حرية – (18/8/2024)
في حين يظن المرء أن الأمور ربما تتحسن بالنسبة إلى النساء، تلقت النسوية هذا الأسبوع صفعة أخرى مع تقارير تتحدث عن إعادة إطلاق مجلة “بلاي بوي” في فبراير (شباط) المقبل.
المجلة “الشهيرة والأسطورية” أغلقت أثناء جائحة كوفيد، وكان مؤسسها هيو “هيف” هيفنر قد توفي عام 2017. هيفنر المالك “الشهير والأسطوري” للعلامة التجارية، الذي بقي حتى الثمانينيات من عمره يختار عارضات الأزياء الصاعدات في أواخر سن المراهقة ليأتين “ويلعبن” معه في قصر “بلاي بوي”. هذه العملية التي تم توصيفها بتفاصيل مثيرة للاشمئزاز في كتاب زوجته كريستال هيفنر الذي حمل عنوان “قل فقط أشياء جيدة” Only Say Good Things وعنوان فرعي معبر “النجاة من بلاي بوي وإدراك ذاتي” Surviving Playboy and Finding Myself.
وصفت كريستال في الكتاب أول حفلة جنس جماعية شاركت بها في غرفة نوم هيفنر بالـ”مقايضة” وقالت “لقد بدا الأمر غريباً وآلياً”.
كان مأمولاً أن يموت حلم بلاي بوي السام مع هيفنر، ولكن المجلة التي تضم نساء عاريات براقات، حليقات ومعروضات مثل خيول رياضة الفروسية (ودعونا لا ننسى “القصص الراقية” والمقابلات مع الرجال الرائعين)، ستعود الآن ولكن بإصدار سنوي.
ولزيادة الإثارة، يتم العمل أيضاً على إحياء “امتياز علامة بلاي بوي”، من خلال البحث على نطاق عالمي عن أفضل فتاة “بلاي بوي” للعام – و”مجموعة جديدة من أرانب ’بلاي بوي‘، التي ستمثل العلامة التجارية في المناسبات والتجارب الحصرية”.
وتتزامن إعادة الإطلاق مع إعلان المصور المسؤول عن تقويم (رزنامة) “بيريللي”، الذي توقف عن عرض نساء عاريات في أعقاب حركة #أنا_أيضاً #MeToo، أن الإصدار القادم سيعود إلى تقاليده السابقة بتصوير الأجساد العارية، قائلاً “جميعنا نأتي إلى هذه الحياة عراة، فهذه نوعاً ما أفضل طريقة لالتقاط صورة حقيقية لأنفسنا”.
في عام 1963، عملت الكاتبة النسوية الشهيرة غلوريا ستاينم متخفية باعتباري أرنبة “بلاي بوي” لمدة شهر. وكتبت عقب تجربتها “كانت قدماي لا تزالان منتفختين للغاية من الليلة السابقة لدرجة أنني بالكاد استطعت ارتداء حذائي ذي الكعب العالي الذي يبلغ ثلاثة إنشات (نحو 7.5 سنتيمتر). ووضعت شاشاً حول خصري بعدما انغرز الزي بجسدي”. كان هذا قبل أكثر من 60 عاماً، أي قبل أن تتجذر فكرة المساواة، وقبل وقت طويل من أن نشعر بالرعب من فكرة تقييد الشابات وتقديمهن لرجال الأعمال مثلما يقدم الطعم لأسماك القرش.
لعقود من الزمن، كان العمل بصفتي أرنبة يُقدَّم باعتباره مساراً وظيفياً مرغوباً وممتعاً للفتيات الجميلات النحيلات، وكانت المراهقات الصغيرات يشترين بضائع تحمل علامة “بلاي بوي” التجارية في العقد الأول من الألفية، وركزت حلقة من مسلسل “الجنس والمدينة” Sex and the City على زيارة ساحرة لقصر “بلاي بوي”، الذي كان يستضيف بانتظام مشاهير الصف الأول، إلى جانب جلسات الجنس الجماعي التي يشارك فيها مالك القصر الثمانيني.
من الصعب أن تجد فتاة “بلاي بوي” واحدة لم تستسلم للضغوط للحصول على شعر طويل، وجسد نحيف ومسمر، وخصر صغير، ولتكبير الثدي، وتجميل الأنف، ونفخ الشفاه، وحقن البوتوكس، ورفع المؤخرة، وشفط الدهون… كل هذا لضمان مواءمتها لقالب الكمال الذي فرضته صناعة الإباحية الأميركية.
وتصف كريستال هيفنر ترددها القوي في الخضوع لمبضع الجراح – وكيف استسلمت في النهاية لمخاوفها، لتضمن حصولها على دور رئيس في “بلاي بوي”.
وليس من وقت بعيد فقط، في عالم حيث أصبحت المفاهيم الجمالية القديمة لـ”بلاي بوي” محصورة في خيالات برامج مثل “جزيرة الحب” Love Island [برنامج تلفزيون واقعي سطحي جداً يجمع مشاركين ومشاركات على جزيرة نائية يعرضون مفاتنهم للعثور على نصفهم الآخر والفوز بجائزة مالية] وأصبحت الفتيات الشابات يتمنين تقليد بيلي إيليش وتايلور سويفت بدلاً من كاتي برايس وجودي مارش، [أي التشبه بفنانات ناجحات بدلاً من عارضات أزياء مثيرات للجدل]، أصبح الضوء مسلطاً على ثقافة التحييز الجنسي في “بلاي بوي”.
إذ كتبت بعض فتيات “بلاي بوي” السابقات اعترافات كشفت عن الفساد وراء هذا البريق. بهتت البرامج التلفزيونية والسلع [المرتبطة ببلاي بوي] ومضى العالم قدماً.
بالطبع، الآن لدينا أندرو تيت [مؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي متهم بالإتجار بالبشر والاغتصاب واستغلال النساء]، الذي يحاضر الأولاد المراهقين حول كراهية النساء – ولكن الجانب الإيجابي هو أن هذا الشخص الأصلع مرتكب الجرائم الجنسية المزعومة الذي يهذي من مخبئه، لا يحمل مكانة مجلة “بلاي بوي” نفسها عندما يتعلق الأمر بتشجيع الشابات على خلع ملابسهن من أجل متعة الرجال بالمشاهدة.
ربما كنا نعتقد أن هذه النظرة إلى المرأة قد انقرضت، جنباً إلى جنب مع مجلات “الصفحة الثالثة” Page 3 و”نتس” Nuts [اللتين كانتا تنشران صوراً إباحية للنساء]. ربما تخيلنا بشغف أن النسوية قد وصلت أخيراً إلى مكان ما، مع قيام الممثلين بالمشاركة أثناء حركة #أنا_أيضاً وتغطية نجمات البوب الشابات لأنفسهن والسماح لمواهبهن بالتألق بدلاً من البكيني المزين بالترتر.
لكن يبدو أننا كنا مخطئين. لا تزال المواد الإباحية واحدة من أنجح الصناعات في العالم، والصور الإباحية المنقحة هي إحدى الطرق لتشجيع الجيل الأصغر سناً على الاستمرار في التصفح – الفتيات يتشوقن لكي يصبحن مرغوبات، والفتيان يريدون التأكد من أن الرغبة طبيعية وملهمة.
قد يكون الأمر كذلك، ولكن نموذج “بلاي بوي” المتهالك يصور النساء باعتبارهن مجرد أشياء يريدها الرجال ويختارونها ثم يتخلصون منها. ربما مات هيف منذ أعوام، ولكن إرثه لا يزال قائماً في أفكاره المقززة عن الكمال، وشكل المرأة السعيدة الحرة، وما يعتبر قبولاً [للمشاركة بفعل جنسي]. وها نحن نعود إلى حيث كنا.