية الإيرانية كشفت بوضوح عن أن الحسابات التي حكمت عملية الهندسة التي قام بها مجلس صيانة الدستور لتحديد الأسماء النهائية المشاركة في السباق الرئاسي، لم تكن متوافقة مع “حقل” الحقائق السياسية والاجتماعية واتجاهات الشارع الإيراني، وأيضاً مع حقل الأهداف التي يريدها النظام ومنظومة السلطة التي سعت إلى إجراء انتخابات من دون صعوبات تعرقل وصول وفوز مرشحها المطلوب.
ولعل الخطأ الأول في حسابات “النواة الصلبة للنظام” جاء نتيجة التقديرات غير الواقعية بعدم قدرة المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان أن يتحول إلى “جرعة منشطة” للقوى الاصلاحية والمعتدلة، وأن تستطيع هذه القوة إعادة ترميم قواعدها الشعبية وتحريك الشرائح الرمادية والمعترضة، وحشدها خلف مرشحها الوحيد في السباق الرئاسي.
وهذا يكشف عن أن هذه “النواة”، ومعها مجلس صيانة الدستور، تعاني أزمة فهم الواقع الذي وصل إليه المجتمع الإيراني من خلال الآليات التي يسمح بها الدستور، وعلى رغم عدم قبوله بها فباستطاعته أن يُلحق بمشروع هذه المنظومة هزيمة سياسية.
وليس من الضروري أن تنتهي حكماً بانتخاب المرشح الإصلاحي ووصوله إلى رئاسة الجمهورية والسلطة التنفيذية، وأن يحتل الموقع الثاني في هرمية النظام والسلطة خلف المرشد الأعلى للنظام، بل من خلال زعزعة الأسس التي حاولت هذه المنظومة تكريسها في الحياة السياسية، بخاصة تلك التي كانت تمهد لموت المعارضة أو الصوت المختلف في الفعل السياسي الإيراني.
التطورات التي شهدتها المنافسات الانتخابية إلى عشية يوم الاقتراع تشير إلى أن النتائج لن تحسم من المرحلة الأولى التي ستجرى غداً الجمعة، وأن معرفة شخصية الرئيس الجديد قد تتأخر إلى الخامس من يوليو (تموز) المقبل، وأن هذا التأخير قد يضع هذه المنظومة والقوى الموالية لها أمام حقيقة مرة، على عكس كل توقعاتها والجهود التي بذلتها في هندسة المسار الذي ستكون عليه عملية التنافس.
وهذه الحقيقة تتلخص في أن الطرف المنافس لمرشحها في المرحلة الثانية للانتخابات لن يكون ضمن صفوفها، بحسب ما خطط، وأن مرشحها المنتقل إلى المرحلة الثانية سيكون في مواجهة مرشح القوى الإصلاحية.