حرية – (14/7/2024)
في خطوة “غير موفقة” كما يصفها خبراء في الشأن الاقتصادي، أوقف البنك المركزي العراقي التعامل باليوان الصيني بعد اتهام الفيدرالي الأمريكي العراق بـ”تضخيم الحوالات”، وبينما حذر الخبراء الاقتصاديون من تأثيرات هذا القرار على السوق المحلية وتسببه بارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي وزيادة معدلات التضخم الذي له تداعيات سلبية على الحالة الاقتصادية للعائلة العراقية، قدموا 3 حلول للبنك المركزي العراقي لاستمرار تدفق الحوالات إلى الصين.
وفي أحدث تحرك حكومي عراقي بشأن إيقاف التعامل باليوان الصيني، كشفت مصادر مطلعة ، أمس السبت، أن محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق يجري زيارة غير معلنة رسمياً إلى الولايات المتحدة الأمريكية للتباحث مع المسؤولين في واشنطن بشأن قرار البنك الفيدرالي الأمريكي إيقاف تعامل بغداد باليوان الصيني.
وتأتي زيارة محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق إلى واشنطن بالتزامن مع قفزة كبيرة في سعر صرف الدولار أمام الدينار، وبعد مضي أكثر من شهرين على زيارة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى الولايات المتحدة.
“خطوة غير موفقة”
وتعليقاً على هذا القرار، يقول الخبير الاقتصادي، ضياء المحسن، إن “إيقاف التعامل باليوان الصيني من قبل البنك المركزي العراقي هي خطوة غير موفقة إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن التعامل التجاري مع الصين يزيد على 65 مليار دولار”.
ويضيف المحسن ، أن “هذا القرار سيكون تأثيره سلبياً على السوق المحلية، كما أن الطلب سوف يزداد على الدولار، بما يعني ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق المحلية بما يزيد من معدلات التضخم، الأمر الذي له تأثيرات سلبية على الحالة الاقتصادية للعائلة العراقية”.
وينوًه الاقتصادي، إلى أن “إيقاف التعامل باليوان الصيني من قبل البنك المركزي العراقي موضوع له تأثيرات سلبية مع المنظمات الاقتصادية في العالم، وقد تؤدي إلى قطع علاقاتها التجارية والاقتصادية مع العراق، بسبب تخبط سياسات البنك المركزي العراقي التي لا تثبت لفترة طويلة”.
يشار الى أن العراق عزز أصوله المقومة باليوان من خلال بنك التنمية السنغافوري لتمويل التجارة والواردات العراقية مع الصين بنحو 12 مليار دولار سنوياً.
كما تحرك العراق أيضاً لتعزيز أصوله بالدرهم الإماراتي وتفاوض على زيادة أصوله المقومة باليورو لتمويل التجارة مع الاتحاد الأوروبي، وكذلك بدأ العراق بفتح حسابات مصرفية بالروبية الهندية لعدد من المصارف العراقية.
“سياسي أكثر مما هو اقتصادي”
من جهته، يرى الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد، أن “قرار إيقاف التعامل باليوان الصيني هو قرار أمريكي سياسي أكثر مما هو قرار اقتصادي وفقاً للحرب الناعمة المنضوية بتأثير قوة المصالح بين الولايات المتحدة والصين”.
ويشير عيد خلال حديثه ، إلى أن “تراجع حضور أمريكا في العراق عسكرياً وتجارياً ترك فراغاً أمنياً واقتصادياً وسياسياً سيطرت عليه إيران والصين التي سرعان ما ملأت ذلك الفراغ، والتقطت الفرصة للتغلغل في العراق الذي يعتبر خامس أكبر احتياطي عالمي من النفط”.
ويتابع في تحليله، “وضمن تعدد المصالح والصراع الأمريكي الإيراني على الهيمنة والنفوذ في العراق، تسللت الصين عبر قواها الناعمة، لتسيطر على سوق التجارة العامة وتصدير صناعاتها ومنتجاتها إلى العراق بأسعار تنافسية”.
ويكمل الباحث الاقتصادي، “وبعدما كانت الولايات المتحدة منذ غزوها للعراق سنة 2003 الشريك التجاري للعراق، إلا أنها لم تعد اليوم قادرة على منافسة الصين، التي ابتلعت جزءاً كبيراً من التبادل التجاري مع بغداد ما أشعر أمريكا بالخطر”.
ويوضح عيد في نهاية حديثه، أن “أغلب شركات التوريد والنقل العراقية لم تعد بيد تجار رئيسيين إنما سيطرت عليها مكاتب اقتصادية تابعة لميليشيات وأحزاب، ومحاولة هذه الشركات بوسائل عديدة تهريب الدولار إلى خارج العراق، أو من خلال عمليات المقايضة النقدية للعملة وهو ما دفع الولايات المتحدة لمواصلة فرض عقوباتها على شركات ومصارف أهلية عاملة في العراق”.
يذكر أن البنك المركزي العراقي أصدر منذ بداية عام 2023 عدة قرارات من شأنها المحافظة على استقرار الوضع النقدي والاقتصادي العام ومواجهة مخاطر تذبذب سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى تسهيل عمليات الاستيراد والتصدير عن طريق فتح آفاق جديدة مع البنوك العالمية، بينها بنوك الصين.
ومن قرارات المركزي العراقي تعزيز أرصدة المصارف العراقية، التي لديها حسابات مع مصارف صينية، باليوان الصيني، حيث يسهم التعامل باليوان مباشرة دون وساطة الدولار الأمريكي في تسهيل وتسريع المعاملات المالية، وسيقلل تكاليف الاستيراد ويحمي من مخاطر تذبذب أسعار الصرف داخل العراق.
3 خيارات أمام المركزي العراقي
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي، مصطفى حنتوش، إن “اتهام الفيدرالي للعراق (بتضخيم الحوالات) أي تحويل أموال مقابل دخول بضائع بقيمة أقل من قيمة الأموال المحولة أو عدم دخول بضائع أساساً، هنا عجز البنك المركزي عن الإجابة أو الدفاع بسبب أن البنك المركزي منذ 20 عاماً لم يربط بين حوالات البنك المركزي وبين البضاعة التي تدخل من المنافذ الحدودية مثل جميع دول العالم، بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم وجود هذا الربط يسبب خسارة ما لا يقل عن 5 مليارات دولار سنوياً بسبب عدم استحصال (كمرك وضريبة) حقيقية، واتهامات دولية للعراق بغسيل الأموال وتهريب العملة”.
ويضيف حنتوش، “وبعد هذا الإتهام من الفيدرالي والعجز عن الدفاع من البنك المركزي، هناك عدة خيارات أمام البنك المركزي العراقي، منها إنشاء ربط على عجالة بين الحوالات والمنافذ الحدودية، والتعاقد مع شركة جديدة تدفق الحوالات من العراق إلى الصين (داخل البنك المركزي)، وتحويل دولار بدل اليوان الصيني عن طريق المصارف العراقية المملوكة (للمستثمرين الأجانب) التي تمتلك حسابات في (ستي بنك) و(جي بي مورغن) والذي قد يسبب سيطرة تلك المصارف على 90 بالمائة من نافذة العملة، وشبه توقف لعمل النظام المصرفي العراقي”.