حرية – (25/7/2024)
في جولة الصحف لهذا اليوم، نرصد لكم أبرز مقالات الرأي التي نشرتها الصحف الأمريكية والإسرائيلية والعربية، حول خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأمريكي الأربعاء.
ونبدأ جولتنا من مقال للكاتب سيرجي شميمان نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، بعنوان: “العرض الخطابي الناجح لنتنياهو كان استعراضياً في الأساس”.
يقول الكاتب إن نتنياهو أظهر عبر خطابه الأخير أنه “يتقن الطريقة الأمريكية في ممارسة السياسة، بعد أن صافح الناس يميناً ويساراً في طريقه إلى قاعة مجلس النواب لإلقاء خطاب يشبه خطاب حالة الاتحاد الذي يلقيه الرؤساء الأمريكيون، وقدّم أبطال الجيش الإسرائيلي، وملأ خطابه بنقاط جلبت التصفيق، كما قفز الجمهوريون وبدأوا يهتفون في الوقت المناسب، وكذلك فعل العديد من الديمقراطيين”.
وعلى الرغم من ذلك، يشير الكاتب إلى أن هناك الكثير من الناس في إسرائيل والولايات المتحدة، بما في ذلك بعض من كانوا في القاعة ويستمعون للكلمة، يأملون خروج نتنياهو من منصبه، وخروج القوميين المتطرفين في ائتلافه، كما شكّلت الحشود التي تظاهرت ضده ومن أجل الفلسطينيين رغم الطقس الحار خارج قاعة الكونغرس، مُشكلة سياسية يفضل العديد من المشرعين داخل القاعة تجنبها.
هل الخطاب هو الانتصار الذي احتاجه نتنياهو؟
ويرى الكاتب أن خطاب نتنياهو أمام الكونغرس والذي استمر لمدة ساعة تقريباً – وهي ضعف المدة التي تحدث فيها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي قبل سبعة أشهر – كان بعيداً عن كونه “الانتصار الذي يحتاج إليه”.
واعتبر الكاتب أن خطاب نتنياهو كان موجهاً للجمهورين، أما بالنسبة للأمريكيين عموماً، فكانت الرسالة الأساسية لهم، “أن إسرائيل والولايات المتحدة تواجهان عدواً مشتركاً وهو إيران، وأن على واشنطن تسريع تسليم الأسلحة [لإسرائيل]”. أما بالنسبة للإسرائيليين، فكانت الرسالة أن رئيس الوزراء غير المحبوب، لا يزال قادراً على التلاعب بالعلاقات مع أهم حليف لإسرائيل، ولا يزال بإمكانه جمع حشد من الجمهوريين والديمقراطيين لتشجيعه.
ويجد شميمان أن هناك شعوراً واضحاً لدى العديد من أعضاء الحزب الديمقراطي وربما بعض الجمهوريين، بالحماس لتشجيع إسرائيل، لكنهم كانوا يفضلون أحداً غير نتنياهو، فمثلا “كان هذا هو الحال بالنسبة لزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، الذي دعا نتنياهو للتنحي وتجنب مصافحته يوم الأربعاء، وكان ديمقراطي آخر من نيويورك، النائب جيري نادلر، قد وصف نتنياهو قبل يوم بأنه أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي، لكنه مع ذلك صفّق للخطاب في الوقت المناسب”.
ويختم الكاتب: “بينما أظهر نتنياهو أنه لا يزال قادراً على إلقاء خطاب حماسي ومؤثر، إلاّ أنه من غير الواضح ما إذا كان سيساهم بشكل كبير في تعزيز حظه، أو حظوظ إسرائيل، وليس من المرجح أن تحصل العبارات النارية على تصفيق خلال اجتماعاته المنفصلة مع بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس يوم الخميس، أو مع دونالد ترامب يوم الجمعة” بحسب الكاتب.
“لم يقدم رسالة جديدة”
أما صحيفة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية فنشرت تحليلاً مشتركاً لكلّ من رون بن يشاي وإيتامار إيشنر، تحت عنوان: “نتنياهو خطيب بارع يوجّه انتقادات حادة لبايدن”.
يرى الكاتبان أن نتنياهو لم يذكر في خطابه اقتراح “وقف إطلاق النار مقابل الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، إلا أنه قدم رؤيته لغزة بعد الحرب، تحت حكم الفلسطينيين الذين قال إنهم لا يسعون إلى تدمير إسرائيل ولم يحرضوا ضدها”، ووصف إيران بأنها أكبر أعداء إسرائيل والولايات المتحدة، واتهم طهران باستخدام وكلائها – بما في ذلك حماس وحزب الله والحوثيون – ضد الدولتين.
كما يشير الكاتبان إلى حديث نتنياهو عن أمله في إقامة تحالف أمني في الشرق الأوسط، دون أن يذكر المملكة العربية السعودية من بين الدول التي قد تحقق السلام مع إسرائيل، كما حاول إعادة تسمية اتفاقيات أبراهام على أنها “تحالف أبراهام ضد إيران”.
ويرى الكاتبان أن كل ذلك “لم يقدم رسالة جديدة”، معتبرين أن نتنياهو “حاول إعادة إسرائيل إلى الإجماع السياسي بين الحزبين، رغم عدم تحقيق نجاح كبير في ذلك”.
ويشير الكاتبان إلى أن نتنياهو انتقد بايدن لتحذيره من تضرر “المدنيين في الهجوم على رفح”، لكنه مع ذلك “أثنى على الرئيس الأمريكي لأنه يحتاجه في الأشهر الستة المقبلة”، و”أثنى على دونالد ترامب لأنه يعتقد فوزه في الانتخابات المقبلة”، ولم يذكر اسم كامالا هاريس، بل “سخر منها بشكل غير مباشر عندما تحدث عن المخاوف الأمريكية من آلاف القتلى في رفح إذا دخلت إسرائيل هناك، ومن المحتمل أنه غاضب منها لأنها لم تحضر الخطاب”، بحسب المقال.
ويختتم الكاتبان بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي ألقى “خطاباً ممتازاً”، لكن بصرف النظر عن مطالبته بتسريع شحنات الأسلحة والإعلان عن أن إسرائيل والولايات المتحدة طورتا سلاحاً جديداً، “لم يضف رئيس الوزراء أي شيء جديد، وحاول فقط إعادة إسرائيل إلى مركز الخريطة السياسية وإعادة خلق إجماع بين الحزبين حول إسرائيل، ولم ينجح في ذلك تماماً”.
“سقطة جديدة للديمقراطية الأمريكية”
وفي الصحف العربية، انتقدت الكاتبة سوسن الأبطح خلال مقال نشرته صحيفة الشرق الأوسط وصول بنيامين نتنياهو إلى أمريكا ويداه “ملطّختان بدماء عشرات آلاف الفلسطينيين، وتاركاً خلفه الآلاف من ذوي الإعاقة ومبتوري الأطراف، عدا اليتامى والثكالى، وأكثر من مليون جائع، وحرباً مشتعلة لا تزال تحصد الأبرياء”.
ولفتت الكاتبة في مقالها الذي عنونته بـ“سقطة أخرى في الكابيتول”، إلى تعليق السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز الذي قال: “إنها المرة الأولى التي يُعطَى فيها مجرم حرب شرف إلقاء خطاب أمام الكونغرس”.
وتعتبر الكاتبة أن “استقبال وتكريم شخص مُدانٍ من أغلب المنظمات الإنسانية، وتستعد المحكمة الجنائية لإصدار مذكرة توقيف بحقه، وتطارده المظاهرات التي تطالب بمحاسبته أينما حلّ”، حادثةٌ سيسجّلها التاريخ، و”سقطة جديدة للديمقراطية الأمريكية”.
وتُذكّر الأبطح في مقالها بأن الاستقبال في الكونغرس يأتي بعد أيام فقط من قرار الكنيست الرافض لإقامة دولة فلسطينية، إذ استبق نتنياهو القرار كمن يُحاول توجيه صفعة لكل القرارات الأُمَمية بإعلان أنه “لن يسمح بإقامة دولة إرهابية، ولن يمنعه أحد من ممارسة حقه الأساسي في الدفاع عن النفس، لا الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا أي هيئة أخرى”.
وترى الأبطح أن “الكابيتول، الذي يُفترض أن يكون رمزاً لأرقى الممارسات الديمقراطية، تحوّل إلى مكان لتحطيم صورتها وتشويه سمعتها” على حد تعبيرها.