حرية – (13/8/2024)
تشير المتابعات والدراسات الاجتماعية إلى أن الأفراد المتحولين جنسياً يعانون حول العالم معدلات عالية من المشكلات الصحية النفسية الناتجة من ضغوط الرفض الاجتماعي وأحياناً كثيرة الأذى الجسدي، وفي الحالات الشائعة هناك معاناة من كبت الهوية.
تضم ألمانيا والسويد أعلى معدل لعدد المتحولين جنسياً، إذ يعرف نحو ثلاثة في المئة من سكان هذين البلدين أنفسهم بأنهم متحولون جنسياً، وهؤلاء غير ثنائيي الجنس أو المتقلبين بين الجنسين أو مثليي الجنس.
ويقدر المتوسط العالمي للأفراد المتحولين جنسياً بنحو اثنين في المئة من عدد سكان كل بلد في معدل وسطي، وهذه النسبة تعدها جمعيات تهتم بأمور المثليين ومنظمة الصحة العالمية متسقة وقريبة من الواقع على رغم تعقيد الحصول على إحصاءات دقيقة في دول كثيرة، إذ يحجم متحولون أو متحولات جنسياً عن الإفصاح عن الأمر لئلا يتعرضوا للاضطهاد الاجتماعي. وهذا الاضطهاد بسبب الهوية الجنسية ولا يقتصر على مجتمعات بعينها أو على ثقافات وأديان محددة، بل هو موجود في معظم مجتمعات العالم الثالث.
هوية الشخص المتحول
الشخص المتحول جنسياً هو الذي يعلن عن جنسه عكس الجنس البيولوجي الذي ولد به. على سبيل المثال، الذكر البيولوجي الذي يرى نفسه أنه أنثى يعد متحولاً جنسياً، وكذلك الشخص الذي يكون أنثى بيولوجياً ويعرف نفسه على أنه ذكر. وبالطبع يشمل التعريف الأفراد الذين خضعوا لجراحة تغيير الجنس، ويمكن أن يشمل مصطلح المتحول جنسياً ثنائيي الجنس.
في دراسة استقصائية لعام 2023 شملت 27 من أكثر الدول الصديقة لمجتمع المثليين الذين يختصر اسمهم بهذه الأحرف التي باتت معروفة عامليا LGBTQI، والذين يعرفون في العالم العربي بمجتمع “الميم”، تساوت ألمانيا والسويد في أعلى معدل للمتحولين جنسياً من بين مواطنيهما والمقيمين فيهما من غير المواطنين ومن اللاجئين بسبب الاضطهاد في بلدانهم الأصلية.
ووفقاً لنتائج الدراسة، يعرف نحو 0.3 في المئة من جميع سكان ألمانيا أو السويد أنفسهم بأنهم متحولون جنسياً. أما المعدل الوسطي في الدول الأخرى فقارب نسبة 0.2 في المئة وهو المتوسط العالمي المتفق عليه. وفي 12 دولة أخرى ذات معدلات عالية للأفراد المتحولين جنسياً جاءت أولاً البرازيل بنسبة 0.46 في المئة، ثم جنوب أفريقيا 0.29 وفي المئة والولايات المتحدة 0.29 في المئة وبلغاريا 0.21 في المئة، ثم كندا 0.19 في المئة وبعدها الفيليبين 0.17 في المئةـ وجاءت جامايكا بنسبة 0.13 في المئة ثم تشيلي 0.1 في المئة وفي آخر اللائحة بنسبة قريبة جاءت البيرو 0.1 في المئة. وأعرب مركز الإحصاءات العالمية الذي يقول إنه يقدم العالم من حولنا بالأرقام، بأن معدلات التحول الجنسي في دول أخرى قد تكون أعلى، لكن المعلومات والأرقام حول الأمر قد لا تكون متاحة ومتوافرة.
وعلى رغم أن فقط نحو واحد في المئة من الأشخاص الذين يعيشون في الولايات المتحدة يعرفون أنفسهم بأنهم متحولون جنسياً أو ثنائيو الجنس، فإن هذا العدد يبدو أنه في تزايد بين الأجيال الأصغر كما جاء في دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث في عام 2022، حين حدد نحو 1.6 في المئة من كبار السن وخمسة في المئة من المراهقين الأميركيين أنفسهم كمتحولين جنسياً أو ثنائيي الجنس.
الأرقام تقريبية دائماً
عملية عد وإحصاء الأفراد المتحولين جنسياً تعترضها تحديات كبيرة تعوق جهود الحصول على عدد دقيق وحقيقي لسكان العالم المتحولين جنسياً، إذ يمكن أن يختلف تعريف المتحول جنسياً من بلد إلى آخر، مما يؤدي إلى عدم دقة في البيانات. وبسبب تعرضهم للتمييز في معظم أنحاء العالم، وللاعتقال أو العنف يرفض عديد منهم المشاركة في الاستطلاعات أو إحصاءات السكان التي قد تعنى بهم أو تتناولهم.
حتى الدول الصديقة للتحول الجنسي بدأت للتو في منحهم فرصة التعبير عن هويتهم الجنسية أو اختيارها بصورة رسمية. على سبيل المثال، أضافت كندا خيارات جنس أخرى في بيانات التعداد في عام 2021، وكانت أول دولة في العالم تقوم بذلك. وبناء على هذه الاستنتاجات تفضي بعض الدراسات إلى معلومات غير مثبتة حتى عام 2023، بأن الهند أو الصين قد تضمان بفارق هائل، أكبر عدد من الأشخاص المتحولين جنسياً في العالم، وهم هناك أكثر عرضة لإخفاء هويتهم الحقيقية خوفاً من الرفض الاجتماعي أو الاضطهاد بسبب الجنس.
تدور حول العالم اليوم وفي مختلف وسائل الإعلام أفكار مختلفة حول الهوية الجندرية، إذ يرى كثر بأن كل شخص يمكنه أن يحدد الجندر الذي ينتمي إليه بناءً على تجربة داخلية عميقة يحدد من خلالها إذا ما كان ذكراً أم أنثى أم مزيجاً من الاثنين، أو لا هذا ولا ذاك. أما التعبير الجندري فتندرج فيه الطريقة التي يعرض فيها صاحب الهوية الجندرية التعبير الخارجي لجنسه من خلال السلوك والملابس أو قصة الشعر والصوت وغير ذلك من أشكال التعبير والتمييز التي يختارها الشخص لنفسه تعبيراً عن هويته الجنسية. وقد يكون الاختيار مادياً أكثر منه شكلياً ويدخل في التعريفات القانونية مثل عملية الانتقال من جنس إلى آخر بواسطة الهرمونات أو بالعمليات الجراحية، أو عبر تغيير الوثائق القانونية لتغيير هوية الشخص الجندرية.
في القانون الفيدرالي الأميركي لا يوجد تعريف قانوني موحد لـ”المتحولين جنسياً”، لكن لجنة تكافؤ فرص العمل الأميركية (EEOC) تؤمن الحماية للمتحولين جنسياً تحت الباب السابع من قانون الحقوق المدنية لعام 1964، الذي يحظر التمييز في التوظيف على أساس الجنس. وفي المملكة المتحدة وفر قانون المساواة لعام 2010 الحماية ضد التمييز للأفراد الذين يجرون عملية جراحية لإعادة تعيين جنسهم.
عام 2020، كانت أيسلندا والنرويج وهولندا والسويد وكندا الدول الأكثر قبولاً للمتحولين جنسياً. وشهدت كل من بيرو وموزمبيق وبربادوس تغيراً طفيفاً في القبول بين عامي 2010 و2020. وجاءت تايلاند وتشيلي في الإحصاءات حول الدول الصديقة للمتحولين من بين الدول الأكثر تأييداً للتدابير المؤيدة والحامية لهم، بينما جاءت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة من بين الأقل تأييداً لأن قضايا المتحولين صارت “قضايا سياسية قطبية”.