حرية – (11/7/2024)
جيفري كمب
اجتمع قادة التحالف الدفاعي الغربي في واشنطن العاصمة أول أمس، للاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس حلف «الناتو». ويكتسب هذا الحدثُ أهميةً خاصة تتجاوز طول عمره. إذ أنه يأتي في وقت تحرز فيه روسيا تقدماً عسكرياً بطيئاً في حرب أوكرانيا، ولكنه واضح ويشي بإمكانية نجاح جهودها لهزيمة خصم أثبت أنه أصعب بكثير مما تصورته موسكو لدى بداية الحرب في فبراير 2022. ويواجه قادة «الناتو» أيضاً اضطراباتٍ سياسيةً داخليةً من شأنها أن تتحدى أجنداتِهم الوطنية والتزاماتهم الدولية.
ويعد اجتماع واشنطن أول حدث دولي رسمي يحضره رئيس الوزراء البريطاني الجديد، السير كير ستارمر، الذي كلّفه الملك تشارلز بتشكيل حكومة جديدة بعد الفوز الساحق الذي حققه حزب العمال في صناديق الاقتراع يوم الرابع من يوليو الجاري. وقد أنهى هذا الانتصار أربعةَ عشرَ عاماً من حكم حزب المحافظين ورؤساء الوزراء الخمسة الذين خدموا خلال هذه الفترة. لقد أعاد ستارمر حزب العمال إلى الوسط وأنهى السياسات اليسارية المتطرفة التي انتهجها زعيمه السابق جيريمي كوربين. وفي فرنسا، شهد الرئيس إيمانويل ماكرون أسابيع غير عادية في السياسة الفرنسية.
ففي 30 يونيو، أسفرت الجولة الأولى من انتخابات البرلمان الجديد عن فوز دراماتيكي لتحالف الأحزاب اليمينية المدعومة من مارين لوبان وتحت قيادة حزبها «الجبهة الوطنية»، فيما جاء أنصار ماكرون في المركز الثالث. وفي يوم الأحد الموافق السابع من يوليو الجاري، أي في الجولة الثانية من الانتخابات، استطاع ائتلاف من أحزاب الوسط واليسار إلحاق الهزيمة بمرشحي تحالف لوبان، مما أمد ماكرون وحزبه بحبل نجاة سياسي.
وفي الولايات المتحدة، لا يزال المستقبل السياسي للرئيس جو بايدن غير مؤكد تماماً، ففي كل يوم تواجهه عقبات جديدة وهو يحاول إنقاذ ترشيحه كممثل عن الحزب الديمقراطي لإعادة انتخابه في نوفمبر القادم. وتُظهر استطلاعات الرأي أن بايدن يتخلف عن الرئيس السابق ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب في الولايات الحاسمة الرئيسية.
ويعتقد عدد من «الديمقراطيين» الذين يتنافسون لإعادة انتخابهم لكل من مجلسي النواب والشيوخ أن آمالهم تضررت بسبب انخفاض شعبية بايدن بين الناخبين الأميركيين. لكن ما الذي يتطلبه الأمرٌ لإقناع بايدن بقبول حقيقة أنه على الرغم من سجله الجيد كرئيس، لاسيما في مجالات النمو الاقتصادي وخفض البطالة وتقليص التضخم، فإنه ليس المرشح «الديمقراطي» الأفضل لمواجهة ترامب؟ وحتى الآن، جاءت أهم الدعوات لبايدن لتمرير الشعلة إلى «ديمقراطي» آخر من فئة النقاد ووسائل الإعلام الرئيسية، بما في ذلك صحيفة «نيويورك تايمز».
ولزيادة الضغط، كان هناك عدد من التقارير التي تصف الجهود الاستثنائية التي يبذلها موظفو بايدن لحمايته من المواجهات غير المكتوبة مع الصحافة أو الأحداث التي تُظهر للجمهور التحديات الجسدية المتزايدة التي يواجهها بحكم السن، بما في ذلك مشيته المتثاقلة. وهناك تقارير تفيد بأنه قد تم فحصه من قبل طبيب متخصص في مرض باركنسون (أو ما يعرف بالشلل الارتعاشي)، دون أن يتوفر دليل مباشر على أن لديه أعراض مبكرة للإصابة بهذا المرض الذي عادة ما يصيب الأشخاص المتقدمين في السن. وعلى الرغم من كل هذه الأخبار السيئة، يتضح حتى الآن أن بايدن يحظى بدعم الدوائر الانتخابية الرئيسية، بما في ذلك الشخصيات القيادية للأميركيين السود والنقابات العمالية الرئيسية. كما أن الأشخاص الأكثر احتمالاً لخلافته، بما في ذلك نائبة الرئيس كامالا هاريس، ظلوا يدعمونه بقوة تصميمه على البقاء في السباق.
وبحلول مثل هذا الوقت من الأسبوع المقبل، من المفترض أن يكون هناك المزيد من الوضوح بشأن مستقبل بايدن. كما سيتضح إن هناك شعوراً أكبر بشأن ما إذا كان حلف «الناتو» قادراً على الاستمرار في الحفاظ على دعمه القوي لأوكرانيا، وما إذا كانت دول الاتحاد الأوروبي ستواجه إدارة «ديمقراطية» أم فترة رئاسة ثانية لدونالد ترامب. ينقسم أنصار ترامب بشأن أوكرانيا، لكنهم متحدون في وجهة نظرهم القائلة بأن أوروبا ستضطر إلى صرف المزيد من الأموال على المجال الدفاعي إذا كانوا حقاً يريدون من الولايات المتحدة أن تستمر في دورها القيادي وفي الحفاظ على وجودها العسكري القوي داخل أوروبا نفسها.