حرية – (21/7/2024)
يتصدر جواز السفر “الدبلوماسي” العراقي مشهد الجدل في البلاد، إثر تداول أنباء تفيد بتوزيعه لغير المستحقين، مثل عوائل السياسيين والمشاهير، خصوصاً في السنوات الأخيرة، وذلك في ظل تراجع ترتيب الجواز العادي الذي يحتل المرتبة قبل الأخيرة عالمياً.
ويؤكد نواب في البرلمان العراقي وخبراء قانونيون أن الجواز الدبلوماسي بات يعطى “خارج السياقات” ولـ”غير مستحقيه” ما أضعف من دبلوماسية الجواز وقلّل من قيمته، واصفين ما يحدث بأنه “إهانة” لهذا الجواز الذي يمثل صفة رسمية لحامله.
ويشدد النواب والخبراء على ضرورة مراجعة وتعديل قانون جوازات السفر رقم (32) لسنة 2015 ليكون منح الجواز لمن يستحق “لا لعوائل الأشخاص وأولادهم وكأنه تركة أو إرث”، فهذا يخالف اتفاقية فيينا لعام 1961.
وأنهى مجلس النواب العراقي في جلسته التي عقدها، يوم أمس السبت، تقرير ومناقشة مقترح قانون التعديل الأول لقانون جوازات السفر رقم (32) لسنة 2015، رغم اعتراض ورفض بعض النواب على ذلك.
ما يحصل هو “إهانة” للجواز الدبلوماسي
يقول النائب حيدر طارق الشمخي، إن “قضية الجواز الدبلوماسي هو المفصل الأهم في قانون جوازات السفر، حيث إن الجواز الدبلوماسي أو جواز الخدمة وجِد لمنحه للمكلف بالخدمة العامة، كعضو البرلمان الذي يمثل الشعب، أو للوزير الذي يمثل الحكومة والدولة، لكن منحه لنائب أو وزير سابق وغيرهم فإن هذا يؤدي إلى تراكم أعداد كبيرة ما يقلل من قيمته”.
“فضلاً عن منحه لغير المكلف بالخدمة العامة، على سبيل المثال لبلوكر وغير ذلك من القصص التي نسمع بها كثيراً، فهذا غير لائق وحتى إهانة لهذا الجواز الذي يمثل صفة رسمية لحامله”.
ويرى الشمخي، وهو الأمين العام لكتلة “وطن” النيابية، أن “حكومة السوداني ووزارة الخارجية الحالية أكثر تشدداً بهذا الاتجاه ولم تمنح جوازات بطريقة المجاملات وما شاكل ذلك كم حصل في السابق، ونحن مع تشديد التحديد وأن يكون القانون بمنفعة لتقوية الجواز وليس لتقليل قيمته، وسوف نرفض التعديل الحالي”.
تعليمات قانون الجوازات
يتكون قانون جوازات السفر العراقي رقم 32 لعام 2015 من 23 مادة، ونص على وجود 4 أنواع من الجوازات (العادي والخدمة والخاص والدبلوماسي)، بحسب الخبير القانوني، علي التميمي.
ويوضح التميمي، أن “التعليمات حددت جوازات الخدمة لأصحاب الدرجات الخاصة وموظفي السلك الدبلوماسي والمتقاعدين العسكريين من رتبة عميد فما فوق، وأعطت هذه التعليمات جواز الخدمة وحتى الدبلوماسي أن يحتفظ به المتقاعدون هم وأزواجهم وأولادهم الذين يعيلهم قانوناً، كما أعطت هذه التعليمات لوزير الداخلية أن يمنح جواز الخدمة لمن تقتضي المصلحة العامة ذلك”.
أما الجواز الخاص، “فهذا يمنح لأصحاب الدرجات الخاصة أو عند الإحالة إلى التقاعد”، وفق التميمي.
وعن الجواز الدبلوماسي، يشير الخبير القانوني، إلى أن “الجواز الدبلوماسي هو من أهم الجوازات التي ورد ذكرها في قانون جوازات السفر رقم 32 لعام 2015، وهو يمنح للأشخاص عند إحالتهم إلى التقاعد ولأولادهم وزوجاتهم”.
ويبتدأ منح الجواز الدبلوماسي – بحسب التميمي – من رئيس الجمهورية إلى المستشارين وموظفي السلك الدبلوماسي وموظفي الخارجية والملحقين ومعاونيهم، وأيضا أجاز للأمناء العامين ومساعديهم العاملين في المنظمات العربية، كما أعطى القانون لوزير الخارجية منح الجواز الدبلوماسي لمن تقتضي المصلحة العامة ذلك.
وينوّه التميمي إلى أنه “وفقاً لتقارير الأمم المتحدة ووفقاً لاتفاقية فيينا لعام 1961 فإن الجواز الدبلوماسي يتم منح ألف جواز لكل 100 ألف نسمة، ففي اليابان هناك 250 مليون نسمة ولديهم 15 ألف جواز دبلوماسي فقط، وأن هذه الاتفاقيات ملزمة للدول ولا يجوز مخالفتها، لأنها مودعة في الأمم المتحدة بموجب المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة”.
ويبين، أن “قانون جوازات السفر رقم 32 لعام 2015 يحتاج إلى مراجعة وتعديل لأن المشكلة ليست في القانون، وإنما في التعليمات التي صدرت بعد هذا القانون، فلا يمكن منح الجواز الدبلوماسي لكل شخص وكذلك جواز الخدمة، لأن بعض الدول تعطي هذه الجوازات للكتاب والمبدعين ومن لديهم براءة اختراع ومن يقدم للبشرية شيئاً معيناً للتخفيف عنهم عقبة الفيزا وغيرها، لذلك الدول تتحفظ كثيراً في مسألة الجوازات الدبلوماسية والخدمة والخاصة”.
ويدعو الخبير القانوني في ختام حديثه إلى أهمية “تعديل قانون الجوازات بطريقة تختلف عن المراحل السابقة التي ربما قد فرضتها ظروف معينة، ليكون منح الجوازات الدبلوماسية أو الخدمة أو الخاصة لمن يستحق، لا لعوائل الأشخاص وأولادهم وكأنه تركة أو إرث، فهذا يخالف اتفاقية فيينا لعام 1961”.
لماذا تزايد الاهتمام بالجواز الدبلوماسي؟
يعود الاهتمام بالجواز الدبلوماسي إلى “ضعف الجواز العراقي الذي يعتبر من أضعف الجوازات التي تمنح لها تأشيرة في العالم، فهو يأتي بالمرتبة قبل الأخيرة بعد الجواز الأفغاني بتسلسل 110 من أصل 111، لذلك لا يحصل الجواز العراقي في الغالب على تأشيرة لدخول دول العالم، لذلك يتم اللجوء إلى الجواز الدبلوماسي لهذا الغرض”، وفق المحلل السياسي، أحمد الياسري.
ويضيف الياسري ، “كما أن الجواز الدبلوماسي نوع من أنواع الوجاهة والفساد أيضاً، وأصدرت وزارة الخارجية 4500 جواز دبلوماسي خارج السياقات لفنانين وفاشنيستات ما أضعف من دبلوماسية الجواز”.
ويؤكد، أن “الجوازات الدبلوماسية تمنح بقرارات وقوانين خاصة ولشخصيات خاصة كسفراء وغيرهم، وهو ما معمول به في دول العالم، لكن في العراق الأمر مختلف، أما لجوء النواب له فهم عندما يسافرون إلى خارج العراق يتيح الجواز الدبلوماسي لهم حرية الحركة بين بلدان العالم”.
تعديل “خطير” على الجواز الدبلوماسي
وأول أمس الجمعة، حذر عضو اللجنة القانونية النيابية محمد جاسم الخفاجي، من وجود نية لتعديل قانون الجوازات ليتضمن الاحتفاظ بالجواز الدبلوماسي من قبل حامليه هم وأسرهم مدى الحياة لا بل يتجاوز الأمر الى إعادته بأثر رجعي، واصفاً هذا الأمر بأنه “خطير”.
وقال الخفاجي في بيان، إن “منح الجواز الدبلوماسي مرتبط بالوظائف الدبلوماسية والوظائف العامة ذات الطبيعة السيادية وينتهي بانتهاء أشغال تلك الوظيفة”.
وأوضح أنه “في النية تعديل قانون الجوازات ليتضمن الاحتفاظ بذلك الجواز من قبل شاغلي تلك الوظائف وعوائلهم مدى الحياة، لا بل تعدى ذلك من خلال منح المتقاعدين منهم وأزواجهم وأولادهم هذا الامتياز لمن شغلوا تلك المناصب بعد عام 2003 وبأثر رجعي”.
واعتبر الخفاجي “تعديل هذا القانون وفق هذه الكيفية يتنافى ومبادئ العدالة الاجتماعية التي تقتضي تحقيق المساواة في التعامل بين المواطن والمسؤول، بل ويعمل هذا التشريع على زيادة أزمة الثقة بين الحكومة والمواطن”.
وكانت لجنة النزاهة النيابية كشفت في عام 2023، عن إصدار 32 ألف جواز دبلوماسي بينها 10 آلاف جواز لأشخاص ليسوا من السلك الدبلوماسي ولا موظفين بوزارة الخارجية.