حرية ـ (26/9/2024)
بعد إعلان دافيد بن غوريون إقامة دولة إسرائيل في مايو (أيار) 1948، احتار الإسرائيليون في اختيار رمز وعلم لدولتهم، فخصصوا “لجنة العلم والرمز” عرضت 164 اقتراحاً، إلى أن تم اختيار اقتراح جافريئيل ومكسيم شامير الذي يظهر المنوراه (الشمعدان السباعي) بخلفية زرقاء وعلى كلا جانبيه شعبتي زيتون باللون الأبيض والأزرق ترمزان وفقاً لمؤرخين إسرائيليين للطموح والسلام. وقررت الحكومة الإسرائيلية مذاك طباعة الشعار كرمز لليهود ويهودية الدولة على عملاتها الأساسية، وفي مقارها الرسمية والعسكرية.
وتولي إسرائيل أهمية بالغة للرموز والشعارات ودلالاتها ومدى ارتباطها بيهودية الدولة، إذ لا تخلو أي مؤسسة أو مرفق تعليمي أو طبي أو شوارع منها. ولا بد لأي زائر لتل أبيب أن يرى رموزاً عدة مثل المنوراه، ونجمة داود، وأسد يهوذا (أبرز الرموز اليهودية التي تزيّن الأدوات الدينية) وأغصان الزيتون. ويركز الكثير من رجال الدين في إسرائيل، على أهمية المقاربة بين رمزية شجرة الزيتون وقدرتها على التجدد بعد العديد من المصائب، وبين الشعب الإسرائيلي وجيشه المستمر بالحياة على رغم كافة الأحداث التاريخية، وفق تحليلات.
بحسب موقع jewishvirtuallibrary المتخصص في الشؤون الدينية اليهودية، تمثل النجمة السداسية في بعض التفسيرات اللغوية لموقع Lexilin، ميلاد النبي داود أو زمن اعتلائه للعرش. والنجمة السداسية التي تظهر في معظم الرموز والشعارات والأعلام الإسرائيلية، تعني بالعبرية “ماجين دافيد” أي “درع داود”، بسبب شهرة النبي داود في فن صناعة الدروع، والذي يمثل في الأدبيات اليهودية رمزاً للانتصار، اتخذته الحركة الصهيونية شعاراً لها. لذلك، مع إعلان قيام إسرائيل، اتخذت النجمة شعاراً لتكون وسط العلم الإسرائيلي.
رموز وألوان
كما في شعار الدولة، تظهر أوراق الزيتون في شعار الجيش الإسرائيلي، ورتب ضباطه، وبحسب مؤرخين، يرمز السيف في الشعار إلى القتال، بينما يرمز غصن الزيتون الملتف حوله إلى الشوق إلى السلام، فيما تظهر نجمة داود التي تعد رمزاً للتقاليد اليهودية، لتمثل الشعب اليهودي وتاريخه. وتبرز العديد من هذه العناصر في رموز أخرى عدة لقوات الجيش الإسرائيلي المختلفة. ويتميز لواء غولاني الذي يتبع للفرقة 36 ويُعتبر أحد أهم وأبرز ألوية المشاة الخمسة في الجيش الإسرائيلي النظامي المرتبط بالقيادة الشمالية، بشعار شجرة زيتون كبيرة بجذور ممتدة مع خلفية صفراء، في إشارة يرى محللون أنها ترمز إلى ما أراده مؤسس اللواء، أول رئيس وزراء إسرائيلي ديفيد بن غوريون، من امتداد وارتباط بالأرض، لأن الجنود الأوائل في اللواء كانوا من المهاجرين المزارعين. ويوضح مثقفون وخبراء في التاريخ اليهودي، أن سبب اختيار شجرة الزيتون شعاراً للواء غولاني كان بعد العودة من أم الرشراش (إيلات) في عام 1949 إلى الجليل، حيث اختيرت من دون غيرها من الأشجار لامتداد جذورها بالتربة واخضرار أوراقها طوال العام، ويرمز اللون الأخضر إلى تلال الجليل الخضراء، أما الأصفر فيرمز إلى صحراء النقب التي خاض فيها اللواء معارك في حرب 1948. فيما يتألف شعار “لواء 89” عوز المعروف بالكوماندوس والمكرّس بالكامل للعمليات الخاصة، ويشبه إلى حد كبير فوج “الصاعقة 75” في الجيش الأميركي، من سكين الكوماندوز ترتفع عن سطح البحر، وسهم مزدوج الرأس فوقه، وهو يرمز إلى التسمية الخاصة للواء وتنقله عن طريق الجو أو البحر. وقد تأسس في 27 ديسمبر (كانون الأول) عام 2015. ويظهر شعار “لواء 401” أو ما يُعرف بـ “أعقاب الفولاذ” كأحد ثلاثة ألوية يتكون منها سلاح المدرعات الإسرائيلي، ويتبع فرقة المدرعات “162”، ويمثل أقوى أولويتها، بآثار دبابة على الأرض مع خلفية صفراء، في دلالة على الأهمية الكبيرة لهذا اللواء في المعارك الميدانية نظراً لامتلاكه الدروع وامتيازه بالقوة والقدرة على الحركة، كيف لا وقد تأسس في عام 1967 بهدف تقوية خطوط الدفاع الإسرائيلية عند قناة السويس خلال حرب الأيام الستة؟ وقد لعب منذ تأسيسه، دوراً مركزياً وحاسماً في كل حروب إسرائيل، على كافة الجبهات.
شمشون الثعلب
بما أن السيف عموماً جزء أساسي من شعار الجيش الإسرائيلي، صُمم شعار “الفرقة 36” التي تعد أكبر فرقة مدرعة في الخدمة النظامية في سلاح المدرعات تتوسطه دبابة بأجنحة، وفي أعلاها سيف يرمز إلى “القدرة القتالية” للفرقة، في حين تشير الدبابة المجنحة إلى أنها فرقة مدرعة وبها ألوية مدرعة، أما الأجنحة فإشارة إلى الحركة السريعة والسهلة للفرقة، على رغم كونها فرقة مدرعة. ويرمز اللون الأحمر، في الشعار بحسب تفسيرات الجيش الإسرائيلي إلى دماء جنود الفرقة الذين سقطوا في معارك مختلفة، أما اللونان الأزرق الفاتح مع الأبيض على الجناح فهي إشارة إلى العلم الإسرائيلي، فيما اللونان الأخضر والأسود، هما عموماً لونا سلاح المدرعات في الجيش الإسرائيلي.
ويمثل شعار “لواء غفعاتي” للمشاة في جيش الإسرائيلي، صورة لنبتة صبار في الصحراء، وفي منتصفها سيف يحيط به ثعلب أحمر، في إشارة إلى أن اللواء كالصبار يعيش في الصحراء، وأنه كما الثعالب قادر على المراوغة والخديعة. وتأسس اللواء في أواخر عام 1947 على يد منظمة “الهاغانا”، ثم أصبح جزءاً من الجيش يتبع فرقة الصلب المدرعة التابعة للقيادة الجنوبية، وكانت إحدى مهماته هي منع القوات المصرية من الاستيلاء على مستوطنة “نيجبا” وفصلها عن بقية “إسرائيل”، إذ تم تنفيذ العملية بواسطة وحدة جيب اسمها “شمشون الثعلب”، ونتيجة لذلك اتخذ اللواء رمز الثعلب. وتنبع أهمية رمز الثعلب في شعارات ألوية وفرق وكتائب الجيش الإسرائيلي بالأساس من التوراة، الذي وصف القاضي شمشون (من شخصيات العهد القديم، هو بطل شعبي يهودي) بأنه ربط المشاعل بأذيال 300 ثعلب، وتركهم يجرون في حقول الأعداء لحرقها.
الثعبان الطائر
ينفرد “لواء المظليين 35” من سلاح المشاة المتطوع في الجيش الإسرائيلي تحت قيادة منطقة الوسط بشعار الثعبان الطائر، في رمزية إلى أن جنود اللواء المؤهلين كمظليين، يخدمون كمحاربين في سلاح المشاة بكل ما تعني الكلمة. ولواء المظليين يقوم على تفعيل وحدة المستعربين الخاصة بمكافحة الإرهاب المسماة “دبدوبان”. ويمتلك اللواء “كتيبة 890” والمعروفة بكتيبة الأفعى “الحاربة” التي أخذت مكانها كقوة محاربة متميزة حينما انضمت إليها الوحدة “101” أو كتيبة “الكوبرا (أشد أنواع الأفاعي سميّة) التي شاركت في عمليات الرد العسكري في الخمسينيات. واختيرت الأفعى كشعار وضمن أسماء مختلف كتائب وسريات اللواء، لأن هذه الأنواع من الأفاعي يحب الأرض.
إلى ذلك، يتكون شعار “لواء الناحال 933” من ألوية النخبة في سلاح المشاة النظامية في الجيش الإسرائيلي، من سيف ومنجل وقمح، والتي ترمز بحسب الجيش إلى حماية العمل في الأرض والزراعة، في حين تمثل اﻷسهم اﻷربعة الملونة في الشعار الكتائب اﻷربعة التابعة للواء. ويرتدي جنود لواء “ناحال” الذي تأسس عام 1982 قبعة خضراء فاتحة مع شعار سلاح المشاة، ويلبسون أحذية حمراء اللون. ويضم كتيبة “بازلت 50” وكتيبة “شاخام 931” وكتيبة “غرانيت 932” وكتيبة الاستطلاع توبار (القوة الخاصة) 934، والتي تتكون بدورها من أربع سرايا: المضادة للدبابات والتخريب والهندسة وسرية سلاح اﻹشارة وسرية الاستطلاع “تسور”.