حرية ـ (25/9/2024)
ودعت “أوبك” إلى المزيد من الاستثمار في صناعة النفط وقالت إن القطاع يحتاج إلى إنفاق 17.4 تريليون دولار حتى 2050
رفعت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في تقريرها السنوي توقعاتها للطلب العالمي على النفط على المدى المتوسط والبعيد، مشيرة إلى نمو تقوده الهند وأفريقيا والشرق الأوسط وتحول بطيء نحو المركبات الكهربائية والوقود النظيف.
وتوقعت “أوبك” في تقرير آفاق النفط العالمي لعام 2024 أن الطلب سيواصل النمو لفترة تتجاوز توقعات وكالة الطاقة الدولية وشركة “بي بي”، واللتين تتوقعان أن يبلغ الطلب على النفط ذروته خلال العقد الجاري.
ووصفت المنظمة، الاستغناء عن الوقود الأحفوري بأنه “ضرب من الخيال”، وقدرت أن الطلب على الخام سيستمر في الارتفاع حتى 2050 على الأقل، وهي عتبة رمزية في مكافحة تغير المناخ.
وقال الأمين العام لمنظمة “أوبك” هيثم الغيص خلال إطلاق التقرير في البرازيل، وهي دولة تسعى المجموعة إلى تكوين علاقات أوثق معها “الطلب المستقبلي على الطاقة موجود في العالم النامي بسبب زيادة السكان والطبقة المتوسطة والتنمية الحضرية”.
ومن المرجح أن يعطي ارتفاع الطلب على النفط لفترة أطول دفعة لـ”أوبك”، التي يعتمد أعضاؤها البالغ عددهم 12 دولة على إيرادات الخام.
أهداف الطاقة النظيفة
ودعماً لوجهة نظرها، قالت “أوبك” إنها تتوقع أن تواجه أهداف الطاقة النظيفة “الطموحة” المزيد من الضغوط، ولفتت إلى خطط عديد من شركات صناعة السيارات العالمية لتقليص أهداف التحول نحو المركبات الكهربائية.
وكتب هيثم الغيص في مقدمة التقرير “لا توجد ذروة للطلب على النفط في الأفق… شهد العام الماضي حالة أوسع من الإقرار بأن العالم لا يمكنه التحول نحو مصادر الطاقة الجديدة على نطاق واسع إلا عندما تكون مستعدة حقاً”.
وتتوقع “أوبك” وصول الطلب العالمي على النفط إلى 118.9 مليون برميل يومياً بحلول 2045، أي أعلى من المتوقع في تقرير العام الماضي بنحو 2.9 مليون برميل يومياً، وإلى 120.1 مليون برميل يومياً بحلول 2050.
وتتوقع شركة “بي بي” أن يبلغ استخدام النفط ذروته في 2025 ثم ينخفض تدريجاً حتى يصل إلى 75 مليون برميل يومياً في 2050.
وتتوقع “إكسون موبيل” أن يظل الطلب على النفط أعلى من 100 مليون برميل يومياً حتى 2050، وهو ما يقترب من المستوى الحالي.
الاستثمار في النفط
ودعت “أوبك” إلى المزيد من الاستثمار في صناعة النفط، وقالت إن القطاع يحتاج إلى إنفاق 17.4 تريليون دولار حتى 2050، مقارنة بنحو 14 تريليون دولار حتى 2045 في تقديرات العام الماضي.
وكتب الغيص، “يتعين على جميع صناع السياسات وأصحاب المصلحة العمل معاً لضمان مناخ ملائم للاستثمار على المدى البعيد”.
توقعات أعلى من وكالة الطاقة
ورفعت “أوبك” توقعاتها للطلب على المدى المتوسط مشيرة إلى وضع اقتصادي أقوى من العام الماضي مع تراجع الضغوط التضخمية، والبدء في خفض أسعار الفائدة.
وقالت إن الطلب العالمي في 2028 سيصل إلى 111 مليون برميل يومياً، ثم إلى 112.3 مليون برميل يومياً في 2029، وتزيد توقعات 2028 بواقع 800 ألف برميل يومياً عن توقعات العام الماضي.
وتتجاوز توقعات “أوبك” لعام 2029 توقعات وكالة الطاقة الدولية بأكثر من ستة ملايين برميل يومياً، وقالت الوكالة في يونيو (حزيران) الماضي إن الطلب سيصل لذروته في 2029 عند 105.6 مليون برميل يومياً.
وكان المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة فاتح بيرول شدد في مقابلة أجراها أخيراً مع وكالة الصحافة الفرنسية، على أن نمو الطلب العالمي على الخام “تباطأ إلى أقل من مليون برميل يومياً هذا العام”، وهو اتجاه يُتوقع أن يستمر في عام 2025، وعزا السبب إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني والتحول إلى الكهرباء في مجال النقل.
وتتعدى الفجوة بين توقعات الطرفين إجمالي ما تنتجه الكويت والإمارات العضوين في “أوبك”.
وعدلت “أوبك” توقعاتها في 2020 حينما تأثر الطلب على النفط بتداعيات جائحة كورونا قائلة إنه سيصل لذروته في أواخر ثلاثينيات القرن الحالي، قبل أن ترفع التوقعات مجدداً مع تعافي الاستهلاك.
ومن بين العوامل الرئيسة التي تدعم الطلب على النفط والطاقة بشكل عام، الزيادة في عدد سكان العالم، الذي سيرتفع من نحو 8 مليارات نسمة اليوم إلى 9.7 مليار نسمة بحلول عام 2050، وهو نمو تقوده أيضاً بلدان غير منضوية في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، وهي خصوصاً دول أفريقية وآسيوية.
وتوقعت المنظمة وجود 2.9 مليار مركبة على الطرقات بحلول 2050، بزيادة 1.2 مليار عن 2023، وعلى رغم زيادة المركبات الكهربائية فستشكل تلك التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي أكثر من 70 في المئة من الإجمالي.
وقال التقرير “المركبات الكهربائية في وضع يسمح لها بالحصول على حصة سوقية أكبر، لكن العقبات لا تزال قائمة، مثل شبكات الكهرباء، وقدرات تصنيع البطاريات، والوصول إلى المعادن الحيوية”.
ولا ترى “أوبك” أي تراجع سوى في الطلب على الفحم، في حين توقعت زيادة قوية في الطلب العالمي على الغاز إضافة إلى النفط، لكنها أكدت أن هذه الزيادة ستحل خلف زيادة الطلب على طاقة الرياح والطاقة الشمسية مجتمعتين، متوقعة أن يتضاعف الطلب عليهما خمس مرات في الفترة بين 2023-2050.
وتعمل “أوبك” وحلفاؤها، المعروفون باسم “أوبك+”، على خفض الإمدادات لدعم السوق، ويتوقع التقرير ارتفاع حصة “أوبك+” في سوق النفط إلى 52 في المئة في 2050 من 49 في المئة في 2023، وذلك مع بلوغ إنتاج الولايات المتحدة ذروته في 2030، وبلوغ إنتاج الدول غير الأعضاء في “أوبك+” ذروته في أوائل ثلاثينيات القرن.