حرية – (6/8/2024)
عبد اللطيف المناوي
التحولات التى يشهدها العالم خلال العقدين الأخيرين أثبتت أن روسيا تُعد من أكثر الدول المهتمة بالانتخابات الأمريكية. كما أن تغييرًا فى السياسة الروسية يهم سكان البيت الأبيض بالمقام الأول. لذلك فإن نتيجة المنافسة بين دونالد ترامب ومنافسته كامالا هاريس، وما تُفضى إليه من نتيجة قد تكون حاسمة فى مستقبل العلاقات بين القطبين الكبيرين، قد تهم موسكو.
لكن بوتين ربما فى هذه الانتخابات ما يكون مهتمًا قدر اهتمامه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية التى أجريت فى ٢٠١٦، وهى الانتخابات التى شهدت تدخلات أجنبية أثارت الكثير من الجدل، وكانت روسيا فى قلب هذه الاتهامات.
حينها هاجم الأمريكان روسيا، بشكل كبير، وهو ما قابلته حينها روسيا بانتقادات واتهامات مضادة، وربما فى هذه الأيام تظهر الاتهامات من جديد، ربما استباقًا لتدخل روسى ما، وقد ظهر ذلك جليًا فى التصريحات الأخيرة من الإدارة الأمريكية التى أعادت التأكيد على اتهام موسكو بالتدخل فى الانتخابات الماضية، وها هى تتهم روسيا مجددًا بأنها تسعى للتأثير على الانتخابات القادمة، وهو ما أثار ردود فعل حادة من موسكو التى تُنكر أى تدخل.
الادعاءات الأمريكية حول تدخل روسيا تكررت عبر السنوات، وقد جاء أحدثها فى تقرير مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الذى يزعم أن موسكو، إلى جانب الصين وإيران، تستخدم شركات تسويق وتأثير لتغيير مواقف الرأى العام الأمريكى. مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى، كريستوفر راى، أشار إلى أن روسيا لاتزال تسعى للتدخل فى العملية الانتخابية.
من جهة أخرى، ردت روسيا، عبر سفيرها أناتولى أنطونوف، والمتحدث باسم الكرملين ديميترى بيسكوف، بأن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة، وتعتبر محاولة لصرف الانتباه عن مشاكل داخلية أمريكية.
تاريخيًا، لطالما أنكر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أى تدخل فى الشؤون الداخلية للولايات المتحدة، وأكد مرارًا أن روسيا تتعامل مع أى رئيس أمريكى يتم انتخابه. بوتين وصف الاتهامات الموجهة لروسيا بأنها «سخيفة»، وأشار إلى أن واشنطن تستغل روسيا كعذر لمشاكلها الداخلية. فى ذات الوقت، رد بوتين على الاتهامات بأن ترامب، رغم كونه موضوعًا للجدل فى الولايات المتحدة، اتخذ خطوات لم تكن متماشية مع التوقعات بشأن علاقات روسيا وأمريكا، مثل فرض عقوبات جديدة.
الجدل حول التدخلات الروسية يعكس توترات أعمق فى العلاقات الأمريكية- الروسية. وفى هذا السياق، تُطرح تساؤلات حول مدى تأثير هذه الاتهامات على العملية السياسية الداخلية فى الولايات المتحدة.
هل يمكن أن تكون الاتهامات جزءًا من الصراع السياسى الداخلى، كما يشير بوتين، أم أن هناك تهديدًا حقيقيًا من موسكو؟ وإن كان هناك تهديد فإن هذا بالتأكيد يثبت الهشاشة التى صارت عليها القوة السياسية الداخلية الأمريكية فى العقد الأخير على الأقل!.