احمد الحمداني
يلعب الإعلام دوراً محورياً في حياة الدول والمجتمعات، حيث يؤدي وظائف ومهام في غاية الأهمية، فهو أولاً وقبل كل شيء وسيلة لنقل المعلومات، و ثانياً وسيلة للتوعية والتثقيف للمجتمع بالقضايا التي تهمه والتطورات الجارية فيه والتحديات التي تواجهه؛ كما يقوم ثالثاً بمهمة مراقبة أعمال ونشاطات الحكومة والمؤسسات المختلفة في الدولة؛ ومن هنا فإن الإعلام قوة مؤثرة وله دور رئيسي، بل وحاسم ليس في توعية الرأي العام المحلي أو الدولي فقط، بل في تكوينه أيضاً، ولذلك لا عجب أن يطلق عليه، ومنذ القدم “السلطة الرابعة” إلى جانب السلطات الرئيسية الأخرى: التنفيذية والقضائية، والتشريعية؛ وقد يكون في بعض الأحيان أكثر تأثيراً منها؛ وخاصة عندما تخفق هذه السلطات في تأدية مهامها بالشكل المطلوب.
ولا يخفى تزايد دور الإعلام وتأثيره بشكل غير مسبوق مع التطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات وظهور وسائل التواصل الاجتماعي وأخرها “Clubhouse” التي جعلت من الإعلام ليس سلطة فقط؛ بل هي محرك فعال وموجه حاسم؛ وخاصة مع ضعف القدرة على الحد منه، وقدرته على الوصول وبسرعة إلى أعداد هائلة من الناس في كل مكان وفي كل اتجاه ولكل الفئات.
ولكي يقوم الإعلام بدوره على النحو الذي يُراد منه، لا بد أن تتوافر فيه شروط أساسية..
أولها، المصداقية، فإذا فقد الإعلام هذه الميزة فقد تأثيره.
وثانياً، الشفافية والوضوح، اللذان يتطلبان المراجعة عند الخطأ، وتصويب المسار.
ثالثاً، الحرص على قيم المجتمع وثوابته الإنسانية والدينية دون التطرف وحمايتها، كما يراعي مصالح الفرد والمجتمع والدولة ويخدمها؛ فيصبح بذلك أداة بناء مهمة ومحورية.
وفوق هذا وذاك، فإن الإعلام الحقيقي هو المواكب للأحداث لحظة بلحظة؛ ففي عالم متسارع يتلقى فيه الناس في أي مكان من المعمورة، بل وحتى في الفضاء، الخبر لحظة حدوثه، لا يمكن للإعلام أن يقوم بدوره كما يجب أو يكون مؤثراً ما لم يكن مواكباً للتطورات لحظة حدوثها، بل وتفقد وسيلة الإعلام متابعيها إذا لم تكن كذلك.
وفي هذا الإطار ولكل تلك الأسباب، يحظى الإعلام في في الدول المتقدمة، باهتمام كبير، حيث يتم توفير كل الموارد الممكنة وجلب أحدث التقنيات المعاصرة، وهناك دعم على أعلى المستويات؛ من منطلق الإيمان بالدور الحيوي الذي يفترض أن يؤديه الإعلام في خدمة مسيرة التنمية التي تشهدها الدول، وتعزيز صورتها في العالم؛ بل إن الإعلام يحظى باهتمام خاص من قبل القيادة الحكومية التي تعي كل الوعي أهمية هذا القطاع الحسّاس الذي يمثل سلاحاً ذا حدين، ولاسيما في ظل الظروف الراهنة والتحديات المتزايدة للدول ؛ وتدرك الحكومات والقيادات السياسية قدرة الاعلام في المساهمة والتعامل مع هذه التحديات ومواجهتها.
ومع ذلك فإن الإعلام يمر بمرحلة تستدعي إعادة النظر، حيث يلاحظ ضعف تأثيره، بل وحتى عدم مواكبته للأحداث والتطورات المتسارعة، سواء على المستوى المحلي أو حتى الخارجي؛ وهذا ما يستدعينا إلى دق الناقوس وإثارة الموضوع بوضوح؛ وخاصة بعد أن انتشرت أنباء ومزاعم حول الطعن بكثير من الاجراءات الحكومية بالعراق حيث غاب الإعلام عن توضيح الصورة الحقيقية.
فأين وسائل الإعلام من هذا الموضوع المهم والحساس؟! «لماذا إلإعلام الوطني ليس له وجود؟» اتسأل هنا بصفتي مدير مؤسسة اعلامية وتجارية هل الاعلام العراقي الوطني في حالة «موت سريري»! أين هو دور الإعلام الوطني في هذه المرحلة المهمة والحساسة من تاريخنا؟ لماذا لا يتحمل مسؤولياته؛ ليس في أن يكون شريكاً أساسياً في المسيرة التي تشهدها الدولة فقط، ولكن في التعامل بكفاءة مع التحديات التي تواجهها أيضاً، والتي أفرزتها المتغيرات الإقليمية والعالمية المحيطة بنا؟!
إن ما يتعرض له الوطن وسمعته يضع القائمين على المؤسسات الإعلامية في الدولة أمام مسؤوليات كبيرة، لمواكبة رؤية القيادة الحكومية وترك تبعياتهم الحزبية والنظر في حماية المكتسبات وتنوير وتوعية الأجيال العراقية بدورها في بناء المستقبل الأفضل، من جهة، والدفاع عن سمعة العراق بقوة، والإسهام بفاعلية في ترسيخ مكانته العالمية التي يجب ان يحظى بها ويكون نموذج في التطور الإنساني والحضاري.