حرية ـ (19/9/2024)
محمد حسن الساعدي
مع ذهاب مقتدى الصدر إلى التغيير الرابع لاسم تياره والذي آخره “التيار الوطني الشيعي” فقد اقترب كثيرا من محاولة تغيير أيديولوجية المشاركة القادمة في السلطة وهذه المرة تعتمد على أساس النفوذ والقوة وضرب الآخرين دون هوادة. وكانت مقدمات هذه الحركة هي نعت الآخرين بـ”الأحزاب الفاسدة” والسعي الجاد من أجل التقرب من الأحزاب والتيارات الأخرى التي ربما تختلف مع الإطار الشيعي وتسعى إلى إزاحته من السلطة.
التطورات المهمة والخطوات التي يقوم بها التيار الصدري تشير بصورة واضحة إلى احتمالية عودته إلى السياسة ما يفتح المجال واسعا أمام النوايا التي تقف خلفها هذه العودة، حيث يرى مراقبون مختصون بالشأن السياسي العراقي أن عودة الصدريين قد تؤدي إلى زعزعة استقرار المشهد السياسي الذي نراه اليوم، إذ إن الصدر يضفي الشرعية على حقه في تمثيل الشيعة واعتماده على أنصاره. ولكن الأرقام تشير بحسب المفوضية العليا للانتخابات إلى أن التيار الصدري يمتلك 18 في المئة من أصوات الشيعة في العراق.
يرى المراقبون أن هناك سيناريوهات محتملة لعودة الصدريين إلى المشهد السياسي تتمثل بـ:
1 – تشكيل تحالف ثلاثي مماثل لتحالف 2021 والذي ضم الصدر والحلبوسي وبارزاني، والذي لم يستطع الذهاب نحو تشكيل الحكومة، وانسحاب العديد من أنصار الحلبوسي الذين اتهموه بتغليب مصالحه على مصالح العرب السنة. في حين أن البعض الآخر من القوى السنية غير راض بالتحالف مع الصدر، ويعده خروجا من الثوب السني والتحرك تحت عباءة الصدر.
2 – يسعى الصدر لاستمالة المستقلين عبر تأمين أغلبية انتخابية منهم. ويسعى الصدر إلى الحصول على 100 مقعد في البرلمان في الانتخابات القادمة وتشكيل تحالف إستراتيجي مع المستقلين والليبراليين لتشكيل حكومة لصالحه، حيث حقق المستقلون نجاحا مهما عبر حصولهم على 40 مقعدا من أصل 329، ما يعني أن هذا السيناريو ممكن التحقيق، خصوصا بعد حصول “امتداد” على 9 مقاعد وحالة الإحباط لدى الناخبين أمام الأحزاب التقليدية.
3 – في حالة عدم فوز الصدر في الانتخابات هناك احتمال أن يحتمي بالشارع عبر التظاهرات والمواجهة المباشرة مع الإطار التنسيقي، ما يعني أن المشهد السياسي قد يتأزم أكثر من السابق، خصوصا وأن من المرجح عدم تخلي الصدريين عن الساحة السياسية التي يعتقدون أنها غطاء لحمايتهم من أي ملاحقة قانونية. فلن يتخلى الصدريون عن وجودهم في الساحة السياسية إذا ما واجهوا أي تراجع لهم في أكتوبر من العام المقبل، فيسعون جاهدين إلى ترسيخ وجودهم السياسي وهذه المرة إلى الاحتجاجات والتي دفعتهم على إثر الخسائر إلى الانسحاب السريع من المنطقة الخضراء وسط بغداد.
4 – ربما يلجأ التيار الصدري إلى التقرب أو التقارب مع دولة القانون عبر التحالف بينهما في الانتخابات القادمة، خصوصا بعد تلميحات رئيس دولة القانون نوري المالكي إلى أن “لا مشكلة لي مع التيار الصدري أو الصدر نفسه ومستعد لفتح صفحة جديدة في العلاقات”، لأن العلاقة بينهما وحجم الخلاف يؤثران تأثيرا سلبيا على العملية السياسية في البلاد، ومع سعي المالكي إلى صياغة تعديلات من شأنها تقليص حظوظ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في الولاية الثانية، إذ تشير التقارير إلى أن هناك مباحثات سرية تجري بين الطرفين من أجل إيجاد أرضية مناسبة لذلك.
هذا التحالف قد يواجه عددا من العراقيل، خصوصا وأنه بعيد عن الواقع تماما، إذ إن الصدر لا يمتلك الوسائل الضرورية للحكم وبشكل مستقل. لذلك ربما يلجأ الصدر إلى الذهاب نحو قائمة محمد شياع السوداني للتحالف معها في الانتخابات القادمة، والذي بدأت شعبيته تتزايد في المجتمع العراقي والذي هو الآخر يجد ضالته واحتياجاته فيه.
الانتخابات القادمة قد تشهد متغيرات مهمة على الساحة السياسية والانتخابية بصورة عامة، وقد تحمل الكثير من المفاجآت سواء على المستوى الانتخابي أو التحالفات بين القوى السياسية. ولكن يمكن القول إن هناك تراجعا سيطرأ على بعض القوى المهمة داخل المكونات بسبب دخول قوى جديدة مثل كتلة السوداني والتي بالتأكيد ستأكل من أصوات القوى الشيعية داخل الإطار التنسيقي أو خارجه، بالإضافة إلى المتغيرات في قناعة الجمهور وصعود حظوظ السوداني والتي تجعله يتصدر المشهد القادم.