حرية – (5/8/2024)
تمخض التطور الكبير في تكنولوجيا الشبكات وتطبيقات الويب وصولاً إلى الجيل الثاني منه، عن عدد كبير من التقنيات التي وفرت بدورها خدمات لا تعد ولا تحصى للأفراد والشركات.
ويعد الخبراء الحوسبة السحابية إحدى الاتجاهات التقنية المهمة التي من الممكن أن تعيد تشكيل تجربة وعمليات تكنولوجيا المعلومات ككل.
مفهوم الحوسبة
تعرف السحابة بأنها جهاز خادم يتم الوصول إليه من طريق الإنترنت، واستخدم لفظ السحابة سابقاً للتعبير عن شبكة الإنترنت، وتمثل اليوم مجموع الخدمات والتطبيقات التي يمكن للمستخدم تخزينها والوصول إليها عبر الشبكة. والحوسبة السحابية عبارة عن تقنية تقدم خدمات الحوسبة عبر الإنترنت، ليصبح الكمبيوتر بمثابة أداة للتواصل مع السحابة بدلاً من أن يكون مكاناً للتخزين، فبمجرد اتصال المستخدم بشبكة الإنترنت يستطيع التعامل مع كل الخدمات السحابية الموفرة من قبل المزود.
وتشمل هذه الخدمات طيفاً واسعاً من المجالات شاملة التخزين وقواعد البيانات والخوادم والشبكات والبرمجيات وتبادل المعلومات والتحليلات.
ويتلخص عمل هذه التكنولوجيا في نقل المعالجة ومساحة التخزين الخاصة بالحاسوب إلى السحابة أو مراكز البيانات، وبذلك تحول البرامج من منتجات إلى خدمات يمكن الوصول إليها من الكمبيوتر عبر شبكة الإنترنت فقط من خلال المشاركة ووفق نظام الدفع بحسب الاستخدام، ومن ثم تقدم صورة عن الخدمات والتطبيقات والبرمجيات والأجهزة والعتاد والمصادر التي تتوافر عبر الإنترنت.
وتشمل خدمات النسخ الاحتياط والمزامنة الذاتية إضافة إلى القدرة على جدولة المهام والمعالجة البرمجية والطباعة من بعد ودفع البريد الإلكتروني.
تطوير الحوسبة السحابية
في عام 2007 بادرت كل من “غوغل” و”أي بي أم” بشراكة مع عدد من الجامعات على مستوى العالم بهدف الدخول في مشروع بحث كبير لتطوير الحوسبة السحابية، واحتدمت المنافسة بين “غوغل درايف” و”دروب بوكس” و”وان درايف” وغيرها، لاحتضان خوادمها ببيانات المستخدمين.
بين الخاصة والعامة والهجينة
وفي حين ما زال يحيط بهذه التقنية كثير من الالتباس، نظراً إلى تنوع أنواعها ونماذجها، إلا أن الأمر لا يحتاج حقيقة إلى كل هذا التعقيد، فما توفره هذه الميزة يهدف إلى تقديم خيارات متنوعة تبعاً لحاجات المستخدم.
وكلما كانت خطة المستخدم واضحة بات من السهل تحديد النموذج وطريقة النشر الأنسب، إذ توفر هذه التقنية ثلاث طرق للنشر، الأولى هي السحابة الخاصة التي تخصص فيها موارد الحوسبة لشركة أو منظمة واحدة فحسب، ويمكن أن توجد بصورة فعلية في مراكز البيانات التابعة للشركة، ويتم استضافتها على خوادم محلية في الموقع الخاص بالشركة، وهي أكثر أماناً وتحكماً وسرعة ولكن أكثر كلفة وصعوبة.
والسحابة الثانية هي العامة، وعادة ما تكون مملوكة من قبل مزودي خدمات يتبعون جهات خارجية، ويوفرون جميع الأجهزة والبرامج والبنية الأساسية الداعمة، وعادة ما يشار إليهم باسم الطرف الثالث، ويوفرون موارد الحوسبة اللازمة مثل الخوادم والتخزين عبر الإنترنت، أي تؤجر الشركات في هذه الحالة مساحة سحابية خاصة للتخزين.
والنوع الثالث هو السحابات الهجينة التي تجمع بين السحابات العامة والخاصة، ويرتبط بعضها ببعض من خلال تقنية تسمح بمشاركة البيانات والتطبيقات بينهما، وتوفر بذلك مرونة أكبر وخيارات نشر أكثر وتساعد في تحسين البنية الأساسية ودرجة الأمان.
تحول كبير
تتجلى أهمية اللجوء للحوسبة السحابية في ميزات عدة تجتمع لتعطي للمستخدمين درجة عالية من المرونة وتخفيف الضغط واستثمار الوقت والمال والجهد وزيادة الإنتاجية، ففي الحوسبة التقليدية مطلوب شراء الأجهزة والمعدات والسيرفرات وتأمينها وزيادتها مع الوقت وتحمل المصاريف التشغيلية الدائمة من كهرباء وتبريد وصيانة ورأس مال بشري.
توفر تقنية الحوسبة السحابية خدمات ذاتية وعند الطل
بينما تأتي الحوسبة السحابية لتوفر طيفاً من الميزات أهمها توفير كلف تكنولوجيا المعلومات ورأس المال اللازم لشراء الأجهزة والبرمجيات ورفوف الخوادم وإنشاء مراكز البيانات وتشغيلها في موقع العمل، إضافة إلى إلغاء الحاجة إلى الكهرباء اللازمة على مدى الساعة لتشغيل الطاقة والتبريد، وما يتطلبه تخصيص خبراء تكنولوجيا لإدارة البنية الأساسية، علاوة على الحصول على أعلى درجة أداء والقدرة على التوسع والتطور والترقية بمرونة عالية.
من جهة أخرى توفر تقنية الحوسبة السحابية خدمات ذاتية وعند الطلب، لذا يمكن الوصول إلى البيانات بسرعة كبيرة ومن أي مكان وفي أي وقت من خلال بضع نقرات على الماوس، مع تقليل الحاجة إلى التخطيط المسبق والانكباب على المهام الإدارية والانشغال في محاولة إنجازها وإعداد البنية التحتية ومراقبتها وإصلاحها، مما يوفر وقتاً يمكن استثماره في تحقيق أهداف أخرى أكثر تأثيراً.
ويمكن الاستفادة من التقنيات السحابية لتخزين البيانات والنسخ الاحتياطية واستردادها، ولبث الصوت والفيديو واختبار التطبيقات وإنشائها وتوفير البرامج عند الطلب وتحليل البيانات، وهذا كله في أي مكان وفي أي وقت وعلى أي جهاز.
والحقيقة أن جميع مستخدمي الإنترنت يستخدمون الحوسبة السحابية سواء عرفوا ذلك أم لم يعرفوا، فالحوسبة السحابية تعمل خلف كواليس معظم النشاطات على الإنترنت شاملة إرسال البريد الإلكتروني وتحرير المستندات ومشاهدة الأفلام أو التلفاز أو الاستماع إلى الموسيقى وممارسة الألعاب وتخزين الصور وجميع أنواع الملفات الأخرى.