حرية ـ (18/9/2024)
لا يزال الغموض يلف تفاصيل الهجوم الواسع الذي شهده لبنان، أمس الثلاثاء، بعد أن تفجرت مئات أجهزة النداء اللاسلكية “بيجر” التي يستعملها على نطاق واسع عناصر حزب الله.
فيما كشفت عدة مصادر استخباراتية ومسؤولون أميركيون وإسرائيليون بعض المفاجآت عن هذا الخرق الأمني غير المسبوق الذي استهدف الحزب، موديا بحياة 11 من عناصره، بالإضافة إلى سيدة وطفلة، فضلا عن إصابة نحو 3 آلاف.
5 آلاف جهاز
فقد كشف مصدر أمني لبناني كبير ومصدر آخر لوكالة رويترز، اليوم الأربعاء، أن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) زرع متفجرات داخل خمسة آلاف جهاز اتصال لاسلكي (بيجر) استوردها الحزب المدعوم إيرانياً قبل أشهر من تفجيرات أمس الثلاثاء.
وذكر المصدر الأمني اللبناني أن أجهزة البيجر من إنتاج شركة غولد أبوللو ومقرها تايوان، علماً أن تلك الشركة أوضحت في وقت سابق اليوم أنها الأجهزة التي تفجرت من إنتاج شركة بي.أيه.سي في العاصمة المجرية بودابست، التي لديها ترخيص باستخدام علامتها التجارية.
جرحى إثر تفجر أجهزة البيجر في بيروت
عدة أشهر
كما أوضحت عدة مصادر أن المخطط استغرق تحضيره على ما يبدو عدة أشهر. وقال المصدر الأمني الكبير إن حزب الله طلب خمسة آلاف جهاز اتصال من إنتاج شركة غولد أبوللو، وصلت إلى البلاد في وقت سابق من هذا العام.
لكنه لفت إلى أن تلك الأجهزة تم تعديلها “في مرحلة الإنتاج” من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلي. وأضاف أن “الموساد قام بوضع لوحة داخل البيجر تحوي مادة متفجرة تتلقى شفرة من الصعب جدا اكتشافها بأية وسيلة، حتى باستخدام أي جهاز أو ماسح ضوئي”.
وكشف أن ثلاثة آلاف من أجهزة البيجر انفجرت عندما وصلت إليها رسالة مشفرة.
في حين أوضح مصدر أمني آخر أن ما يصل إلى ثلاثة غرامات من المتفجرات كانت مخبأة في هذه الأجهزة الجديدة ولم يكتشفها حزب الله لعدة أشهر.
“أكبر فشل”
من جهته أكد مسؤول في الحزب، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الانفجارات مثلت “أكبر خرق أمني” منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر.
بدوره، اعتبر جوناثان بانيكوف النائب السابق لمسؤول المخابرات الوطنية لشؤون الشرق الأوسط في الحكومة الأميركية أن “هذا الهجوم أكبر فشل لحزب الله في مجال مكافحة التجسس بلا ريب، منذ عقود”.
وغالباً ما يستخدم مقاتلو حزب الله تلك الأجهزة كوسيلة اتصال منخفضة التكنولوجيا في محاولة للتهرب من أنظمة تعقب المواقع الإسرائيلية.
حزب الله: ادفنوا هواتفكم
يشار إلى أن حزب الله كان أعد في فبراير الماضي، خطة حرب تهدف إلى معالجة الثغرات في بنيته التحتية الاستخباراتية التي خسرت نحو 170 مقاتلا بالفعل في هجمات إسرائيلية استهدفت لبنان، وقتلت أيضا قائده العسكري البارز فؤاد شكر فضلا عن القيادي في حركة حماس صالح العاروري في بيروت.
ففي خطاب ألقاه في 13 فبراير حذر الأمين العام للحزب حسن نصر الله أنصاره بشدة من أن هواتفهم أكثر خطورة من جواسيس إسرائيل قائلا “أغلقوها وادفنوها وضعوها في صندوق من حديد واقفلوها، افعلوا ذلك من أجل الأمن وحماية دماء الناس”.
وبدلا من الهواتف المحمولة، اختار الحزب توزيع أجهزة البيجر على أعضائه عبر فروعه المختلفة من المقاتلين إلى المسعفين العاملين في خدمات الإغاثة.
وكانت انفجارات الأمس أتت في وقت يتزايد فيه القلق الدولي والإقليمي من التوترات المتصاعدة بين إسرائيل وحزب الله، اللذين يتبادلان إطلاق النار عبر الحدود منذ اندلاع الحرب في غزة.