حرية – (9/7/2024)
تُعقد في العاصمة الأميركية واشنطن، الثلاثاء، القمة السنوية لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، على وقع اضطرابات داخلية في التكتل العسكري، أبرزها أداء الرئيس جو بايدن خلال مناظرته مع سلفه دونالد ترمب، والانتخابات التي شهدتها عدة دول أوروبية، أبرزها فرنسا.
ويأمل قادة الحلف، خلال القمة التي تستمر ثلاثة أيام، في الاحتفال بالوحدة الجديدة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإرسال تحذير للصين، من أجل إثبات أن التحالف قوي كما كان دائماً، لكن الاضطرابات الداخلية في الدول الأعضاء تطغى على هذه الاجتماعات.
وفي حين سيتعهّد الحلفاء بمواصلة دعم أوكرانيا، إلا أن خطط تأمين مساعدات طويلة الأجل لكييف يبدو أنها متعثرة، ولا تزال آمال الرئيس فولوديمير زيلينسكي في الانضمام إلى التحالف بعيدة المنال، خصوصاً مع تهديد ترمب، الذي يتقدّم على بايدن في استطلاعات الرأي، في السابق بالانسحاب من الحلف.
والزعيم الذي يأتي إلى الاجتماع في أقوى موقف، هو رئيس الوزراء الجديد لحزب العمال في بريطانيا، كير ستارمر، ولكنه زرع الشكوك حول التزامه على المدى الطويل مع الناتو، مع التعهد بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي “بمجرد أن تسمح الموارد المالية العامة بذلك، دون وضع تاريخ محدد، فيما تعهّد المحافظون قبل الانتخابات بالقيام بذلك بحلول عام 2030”.
لا جائزة لزيلينسكي
ومن غير المرتقب أن يمنح أعضاء التحالف لزيلينسكي كل ما يسعى إليه. وفي حين أنه من المتوقع أن يقدم الحلفاء ضمانات أمنية جديدة وبعض معدات الدفاع الجوي، فإن زيلينسكي لن يحصل على “الجائزة” التي يريدها أكثر من أي شيء آخر، والمتمثلة بدعوة رسمية للانضمام للحلف.
وبدلاً من ذلك، ستحصل كييف على تعهد متكرر بأنها ستصبح عضواً في نهاية المطاف، رغم أن المسؤولين ما زالوا يناقشون اللغة التي سيتم استخدامها في البيان الختامي، ففي البداية تراجعت الولايات المتحدة وألمانيا عن وصف مسار أوكرانيا إلى العضوية بأنه “لا رجعة فيه”، ولكنهما اتفقتا في وقت لاحق على حاجة كييف إلى المزيد من الإصلاحات لمكافحة الفساد.
وقال زيلينسكي في وارسو، وهو في طريقه إلى واشنطن: “نود أن نرى تصميماً أكبر لدى شركائنا ونسمع ردوداً حازمة على هجمات روسيا”، فيما دعا مراراً إلى تقديم المزيد من المساعدات، بما في ذلك بطاريات “باتريوت” إضافية للدفاع الجوي.
تركيز على بايدن
ورغم كل المناورات بشأن أوكرانيا، فإن التركيز في القمة سينصب على الرئيس بايدن (81 عاماً)، وهو الزعيم الوحيد في الحلف الأقدم من الحلف نفسه (75 عاماً).
وقبل أدائه المخيب للآمال في المناظرة الرئاسية مع ترمب في 27 يونيو الماضي، كان بايدن يأمل أن تؤكد هذه القمة على نجاحه في استعادة وحدة الحلفاء بعد 4 سنوات صعبة في عهد ترمب، وتعزيز أوراق اعتماده قبل انتخابات نوفمبر المقبل، حتى أن الولايات المتحدة أضافت يوماً إلى اجتماعات الحلف، ليصبح 3 أيام بدلاً من يومين.
وقد يكون هذا القرار الآن عبئاً على بايدن، الذي يواجه أسئلة حول ما إذا كان لا يزال على المستوى المطلوب لتولي منصب الرئاسة، إذ سيتم تدقيق حركاته وتصريحاته، بحثاً عن علامات تدل على أنه أكبر سناً من أن يتمكن من الترشح لولاية ثانية، كما أن زعماء العالم الذين بدأوا يتساءلون عن عمره، سيكون لديهم فرص أكبر لرؤيته عن قرب.
وحدة “الناتو”
وفشل الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج في الأسابيع الأخيرة في تأمين تعهد قوي بتمويل يستمر لسنوات لأوكرانيا. وبدلاً من ذلك، وافق الحلفاء على إنفاق ما لا يقل عن 40 مليار يورو (43 مليار دولار) سنوياً على المساعدات العسكرية لأوكرانيا، ولكن مع الإشارة إلى مراجعة هذا الهدف في العام المقبل.
وقلّل ستولتنبرج من المخاوف بشأن وحدة التحالف، علماً أن هذه القمة ستكون الأخيرة له قبل أن يسلم قيادة الحلف إلى رئيس الوزراء الهولندي السابق مارك روته.
وقال ستولتنبرج الأسبوع الماضي: “كان هناك الكثير من مفترق الطرق، حيث شعر الكثيرون بالقلق بشأن الحكومات الجديدة والقوى السياسية الجديدة التي تقوض الناتو. ما رأيناه هو أن حلف شمال الأطلسي قد انتصر كتحالف قوي”.
كما أن إدارة بايدن، التي أعلنت عن حوالي 2.2 مليار دولار من المساعدات الأمنية قبل القمة، متفائلة بذلك أيضاً، لكن مسؤولاً أميركياً كبيراً، سلط الضوء على كيفية تحقيق 23 من أعضاء التحالف الآن، هدف الإنفاق الدفاعي عند 2% أو أكثر من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال المسؤول الأميركي، إن “هذا يعني 180 مليار دولار إضافية سنوياً”، فيما رأى مسؤولون إنه من المتوقع أن يطلب التحالف المساعدة الصينية لروسيا.