حرية – (24/7/2024)
لا أحد يعرف مدى القوة الداخلية الحقيقية التي بداخله، لأنه لم يجرب إخراجها بشكل يومي، كون تجارب الحياة العادية لا تتطلب ذلك في العادة، إلا أن هذا الشيء الذي يسمى “القوة الهستيرية” يمكن أن يظهر في بعض الحالات الخاصة فقط.
إذ يمكن أن يتمتع الشخص بقوة هستيرية أو خارقة، والتي تكون غير عادية للقوة البشرية، عندما يكون الشخص في حالة معينة، يعيش فيها موقفاً مهدداً للحياة.
ومن بين أبرز الحالات التي تظهر فيها هذه القوة غير العادية عند الإنسان، عند محاولته إنقاذ شخص عزيز أو قريب من حادث خطير، على سبيل المثال حمل سيارة، أو حجارة ثقيلة، أو تحطيم دعامات حديدية باليدين فقط.
وكل هذا يحصل لسبب رئيسي، وهو اندفاع هرمون الأدرينالين في الجسم، بشكل كبير، يجعل الشخص قادرًا على القيام بأشياء يرى أن قيامه بها في الحالات العادية مستحيلاً.
هل القوة الهستيرية حقيقة؟
القوة الهستيرية حقيقية فعلاً، وهذا ما كشفت عنه العديد من التقارير التي تؤكد على أن القوة الهستيرية ليست مجرد نظرية، فمن المحتمل أن يكون هناك على الأقل بعض الحقيقة لهذه الظاهرة.
إلا أنه لم يتم سابقاً خلق أي بيئة علمية قابلة للدراسة، تتضمن تجربة واقعية لشيء يهدد الحياة، يمكن أن ينتج عنه القوة الهستيرية، وذلك لأن مثل هذه الحالات يكون فيها احتمالية الخطر أو الموت كبيرة جداً، وهذا ما ينتهك المعايير الأخلاقية للبحث العلمي.
لذا، فإن القوة الهستيرية ليست شيئًا يمكن للمجتمع العلمي دراسته بشكل قاطع، ونتيجة لذلك، لا يمكن للباحثين الاعتماد إلا على أمثلة من الحياة الواقعية لشرح كيف ولماذا يبدو أن بعض الأشخاص يختبرون قوة خارقة في الظروف القاسية.
أسباب القوة الهستيرية
هناك مجموعة من المسببات التي تؤدي إلى القوة الهستيرية، حسب النظريات التي تمت دراستها سابقاً، وهي كالتالي:
الإمكانات البدنية:
في معظم الأحيان، نستخدم فقط جزءًا صغيرًا من الحد الأقصى لقوتنا النظرية، لكن في الواقع، تميل أجسامنا إلى الحفاظ على الطاقة عندما يكون ذلك ممكناً.
ببساطة لن يكون من المنطقي استخدام كل كتلة عضلاتك، على سبيل المثال، لالتقاط قلم أو ربط الحذاء أو مسح الطاولة.
لكن في المقابل قد تستخدم كتلة عضلية أكبر لرفع شيء ثقيل، مثل التلفاز أو الطاولة، ولكن حتى أثناء هذا المجهود، يمنع الألم والتعب معظمنا من الوصول إلى إمكاناتنا الكاملة، وهذهعبارة عن آلية وقائية تساعدنا على تجنب الإصابة.
استجابة القتال أو الهروب:
كيف يمكننا الاستفادة من القوة الإضافية التي يمكن أن ينتجها جسمنا عندما نحتاج إليها؟ من المحتمل أن يكمن مفتاح فهم القوة الخارقة في استجابة الجسم للتوتر، والمعروفة باسم استجابة القتال أو الهروب.
أي عندما تعيش حالة تهديد، مثل الوقوف أمام حيوان بري مفترس أو سيارة سريعة الحركة، فإن ذلك يؤدي إلى استجابة فسيولوجية معقدة.
إذ تبدأ الاستجابة في اللوزة الدماغية، وهي جزء من الدماغ مرتبط بالخوف، إذ تقوم اللوزة بتنشيط منطقة ما تحت المهاد، التي تطلق هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول.
بعد ذلك يعمل هرمون الأدرينالين على جعل القلب والرئة يعملان بشكل أسرع، مما يرسل المزيد من الأكسجين إلى العضلات الرئيسية، ونتيجة لذلك، تحصل على دفعة مؤقتة من القوة.
كما أن هذه الحالة تساعد على شحذ الرؤية والسمع، وهذا ما يسمح لك بالبقاء في حالة تأهب وتركيز خلال موقف مشابه.
فيما يساعدك هرمون الكورتيزول على الوصول إلى مخازن الجلوكوز في الجسم، مما يمنح طاقة إضافية لبذل جهد متواصل.
ثم يقوم الجسم أيضًا بإطلاق الإندورفين كجزء من استجابة القتال أو الهروب، إذ تساعد هذه المواد الكيميائية التي تشعرك بالسعادة في العادة على تقليل إدراكك للألم.
وفي هذه الحالة قد يبدو ما يؤلمك عادة مؤلماً بشكل أقل، إذا كان جسمك في وضع القتال أو الهروب.
شروط فيزيائية:
هذه مجرد أمثلة قليلة من التغيرات الفسيولوجية التي يمكن أن تساعد في تفسير زيادة القوة استجابةً للضغط.
لكن الأبحاث التي تستكشف الأداء الرياضي تقدم بعض الأفكار الإضافية، إذ بالنسبة للرياضيين، تؤثر عوامل مثل الجنس والعمر والتغذية والإثارة والمزاج على مستويات الأدرينالين.
بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن إنتاج الأدرينالين أعلى بين الرياضيين الذين خضعوا لتدريبات التحمل، قد يفسر هذا كيف يمكن للرياضيين الاستفادة من القوة المتزايدة التي ينتجها الجسم عندما يحِين وقت الأداء الرياضي الخاص بهم.
وبعد انتهاء الوضع العصيب يعود الجسم إلى حالته الطبيعية، إذ يتباطأ معدل ضربات القلب والتنفس، وتعود الأحاسيس مثل الألم والتعب للظهور بشكل طبيعي.
في هذا الوقت قد تصبح على دراية بالإصابات الناجمة عن الإجهاد الزائد، وتأثير الحركات الصعبة التي قمت بها، مثل إجهاد العضلات والالتواء.
وتعد الإصابات أحد الأسباب التي تجعلنا لا نستطيع الوصول إلى القوة القصوى بسهولة، إذ أنه على المدى الطويل، الحالات المتكررة التي تؤدي إلى القوة الهستيرية ربما لا تكون صحية.
وذلك لأنه يمكننا أن نتحمل الضغوطات العرضية؛ ومع ذلك، عندما يصبح التوتر ثابتاً، فإنه يمكن أن يرهق الجسم.
يمكن أن يؤدي الإجهاد المزمن إلى أمراض عقلية، والصداع، ومشاكل في القلب، وزيادة التعرض للعدوى، ومشاكل في الهضم، وحالات صحية أخرى.
أمثلة حقيقية لحوادث القوة الهستيرية
فيما يلي بعض الأمثلة لأشخاص أظهروا القوة الهستيرية وغير العادية في التحمل ومواجهة الخطر:
الأم التي حاربت دباً قطبياً:
في عام 2006، ذكرت صحيفة “ذا جلوب آند ميل” أن أماً تبلغ من العمر 41 عاماً تعيش في قرية نائية في شمال كيبيك قامت بمصارعة دبٍ قطبي لحماية ولديها.
كانت ليديا أنجيو تسير مع أبنائها عندما نبهها الأطفال إلى دب قطبي يقترب منهم، حينها طلبت من أبنائها أن يركضوا، ووضعت نفسها بينهم وبين الدب، ثم هاجمت الحيوان وركلته ولكمته.
وعندما ضربها الدب الذي يبلغ وزنه 700 رطل، سقطت أنجيو على ظهرها لكنها استمرت في ركلها بساقيها، ولحسن الحظ، رأى أحد المارة ما كان يحدث وأطلق النار من بندقيته في الهواء عدة مرات لإخافة الدب قبل قتله.
وحصلت الأم أنجيو، التي خرجت من الحادث بعدد قليل من الجروح والكدمات، على جائزة وطنية للشجاعة.
المراهق الذي رفع سيارة لإنقاذ جاره:
ظهرت هذه القصة الكلاسيكية عن القوة الهستيرية على شبكة سي إن إن وفي صحيفة واشنطن بوست في عام 2019.
كان زاك كلارك البالغ من العمر 16 عاماً بالخارج مع والدته عندما سمعوا أحد الجيران يصرخ طلباً للمساعدة، وهرع الزوجان إلى المنزل، حيث وجدا زوج الجيران البالغ من العمر 39 عاماً مقيداً أسفل سيارته.
زاك، لاعب كرة قدم في المدرسة الثانوية كان قد رفع في السابق ما يزيد قليلاً عن 400 رطل، تحرك بسرعة إلى مقدمة السيارة، ورفعها لفترة كافية حتى تتمكن المرأتان من إخراج الرجل من الأسفل.
خرج الرجل بإصابات لا تهدد حياته، بينما عانى زاك من آلام في الظهر والساقين بعد ذلك، وهي الآلام التي تظهر بشكل طبيعي بعد انخفاض نسبة الأدرينالين في الجسم.