حرية ـ (28/9/2024)
أحمد عبد التواب
فتحت إسرائيل باب الجحيم أمام العالم كله، بتفخيخها أجهزة البيجر والووكى توكى فى لبنان، وبنجاحها فى إيذاء أعدائها دون أدنى تردُّد أمام إيقاعها قتلى وجرحى فى صفوف المدنيين! لأنها أتاحت بهذا لكثيرين، مِنهم مَن ينتمون إلى معسكرات غير قريبة من إسرائيل، فرصة أن يفعلوا بالمثل، باستخدام نفس الأجهزة بنفس الطريقة لتحقيق الأهداف التى يهمهم تحقيقها ضد أعدائهم للوصول إلى نتيجة شبيهة، أو ربما يُطوِّرُون الفكرة، وفق أجندتهم، بوسائل أخرى لتحقيق نتائج أخرى.
كان أسرع ردود الأفعال من الصين، فى سياق حربها الاقتصادية الضروس مع أمريكا، فحذَّرت شعبَها من الإقبال على السلع الغربية، لأنها، وفق التحذير، لم تعد مضمونة بعد تفجيرات إسرائيل، وأنها ربما تكون ملغمة بالمثل لقتل وترويع الصينيين عندما يتصاعد الصراع! من المؤكد أن أثر هذه الحملات التوعوية فى الصين لم يظهر بَعد، وإن كان هناك توقع أن يترتب عليه خسائر كبيرة للسلع الغربية. وبالتوازى مع هذا، وفى اتجاه عكسى ضد الصين، بدأ الإعلام الأمريكى نهجا جديدا، فورا بعد التفجيرات الإسرائيلية، فى محاربة السلع الصينية، التى غمرت السوق الأمريكية، مثل السيارات الصينية التى بدأت ضدها حملات إعلامية، تستشهد بواقعة تفجيرات إسرائيل، لتحذير الأمريكيين من أن السيارات الصينية الكهربائية الحديثة تقوم على نظام اتصالات معقد، المُفْتَرَض أنه لتلبية رفاهية السائق، إلا أنه قد يستغله صانعوه فى الصين، إن لم يكن فى تفجير السيارات وقت الصراع مع أمريكا، فعلى الأقل يمكنهم تعطيلها عن بُعْد. هدف الحملات تخويف الأمريكيين من خطر أن يتعطل فى وقت واحد أكثر من مليونى سيارة صينية على الطرق الأمريكية!
وكما ترى، فقد تجاوزت الجريمة الإسرائيلية فى لبنان خيال مرتكبيها، وصار على البشر فى كل البلاد أن يتوجسوا من أن يهاجمهم أعداؤهم فى عقر دارهم بما لا يتوقعونه، وعلى غير جبهات القتال المعروفة تاريخيا. فلم يعد هناك ضمانة من أن تلجأ دولة عدو، أو عصابة منظمة، إلى دسّ السم فى أجهزة طبية أو أدوية، وإخفائه بطرق تعجز عن كشفها أجهزة الفحص المتاحة فى الدولة المُسْتَهدَفَة.