حرية – (31/7/2024)
انتهى وقت التصعيد، وبدأ موعد التنفيذ، هكذا هو حال منطقة الشرق الأوسط، بعد “الضوء الأخضر” الأميركي لإسرائيل بإزالة “الخطوط الحمر” وقواعد الاشتباك بحملة اغتيالات مدروسة ومخطط لها، وهذا ما ظهر جلياً في عملية اغتيال القيادي في حزب الله اللبناني فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية في بيروت ومن ثم استهداف الحشد الشعبي في جرف الصخر بمحافظة بابل العراقية، وآخرها اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران.
التصعيد الكبير
وفي هذا السياق، قال اللواء الركن المتقاعد الدكتور عماد علو، الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، إن “عمليات اغتيال إسماعيل هنية وضرب مقرات لحزب الله في الضاحية الجنوبية في بيروت التي قامت بها إسرائيل، وأيضاً العملية التي قامت بها طائرات مسيّرة أميركية انطلاقاً من قاعدة علي السالم في الكويت لضرب مقرات الحشد الشعبي تزامناً في اليوم نفسه هي رسائل إسرائيلية وأميركية”.
وأضاف علو، أن إسرائيل تحاول القول إنها توصلت من خلال تقديرها للمواقف إلى أن ردود الفعل المتوقعة من قبل محور المقاومة هي ليست بمستوى الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الأعزل في غزة والضفة الغربية في فلسطين المحتلة، وأيضاً رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توسيع نطاق الحرب وإجبار الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة للانخراط في عمليات عسكرية واسعة لضرب محور المقاومة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط”.
أما رسائل الولايات المتحدة الأميركية، فهي – بحسب علو – تحاول “إظهار نواياها بأنها ملتزمة بحماية الكيان الصهيوني والدفاع عن هذا الكيان الغاصب من خلال انخراطها واشتراكها في ضرب فصائل المقاومة الإسلامية في العراق، وأيضاً الاستهداف المستمر لقوات وقواعد الحشد الشعبي الذي يقف موقفاً واضحاً من تواجد القوات الأميركية على الأراضي العراقية”.
وتوقع الخبير في الشؤون الاستراتيجية، أن المنطقة مقبلة على تصعيد وتوتر كبيرين ستكون نتائجه نقطة تحول استراتيجية وتاريخية في عملية الصراع أو المواجهة مع الكيان الصهيوني، وهذه المسألة سوف تأخذ أبعاداً سياسية على مستوى الشرق الأوسط والعالم، وهذا ما سوف نلمسه خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة.
إزالة الخطوط الحمر
من جهته، أشار الخبير الأمني، مخلد حازم الدرب، إلى أن “آخر زيارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة ولقائه بالكونغرس قد أخذ ضوءاً أخضراً من اللوبي المتواجد هناك، لذلك ما شهدناه من عمليات أُزيل فيها كل الخطوط الحمراء وقواعد الاشتباك الطبيعية”.
وواصل الدرب، حديثه للوكالة، بالقول إن “الجانب الإسرائيلي بدأ باستهداف شخصية عسكرية ضمن القيادة العملياتية والعسكرية لحزب الله، وهذا يسبب خللاً نظراً لعدم إمكانية التعويض عن القيادات السياسية وقيادات الخط الأول، وهذا ما دأبت عليه العمليات الإسرائيلية منذ فترة باستهداف القادة المدانيين لحزب الله”.
،أما استهداف الولايات المتحدة لمقرات الحشد الشعبي في العراق، فترى واشنطن، بحسب الدرب، أن هذه الفصائل لها دور مهم وفاعل ضمن محور المقاومة في استهداف الكيان الصهيوني، وحسب المعلومات فإن المنطقة المستهدفة كانت مخازن الدعم اللوجستي للواء 47، وهذه المنطقة كانت سابقاً منشأة للتصنيع العسكري لكنها تُستخدم حالياً لخزن عتاد الحشد الشعبي، وأن استهداف هذه المخازن هو استهداف للبنية التحتية العسكرية والتسليحية لفصائل المقاومة”.
أما آخر العمليات، فقد كانت استهداف رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية طهران، وهذه الضربة تحمل رسائل بالقدرة على اختراق واستهداف أي شخصية في أي مكان تتواجد فيه، ومثل هكذا استهدافات تكون عن طريق مصادر معلومات أرضية كما حصل في استهدافات سابقة داخل إيران، وفق الخبير الأمني.
ورأى الدرب، أن “استهداف هنية سوف يكون بداية لحرب مفتوحة وشاملة إذا ما تعرض الكيان إلى استهداف نوعي ومؤثر، لكن إيران ضمن معطياتها لا تستطيع المواجهة وفتح جبهة مع إسرائيل لأن المستهدف – وفق السياقات – ليس شخصية مهمة إيرانياً لكنه ضيف على الجمهورية الإسلامية، لذلك سيكون هناك رد غير نوعي عن طريق فواعلها ضمن محور المقاومة”.
وخلص الخبير الأمني إلى القول: “عموماً، المنطقة تشهد حالياً غلياناً كبيراً، ومن المتوقع أن هذا ما كان مخطط له منذ 7 أكتوبر وما تلاه، بإحداث تغييرات في خارطة الشرق الأوسط”.
صفعة كبيرة
في المقابل، قال الخبير الأمني والمحلل الاستراتيجي، الدكتور علاء النشوع، إن “ضرب جرف الصخر كان رداً على قصف قاعدة عين الأسد التي جرت قبل أيام، وهذه رسالة إلى كل الفصائل التي تهدد القوات الأميركية وقوات التحالف بالعراق، بالإضافة إلى أن جرف الصخر تعد من القواعد المهمة التي استخدمت منها الطائرات المسيّرة ضد إسرائيل”.
ولفت النشوع خلال حديثه، إلى أن “مقتل هنية في إيران يعد ضربة قوية لها ويكشف مدى ضعف الدفاع الجوي الإيراني والتكنولوجيا الإيرانية في مواجهة الخروقات الجوية المعادية، بالإضافة إلى أنها تعد صفعة كبيرة للكيان السياسي الإيراني الذي تبجح كثيراً في دعم حركة حماس وحماية قادتها، وفي هذه الحادثة تبين أن كل الوعود التي قطعتها إيران للحركة ضد إسرائيل جاءت بنتائج كارثية”.
“نصر إعلامي”
بدوره، رأى الخبير الأمني، هيثم الخزعلي، إن “قيام الكيان الصهيوني باعتداء في الضاحية الجنوبية اللبنانية باغتيال أحد قادة حزب الله الكبار وتصعيده في العاصمة بيروت، وقيام الولايات المتحدة باستهداف مجاهدي الحشد الشعبي في منطقة جرف النصر (جرف الصخر)، واغتيال إسماعيل هنية يوحي بوجود توجه نحو التصعيد، وأن نتنياهو أخذ الموافقة نحو الذهاب إلى هذا التصعيد إلى درجة أعلى”.
وبين الخزعلي، للوكالة، أن “الكيان يمتلك التكنولوجيا وبنفس الوقت هو مدعوم من الولايات المتحدة التي هي من تدير وتخطط وتتعاون استخبارياً وتحدد الأهداف وطريقة الاغتيال، لكن هذا الكيان يحاول تحقيق لنفسه نصراً إعلامياً، وأن الرد على جرائمه هذه سوف تجعله يندم ولن تفيده الولايات المتحدة التي لن تستطيع إنقاذه في الأيام المقبلة”.
وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، أعلنت حركة “حماس”، اغتيال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية في طهران. وقالت الحركة في بيان إن هنية “قضى إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران، بعد مشاركته في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان”.
فيما أعلنت قيادة عمليات الجزيرة – الحشد الشعبي، اليوم الأربعاء أيضاً، أن الولايات المتحدة الأميركية شنت ضربات جوية عبر طيران مسير استهدفت بها شمالي محافظة بابل مساء أمس مما أسفر عن سقوط 4 ضحايا من مقاتلي الحشد بينهم القائد “أبو حسن”.
وكان الجيش الإسرائيلي، أكد أمس الثلاثاء، اغتياله القيادي في حزب الله اللبناني فؤاد شكر، في غارة نفذها على الضاحية الجنوبية في بيروت.
وقال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي ادرعي: “إن سيد محسن (فؤاد شكر) يعد القيادي العسكري الأبرز في حزب الله ورئيس المنظومة الاستراتيجية للتنظيم، واليد اليمنى لأمين عام حزب الله، حسن نصر الله، ومستشاره لشؤون التخطيط وإدارة الحرب”.