حرية – (11/8/2024)
تعود منطقة البيضاء لواجهة المشهد اليمني مجدداً عقب توتر دام بين قبائلها ومسلحي الحوثي سقط على إثره قتلى وجرحى، مع توقعات بتجدد المواجهات خلال الساعات المقبلة.
وليلة أول من أمس الخميس اندلعت مواجهات عنيفة بين مسلحي الحوثي وعناصر قبلية في منطقة “حمة صرار” بمديرية ولد ربيع قيفة داخل محافظة البيضاء (وسط اليمن). واشتعلت المواجهات إثر مقتل شخصين من أبناء منطقة حمة صرار على نقطة تفتيش للحوثيين بمدخل المنطقة، مما دفع الأهالي للرد ومهاجمة أفراد النقطة الحوثية.
ودفع هجوم الأهالي الغاضب القوات الحوثية المتمركزة في نقطة التفتيش إلى الفرار واللجوء إلى مسجد القرية ومنه إلى منارة المسجد بعد مطاردتهم من قبل مسلحي القبائل الذين قتلوا أربعة من العناصر الحوثية في منارة الجامع، التي أظهرت مقاطع فيديو متداولة النيران تشتعل بداخلها وسط هلع وخوف الأطفال والنساء.
دبابات غزة إلى “البيضاء”
ردة الفعل الحوثية جاءت سريعة لقمع مثل هذه الاحتجاجات وتمثلت في إرسال تعزيزات بالأسلحة الثقيلة بما فيها الدبابات ومحاصرة القرية إلا أن الأهالي استهدفوها بمكامن وأجبروها على التراجع، لترد الجماعة بقصف الأهالي من طريق الطائرات المسيرة.
وعلى رغم تراجع هذه التعزيزات فإن الميليشيات واصلت الدفع بمزيد من مسلحيها لمحاصرة المنطقة، كما كثفت تحليق الطيران المسير تزامناً مع وجود وساطة قبلية لمنع تجدد المواجهات مع أبناء المنطقة المتمركزين في ضواحي القرية وسط توتر شديد يُنذر بعودة محتملة للمواجهات وتزايد مخاوف المدنيين الذين نزح كثير منهم إلى خارج قراهم.
وفي محاولة انتقامية تحدث سكان المنطقة عن محاولة الحوثيين اقتحام مزارع المواطنين وإتلافها إلا أن الأهالي تصدوا لهم وأجبروهم على التراجع.
وتشترط الميليشيات الحوثية تسليم قائمة أسماء تتهمهم بقتل عناصرها الأربعة الذين لقوا مصرعهم وهو ما يرفضه أبناء “حمة صرار قيفة” على نحو قاطع، وقابلوا الشرط الحوثي بالتمركز على مرتفعات القرية استعداداً لتجدد المواجهات في حال ما أقدمت الميليشيات الحوثية القادمة من المحافظات المجاورة، ذمار وصنعاء، على اقتحام القرية.
هذه التطورات دفعت بقطاع واسع من اليمنيين للتضامن مع أهالي منطقة حمة صرار وتداولوا على نطاق واسع صوراً تظهر التعزيزات الحوثية بالعتاد والدبابات، مع تعليقات ساخرة من وعود الجماعة المدعومة من إيران على قصف إسرائيل ميناء الحديدة قبل أسابيع بشن حرب شرسة ضد المدنيين في البيضاء، ومنها عبارات قالت متهكمة “الحوثي يشن حرباً على إسرائيل بقصف أهالي حمة صرار في البيضاء”.
حصار وجوع وعطش
ومن جهتها عدت الحكومة اليمنية الاعتداءات التي تمارسها جماعة الحوثي بحق المدنيين في محافظة البيضاء “تأكيداً على عدم اكتراثها لعملية السلام أو التزامها بأية اتفاقات”.
واستعرض بيان صادر عن وزارة حقوق الإنسان الأحداث التي تشهدها قرية حمة صرار في مديرية ولد ربيع قيفة بمحافظة البيضاء، قائلاً “إن عناصر مسلحة تابعة لميليشيات الحوثي الإرهابية قامت بإطلاق النار على المواطن سيف مرداس الصراري والمواطن مقبل ناصر الصراري من أهالي قرية حمة صرار مديرية ولد ربيع قيفة أثناء مرورهما على دراجة نارية نقطة تفتيش تابعة للميليشيات، مما أدى إلى وفاة الأول وإصابة الآخر بإصابات بالغة”.
وأضاف البيان “قامت ميليشيات الحوثي بالدفع بتعزيزات عسكرية إلى المنطقة مكونة من ستة أطقم عسكرية مسلحة وحاصرت المنطقة والأهالي، ولا يزال الوضع متوتراً حتى هذه اللحظة، وتفيد المعلومات من فرق الرصد التابعة للوزارة بوجود مزيد من الضحايا المدنيين جراء هذه الاعتداءات المستمرة”.
ولفت البيان إلى أن القيادي الحوثي علي الرصاص البهجي قائد الأمن المركزي في محافظة البيضاء هو القائد والمسؤول عن حشد المسلحين للمنطقة بغرض ارتكاب مزيد من الجرائم بحق السكان المدنيين.
في حين دانت 113 منظمة مدنية بأشد العبارات الحصار الذي تفرضه ميليشيات الحوثي على قرية حمة صرار في مدينة رداع بمحافظة البيضاء.
وطالبت المنظمات بفك الحصار الفوري ووقف الاعتداءات العسكرية التي تستهدف المدنيين في المنطقة.
وكشف البيان قيام الحوثيين “بقطع المياه والغذاء والأدوية عن سكان القرية، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بصورة كارثية، خصوصاً بين الأطفال والنساء وكبار السن”.
وأضاف أن هذا الحصار الجائر يعكس استمرار الحوثيين في انتهاج سياسات العقاب الجماعي ضد المدنيين، موضحاً أن القرية تتعرض لقصف متواصل بالطائرات المسيرة مما يزيد من معاناة سكانها ويهدد بمزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات.
ولفت إلى أن هذه الإجراءات تأتي في سياق تصعيد عسكري من قبل الحوثيين على مختلف الجبهات، في وقت تشهد فيه البلاد أوضاعاً إنسانية متدهورة.
انتهاكات جسيمة
ودعت المنظمات المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى التحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات، والضغط على ميليشيات الحوثي لرفع الحصار فوراً وتوفير ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية.
وطالبت المنظمات بتقديم المسؤولين عن هذه الجرائم إلى العدالة باعتبارها انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.
وكانت وزارة حقوق الإنسان أعربت عن إدانتها للاعتداءات والانتهاكات المستمرة التي ترتكبها ميليشيات الحوثي على المدنيين في محافظة البيضاء، مؤكدة أن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها ميليشيات الحوثي بحق المدنيين تؤكد دوماً أن ميليشيات الحوثي لا تكترث لأية عملية سلام ولا تلتزم بأية اتفاقات، وأنها مستمرة في ممارسة جرائم القتل والتنكيل بالمدنيين.
وطالبت الوزارة المفوضية السامية لحقوق الإنسان والآليات الدولية كافة بإدانة هذه الانتهاكات والجرائم والعمل على ملاحقة مرتكبيها والمسؤولين عنها، وضمان توفير الحماية للسكان المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات.