حرية ـ (23/9/2024)
استخدم عناصر حركة “حماس” الفلسطينية، طائرات شراعية آلية في هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي. وكانت تلك العملية الأولى من نوعها التي يتم فيها استخدام الطائرات الشراعية الآلية لشن هجمات مسلحة، وربما دفعت بعض العوامل الحركة الفلسطينية إلى استخدام هذا السلاح غير التقليدي، ما ألهم وفقاً لموقع EurAsian Times المتخصص بالشؤون الدفاعية، الجيش الأميركي، للتفكير باستخدام الطريقة ذاتها.
وأشار الموقع إلى أن الولايات المتحدة تدرس إمكانية إرسال جنود إلى القتال باستخدام الطائرات الشراعية الآلية أو غيرها من أجهزة التنقل الجوي الشخصية PAM.
ويُعتبر الطيران الشراعي باستخدام المحركات من رياضات المغامرة الشهيرة. وعادة ما تحلق هذه الطائرات بسرعات تتراوح بين 24 إلى 80 كيلو متراً في الساعة على ارتفاعات تصل إلى 5500 متر أو أكثر، مع الحصول على أذونات محددة.
ويتراوح وزن هذه الطائرات الخفيفة بين 20 و41 كيلو جراماً، ويعتمد الطيار عليها أثناء الإقلاع. كما أن سرعتها الأمامية البطيئة وأجنحتها اللينة تجعلها غير مناسبة للرياح العاتية أو الاضطرابات الجوية أو النشاط الحراري الشديد، وخاصة للطيارين عديمي الخبرة.
وكانت قدرة الطائرات الشراعية على الطيران المنخفض والبطيء، وسهولة نقلها، واستخدام الحد الأدنى من المعدات، وتكاليف صيانتها المنخفضة، وأجزاؤها المعدنية القليلة، ومقطعها الراداري المنخفض من بين عوامل الجذب لدى “حماس” لتفضيلها في هجوم 7 أكتوبر.
وسمح هذا المزيج للحركة بالتهرب من أنظمة الرادار، والهبوط على أهدافها بسرعة.
وبالتحليق على ارتفاعات منخفضة وعبور سياج حدود غزة، تمكنت عناصر “حماس” من التهرب من نظام رادار القبة الحديدية الإسرائيلي، إذ أقلعت مئات الطائرات الشراعية، وهبطت في بلدات جنوب إسرائيل في غضون دقائق في 7 أكتوبر من العام الماضي.
وبفضل قدرتها على حمل ما يصل إلى 15 لتراً من الوقود والسفر لمسافة تصل إلى 100 كيلومتر، قدمت هذه الطائرات الشراعية وسيلة ميسورة التكلفة للهجوم.
ويمكن إكمال العملية من التجميع إلى الإقلاع في بضع دقائق فقط، كما يعتبر التدريب على الطائرات الشراعية الآلية أمراً ليس معقداً للغاية. ويمكن تدريب الطيار في غضون أسابيع قليلة.
مهام متنوعة
ترك الهجوم متعدد الجوانب، والذي شمل هجمات برية وجوية وبحرية، القوات الإسرائيلية في حالة من الارتباك وعدم القدرة على الرد بشكل فعال، إذ أدى بحسب تقرير نشره الموقع المتخصص بالشؤون الدفاعية، إلى تسليط الضوء على الطيران المتحرك كمنصة عسكرية.
وقد تكون الطائرات الشراعية الآلية، التي تتسع لشخص واحد، أبسط الطائرات الآلية الموجودة على الإطلاق، وتتكون من نظام طائرة شراعية مع محرك متصل به يعمل بالبنزين أو الديزل.
ويتم تشغيل ما يسمى بـ”المحركات شبه الآلية” بواسطة بطاريات كهربائية، على الرغم من أن الإصدارات الكهربائية لديها حالياً مدى أقل بكثير.
ويجري تطوير نظام نقل الأفراد جواً PAMS، لمجموعة متنوعة من المهام، تشمل اللوجستيات الخاصة بالأفراد، والقتال المعزز في المناطق الحضرية، والبحث والإنقاذ القتالي، والحظر البحري، وعمليات التسلل والهروب التي تقوم بها قوات العمليات الخاصة SOF.
ويسمح هذا النظام النموذجي بالتنقل لمسافة لا تقل عن 5 كيلو مترات لمشغل واحد، ويمكن تجميعه ونشره في أقل من 10 دقائق، ولا يتطلب مساعدة من معدات خارجية.
وستكون هذه الأنظمة الجديدة قادرة على نقل مقاتلين فرديين مع المعدات والأسلحة بأوزان بين 150 إلى 400 رطل، لمسافة مئات الكيلومترات، ما يقلل الاعتماد على منصات الطائرات التقليدية، ويوسع النطاق المتاح من خلال أنظمة التسلل بالمظلات التقليدية.
اهتمام أميركي قديم
وكانت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون” تتمتع بتاريخ طويل في الاهتمام بالطائرات التي تتسع لشخص واحد، واختبر الجيش الأميركي، في خمسينيات القرن الماضي، ما لا يقل عن 4 تصاميم لطائرات من هذا النوع.
واستخدمت طائرة Williams X-Jet محركاً نفاثاً لتحليق جندي واحد بسرعات تصل إلى 60 ميلاً في الساعة، وعلى ارتفاع 10 آلاف قدم، بينما تتكون طائرة De Lackner HZ-1 من جندي واحد يقف بشكل غير مستقر فوق مجموعة من الدوارات الدوارة، في حين استخدمت منصة الطيران Hiller Model 1031-A-1 مروحة خطيرة بنفس القدر، أما دراجة Hiller YROE-1 الدوارة، والتي تم بناء 12 قطعة منها لسلاح مشاة البحرية، فقد بدت كأنها طائرة مروحية مختصرة.
ولم يكن أي منها يعمل بشكل جيد بشكل خاص، وكان معظمها خطيراً للغاية. وفي الاستخدام العسكري، عانت جميعها من نفس المشكلات التي تواجه الطائرات الشراعية، وخاصة سهولة التعرض لنيران العدو.
وبينما كان البنتاجون يجرب الطائرات التي تحمل شخصاً واحداً فقط في ستينيات القرن الماضي، لم يتم شراء أي من التصاميم بأعداد كبيرة وتشغيلها.
ورغم صعوبة تحقيق النجاح، أصبحت الطائرات التي تتسع لشخص واحد هاجساً يستحوذ على اهتمام الجيش الأميركي ما يقرب قرن من الزمان.
حقائب نفاثة وبدلات أجنحة
تستخدم حقيبة الظهر النفاثة جهاز النفاثات أو الدوافع لدفع مرتديها عبر الهواء. ويتم ارتداؤها مثل حقيبة الظهر.
وتوجد الدوافع الموجودة في بدلة حقيبة الظهر النفاثة في أجزاء مختلفة من الجسم، مثل الذراعين والساقين والظهر.
وتم عرض النماذج الأولى في ستينيات القرن الماضي. وابتكر الروسي ألكسندر أندرييف فكرة حقيبة الظهر النفاثة في عام 1919، حيث صمم محركاً صاروخياً يمكن ارتداؤه كحقيبة ظهر.
وتُستخدم حقائب الظهر النفاثة في الجيش لأغراض متنوعة، بما في ذلك الاستطلاع وعمليات القوات الخاصة والبحث والإنقاذ وغير ذلك الكثير.
وتعمل شركة مقرها بنجالورو الهندية، على تطوير حقيبة ظهر نفاثة تعمل بالديزل، يمكنها الطيران لمدة تصل إلى 8 دقائق، وتحمل حمولة تصل إلى 80 كيلو جراماً.
وتستخدم بدلات الأجنحة الآلية، والتي يشار إليها أيضاً باسم “بدلات الرجل الطائر”، بدلات ذات أكمام شبكية لإضافة مساحة مجنحة إلى جسم الطائر وتوليد المزيد من الرفع.
ويتيح هذا وقتاً أطول في الهواء من خلال الطيران الانزلاقي بدلاً من مجرد السقوط الحر.
وتستخدم البدلة المجنحة الحديثة، التي تم تطويرها لأول مرة في أواخر تسعينيات القرن الماضي، زوجاً من الأغشية القماشية الممتدة بشكل مسطح بين الذراعين والفخذين لتقليد الجناح، وغالباً أيضاً بين الساقين لتعمل كذيل، وتسمح ببعض التوجيه الجوي.
وكما هو الحال مع جميع أنواع القفز بالمظلات، ينتهي الطيران باستخدام بدلة الجناح دائماً تقريباً بفتح المظلة، وبالتالي يمكن الطيران باستخدام بدلة الجناح من أي نقطة توفر ارتفاعاً كافياً للطيران وفتح المظلة.
كما يُطلق عليها “بدلات السنجاب”، نظراً لتشابهها مع السناجب الطائرة، و”بدلات الخفاش”، وتشابهها مع أجنحة الخفاش.
وتتمتع هذه البدلة المجنحة بمحركات نفاثة صغيرة ومزودة بفوهة توجيه دفع يتم التحكم فيها يدوياً. ويمكن للدوافع الكهربائية الأربعة توليد سرعات طيران تزيد عن 280 كيلو متراً في الساعة.
وحطم الطيار البريطاني فريزر كورسان، في 22 مايو 2017، الرقم القياسي العالمي لأسرع سرعة تم الوصول إليها ببدلة طيران مجنحة، بلغت 396.86 كيلو متر في الساعة. ويعتبر أعلى ارتفاع للقفز ببدلة طيران مجنحة هو 13 ألف و183 متراً.
برنامج DARPA
دعت وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة DARPA التابعة للبنتاجون، إلى تقديم أفكار بحثية مبتكرة في المجالات التقنية المتعلقة بجدوى نظام PAMS المحمول.
وعرضت DARPA تمويل 1.5 مليون دولار للمقترحات القابلة للتطبيق. ويمكن نشر الأنظمة جواً للسماح بالتسلل إلى الأراضي المعادية أو نشرها على الأرض للسماح بقدر أكبر من الحركة على الطرق الوعرة من دون استخدام طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الحالية مثل المروحيات وطائرات CV-22.
ويمكن استخدام المنصات لمرة واحدة أو إعادة استخدامها مع الحد الأدنى من إجراءات إعادة التعبئة وإعادة النشر لضمان دعمها بشكل صحيح لحالات الاستخدام المتوقعة.
ويجب تصميم الأنظمة بحيث يمكن تجميعها ونشرها في أقل من 10 دقائق باستخدام أدوات بسيطة فقط أو بدون أي أدوات على الإطلاق، وألا تتطلب المنصات مساعدة من معدات خارجية أو عوامل بيئية فريدة أخرى، مثل الرياح والارتفاع وما إلى ذلك، للإطلاق والاسترداد.
وتشمل بعض الأمثلة عن التقنيات ذات الاهتمام، حزم الطائرات النفاثة، والطائرات الشراعية التي تعمل بالطاقة، والبدلات المجنحة التي تعمل بالطاقة، والأجنحة الطائرة التي تعمل بالطاقة، والتي يمكن أن تستفيد من تقنيات الدفع الكهربائي الناشئة، أو خلايا وقود الهيدروجين، أو أنظمة الدفع التقليدية التي تعمل بالوقود الثقيل.
وتكتسب الأنظمة ذات الصفات المميزة المنخفضة المتأصلة في تصميمها أهمية خاصة، مثل التوقيع السمعي المنخفض والتوقيع بالأشعة تحت الحمراء المنخفضة.
وعند نشرها، سيتم تصميم المنصة مع وضع العمليات المبسطة في الاعتبار بحيث يمكن تعليم أي شخص غير مألوف لها كيفية استخدامها بشكل آمن وفعال مع تدريب قليل نسبياً.
وفي القطاع الخاص، توجد سوق كبيرة لأنظمة التنقل الشخصية لمستجيبي الطوارئ، بما في ذلك الشرطة وعمليات البحث والإنقاذ، وخاصة الاستجابة لسيارات الإسعاف التي تتطلب وقتاً.
واعتماداً على النظام، قد تنشأ مجموعة واسعة من حالات الاستخدام الأقل أهمية للتسويق التجاري، بما في ذلك التنقل الحضري أو الترفيه.
جوانب سلبية
توجد بعض الجوانب السلبية للطائرات الشراعية عند استخدامها للقوات العسكرية، فهي بطيئة وصاخبة، وبالإضافة إلى قدرتها على الطيران على ارتفاعات منخفضة، فإنها تشكل هدفاً سهلاً للدفاعات الجوية للعدو.
وهذه مشكلة خاصة مع تزايد إلمام الجيوش بالتهديد الذي تشكله الطائرات بدون طيار، والتي تصدر أصوات طنين مماثلة، ما يؤدي إلى تحويل الجيوش انتباهها وبنادقها نحو السماء.
وتعد الطائرات الشراعية، مخصصة لشخص واحد، ولا توجد حماية للطيار من نيران العدو سوى الدروع الواقية الشخصية.
وتقرر تطوير أنظمة PAMS لدعم القوات المحمولة جواً في الولايات المتحدة، ومعالجة فجوات القدرات المحتملة، وتزويد أفراد الوحدة بالقدرة على الحركة الجوية لدعم حرية الحركة.
ورغم أن هذه الطائرات قادرة على حمل شخص واحد فقط، فإن قدرتها على حمل حمولة تصل إلى 400 رطل تعني أن جندياً يزن 180 رطلاً وطائرته الشراعية التي تزن 45 رطلاً يستطيعان نقل ما يصل إلى 170 رطلاً من المعدات.
ويتوقع أن تتطلب التهديدات المستقبلية في ساحة المعركة عمليات موزعة على وحدات صغيرة في بيئات معقدة ومتنازع عليها.
وقد لا تكون طائرات النقل التقليدية ذات الأجنحة الثابتة والدوارة متاحة لنقل الفرق الصغيرة، بسبب دعم مهام أخرى وصعوبة تشغيل هذه المركبات في مناطق التهديد التي تمنع الوصول إليها أو التي تمنع الوصول إلى مناطق أخرى.
ويحتاج القائد الميداني إلى حلول تنقل منخفضة التكلفة على مسافات ممتدة، إلا أن تلك الطائرات الشراعية ستمنح القائد المرونة في المواقع النائية والقاسية.
وستوفر الطائرة الشراعية العسكرية المزودة بمحرك القدرة على الطيران على ارتفاعات منخفضة، لزيادة القدرة على البقاء وتجنب اكتشافها من قبل العدو، والعبور على ارتفاعات أعلى.
كما سيدعم نظام PAMS عمليات الاستطلاع والمراقبة وحركة القوات بتكلفة أقل بكثير.
تهديدات مستقبلية
كان الحدث الذي وضع الطائرات الشراعية ذات المحركات على الخارطة هو الهجوم الذي شنته حركة “حماس” على إسرائيل، إذ تركت تلك الطائرات انطباعاً عميقاً، خاصة عندما حلقت فوق ما كان من المفترض أن تكون حدوداً شديدة التحصينات الأمنية بين إسرائيل وقطاع غزة.
ويتوقع أن تتطلب التهديدات المستقبلية في ساحة المعركة عمليات متفرقة تقوم بها وحدات صغيرة في بيئات معقدة ومتنازع عليها.
ويرجح أن تكون الأصول الجوية التقليدية، بما في ذلك طائرات النقل ذات الأجنحة الثابتة والدوارة، غير متاحة لحركة الفرق الصغيرة، بسبب دعم مهام أخرى وصعوبة تشغيل هذه المركبات في مناطق التهديد التي تمنع الوصول إليها.
وظهرت الطائرات الشراعية الآلية في العرض السنوي لقدرات أسبوع قوات العمليات الخاصة في تامبا بولاية فلوريدا، خلال مايو الماضي.
وشارك في العرض ما لا يقل عن 7 من أفراد الفرق الخاصة الذين حلقوا بالطائرات الشراعية الآلية، قبل دخولها بواسطة مروحيات مسلحة من فوج طيران العمليات الخاصة رقم 160.