حرية – (17/7/2024)
ظن رجل فرنسي أنه يعقد صفقة العمر يربح فيها شقة، ويساعد سيدة عجوز في نهاية عمرها، لكن أجله كان أقرب من أجلها، وربحت السيدة بينما تَكَبَّدَ الرجل وأبنائه مئات آلاف الدولارات.
فمن القصص المثيرة للاهتمام التي تشبه منطق شركات التأمين، وعد رجل سيدة تسعينية بتوفير مبلغ شهري لها مقابل الحصول على شقتها بعد وفاتها، وافقت السيدة معتبرةً أنها صفقة جيدة توفر لها دخلاً بعمر الـ 90.
لكن المفاجأة أن الرجل مات قبلها بينما عمرت السيدة وعاشت تأخذ منه ومن ورثته المبلغ الشهري، حتى جاوز إجمالي ما حصلت عليه ثمن شقتها التي أراد الرجل أن يرثها منها عند عقد هذه الصفقة.
وعد عجوز بمبلغ شهري مقابل شقتها بعد وفاتها
اعتقد المحامي الفرنسي أندريه فرانسوا رافراي أنه سيعقد صفقة عظيمة إذا دفع لامرأة تدعى جين كالمينت وتبلغ من العمر 90 عاما 2500 فرنك (حوالي 500 دولار) شهرياً حتى وفاتها، ثم ينتقل للعيش في شقتها الكبرى في مدينة مرسيليا في جنوب فرنسا.
لكن في العام 1995 توفي السيد رافراي عن عمر يناهز 77 عاماً، بعد أن أنفق آلاف الدولارات لشراء شقة لم يتمكن من العيش فيها أبداً.
بينما كانت السيدة العجوز لا تزال حية، ولاكتمال سخرية القدر، لم تكن حتى تعيش في الشقة التي تمنى أن يملكها المحامي الفرنسي.
إذ صادف في يوم وفاته أنها كانت انتقلت هذا العام لتعيش في دار الرعاية القريبة من الشقة، حيث تأكل كبد الأوز وأفخاذ البط والجبن وكعكة الشوكولاتة، كما أشارت صحيفة The New York Times الأمريكية في تقرير نشرته بالعام 1995.
شراء العقارات بنظام فياغير
يعرف هذا النظام في فرنسا باسم شراء الشقق بنظام “فياغير”، أو “مدى الحياة”، وكان في وقتها نظاماً شائعاً في فرنسا لـ “الرهن العكسي”.
حيث يستفيد المالك المسن من دخل شهري من المشتري، الذي يراهن على الحصول على صفقة عقارية مربحة.
وعند وفاة المالك، يرث المشتري الشقة، بغض النظر عن إجمالي المبلغ المدفوع بالمقابل الشهري.
لكن يبدو أن الشرط الذي لم يحسب حسابه المحامي أن الشرط أن يموت المالك قبل أن يموت هو.
إذ أثبتت السيدة كالمنت، أنها كابوس لكل من يشتري العقارات بنظام “فياغير”.
أُلزم الورثة بدفع الدين الشهري للعجوز
يلزم نظام “فياغير” ورثة الرجل بالدفع للعجوز طالما هي على قيد الحياة، وهذا يعني أن زوجته وأولاده وربما أحفاده كانوا سيضطرون للدفع للحصول على الشقة في نهاية المطاف.
لذلك؛ أُلزمت أرملة المحامي بمواصلة إرسال هذا الشيك الشهري للسيدة العجوز بعد وفاة الزوج الذي لم يتخيل أنها تصبح إحدى أشهر المعمرات.
ولم يتخيل الرجل أو ورثته أن يلزموا بدفع مبالغ شهرية لسيدة عجوز اعتقدوا أنها على وشك الوفاة.
وكان المبلغ الذي دفعه السيد رافراي وورثته يزيد عن ضعف القيمة السوقية للشقة حينها.
إذ وصل إجمالي ما دفعوه إلى أكثر من 184 ألف دولار، وذلك على مدار 30 عاماً عاشتها العجوز بعد الاتفاق، وفق ما أشارت له مجلة The New Yorker الأمريكية.
السيدة أصبحت “أكبر معمرة” وعاشت 122 عاماً
أدرجت كالمينت في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر معمرة في العالم بعمر 122 عاماً.
وقد أدرجتها موسوعة غينيس باعتبارها أكبر شخص في العالم قادر على توثيق عمره بالسجلات الرسمية، حيث احتفظ بشهادة ميلادها في أدراج 14 سجلاً رسمياً للتعداد في فرنسا.
إذ ولدت السيدة كالمينت في 21 فبراير/شباط بالعام 1875، أي قبل 14 عاماً من بناء برج إيفل.
وقد عاشت السيدة أطول من زوجها وابنتها وحفيدها، الذي توفي في حادث سيارة، لذلك لم يكن لديها ورثة عندما عقد المحامي هذه الصفقة معها وهي بعمر الـ 90.
بلغت السيدة سن 122 عاماً و164 يوماً قبل أن يأتي أجلها في 4 أغسطس/آب 1997.
لكنها خلال سنواتها 122 عاصرت السيدة كالمينت إدارة 20 رئيساً فرنسياً.
صاحبة مقولة “أحياناً نقوم بصفقات سيئة”
نقل عن السيدة قولها: “في الحياة، أحياناً نقوم بصفقات سيئة”، وذلك في عيد ميلادها الأخير.
وبدت أنها تقدم بعض العزاء لعائلة رافري عندما سُئلت في عيد ميلادها الأخير عن رؤيتها للمستقبل، أجابت: “قصير جداً”.
من هي المعمرة المحظوظة؟
عملت كالمينت في متجر والدها في سن 14 عاماً، حيث كانت تبيع أقلاماً ملونة وقماشاً لفان جوخ، الرسام الهولندي الذي رسم آرل في العديد من لوحاته الزاهية. ويبدو أن هذا كان العمل الوحيد الذي عملته لكسب العيش.
تزوجت كالمينت في العام 1896 من فرناند، الذي كان أحد أبناء عمومتها غير المباشرين، وكان رجلاً ثرياً، لذلك استمتعت جين بحياة مليئة بالرفاهية.
إذ كانت تعيش في شقة كبيرة فوق متجر الأقمشة الخاص بعائلة فرناند، وكان لديها خدم لطهي الطعام والتنظيف لها.
ولم تحتاج إلى العمل، إذ قضت جين وقتها في ممارسة هواياتها مثل المبارزة، والصيد، وتسلق الجبال، والسباحة، والتنس، والتزلج على الجليد، وركوب الدراجات (استمرت في ممارستها حتى بلغت سن المائة)، وصنع الموسيقى.
في عام 1898، عندما كانت في الـ 22 من عمرها، أنجبت جين طفلها الوحيد، إيفون ماري نيكول كالمينت، التي أنجبت في عام 1926 طفلها الوحيد (أو حفيد جين)، فريديريك.
توفيت ابنة جين وحفيدها في سن مبكرة، إذ توفيت إيفون بعمر الـ 36 بسبب إصابتها بالتهاب، بينما توفي الحفيد فريديريك في حادث سيارة عن عمر يناهز 37 عاماً، في نفس العام الذي توفي فيه والده (صهر جين)، وبهذا لم يعد لها ورثة.
هل هناك سر لطول عمرها؟
يقال إن جين أرجعت طول عمرها المذهل إلى نظامها الغذائي الغني بزيت الزيتون، والذي كانت تدلكه أيضاً على بشرتها يومياً.
ورغم أن نظامها الغذائي كان صحياً في معظمه، إلا أنها كانت تستمتع بتناول الشوكولاتة (أحياناً تستهلك كيلوغراماً في الأسبوع)، وبعد وجباتها كانت دائماً تأكل الحلوى، وتدخن سيجارة.
كما ظلت جين تدخن لمدة قرن كامل تقريباً؛ حيث بدأت في التدخين عندما كان عمرها 21 عاماً وتوقفت عن التدخين عندما كان عمرها 117 عاماً، عندما أصبح استخدام الولاعة أمراً صعباً مع تدهور بصرها.
وعلى الرغم من هذه العادة، ظلت جين تتمتع بصحة جيدة طوال حياتها، وصرحت مرة على شاشة التلفزيون بأنها لم تمرض أبداً، كما أشار موقع Guinness World Records.
تم إرسالها إلى المستشفى بسبب قصور في القلب عن عمر يناهز 111 عاماً ولكنها عولجت منه، وعانت لاحقاً من اعتلال المفاصل، وعولجت منه أيضاً باستخدام أدوية مضادة للالتهابات.