حرية – (26/8/2024)
وليد فارس
أحد أكبر الأسئلة التي تطرحها المؤسسات الإعلامية والأكاديمية ومراكز الأبحاث المتخصصة بالانتخابات الأميركية يركز على الاتجاهات العامة للناخبين من أصول عربية وشرق أوسطية وإسلامية، كما تصفها الصحافة الأميركية والدولية. وسؤال كهذا طرحته هذه الهيئات في الماضي مراراً، ولا سيما عند حلول المواسم الانتخابية الكبرى كالرئاسية والتشريعية.
وكانت تكونت لدى الرأي العام الأميركي أفكار عامة عن الاتجاهات السياسية الكبرى للجاليات العربية والشرقية منذ عقود، ويتلخص هذا التقييم بما يلي: معظم العرب والمسلمين يصوتون للحزب الديمقراطي لأنهم يعتبرون أنفسهم من “الأقليات” في المنظومة السياسية والدستورية، ولأن الحزب الديمقراطي بشكل عام يحتاج إلى أصواتهم الانتخابية، ويقدم لهم خدمات واسعة ويعزز مواقعهم في الإدارات، لكن النظرة المبسطة إلى الناخبين الشرق أوسطيين تطورت وتبدلت، وأصبحت أكثر تعقيداً مما كانت عليه لعقود.
تطور الخريطة الانتخابية
خلال الحرب الباردة انقسمت هذه الجاليات ما بين مؤيد للديمقراطي أكثريته تقدمي، وبين مؤيد للجمهوري أكثريته محافظ. خلال الحرب اللبنانية 1975 إلى 1990 انتقلت أكثرية اللبنانيين الأميركيين إلى الجمهوريين تدريجاً، بسبب تحالف الأسد مع الاتحاد السوفياتي، ووقوف إدارتي ريغان وبوش الأول مع المقاومات ضد الشيوعيين.
ومع سقوط الاتحاد السوفياتي بدأت مواقف الجاليات تتبدل حول السياسات الخارجية الأميركية، وبالوقت نفسه بدأت الأجيال الشابة “تتأمرك” أكثر فأكثر، مما أثر في الخيارات الانتخابية للجاليات العربية الإسلامية في الولايات المتحدة. وتصاعدت ظواهر عدة باتت تؤثر في الاتجاهات السياسية للناخبين العرب والشرق أوسطيين منذ ضربات الـ11 من سبتمبر (أيلول) في 2001، ولا سيما منذ ما سمي “الربيع العربي” في 2011 أهمها:
صعود ظاهرة باراك أوباما منذ عام 2009 كموجة يسارية إسلاموية.
توسع تأثير جماعات “الإخوان المسلمين” الآتية من المنطقة.
انتشار التأثير الصادر عن النظام الإيراني عبر الجاليات الشرقية.
تأثير الجاليات التابعة للطوائف المسيحية المشرقية القلقة من التطرف الذي جسدته جماعات القاعدة و”داعش”.
تطور الأوضاع الاقتصادية.
التقلبات في المنطقة.
صعود نجم دونالد ترمب الشعبوي.
تأثير إصلاحات محمد بن سلمان.
وأسهمت كل هذه الظواهر في التأثير في الجاليات العربية الإسلامية، وإخراجها من التقاليد القديمة، أي ثنائية الارتباط إما للجمهوريين أو الديمقراطيين. فالجاليات الجديدة لديها اهتمامات مختلفة وأولويات متبدلة، وخيارات داخلية وخارجية متداخلة. وأسباب التأييد لهذا المرشح أو ذاك، لم تعد مبسطة كما كانت.
فكل جالية من بلد ما تعاني انقسامات البلد الأم، وانعكس ذلك على المرشحين الأميركيين. فهناك من يؤيد النظام ومن يؤيد المعارضة، وعديدون لا تهمهم السياسات الخارجية بل الوضع الاقتصادي في أميركا.
التوازن في الخيارات
بشكل ملخص توجهت القوى المؤيدة للجماعات الإسلامية ومحور نظام الخميني واليسار الدولي إلى تيار الرئيس أوباما واصطفت معه، وبعده مع عهد بايدن والآن مع كامالا هاريس، لكن هناك انقسامات بين قيادة الحزب والتيار الراديكالي داخله. وبموازاة ذلك تناغمت القوى المؤيدة لإسرائيل مع تلك المعارضة للخمينيين، وذلك عبر أجندة الاتفاق النووي، لكن السؤال يبقى: من سيحصل على أصوات أكثرية هذه الجاليات في هذه الانتخابات المصيرية؟ الجواب في الأسبوع المقبل.