حرية ـ (1/10/2024)
عز الدين أبو عيشة
مع بداية الحرب الإسرائيلية ضد حركة “حماس” في قطاع غزة دخل “حزب الله” اللبناني في المواجهة العسكرية وأعلن مراراً أن تدخله يأتي من باب جبهة المساندة، وليس الدخول في قتال وعملية عسكرية مفتوحة، ولكن بعد بدء تل أبيب عملية “سهام الشمال” هل تستطيع الفصائل الفلسطينية رد الجميل وإسناد “حزب الله” في حربه؟
على مدار عام من حرب القطاع تعرضت “حماس” والفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة لضربات عسكرية إسرائيلية قاسية وخسرت بسبب القتال عدداً ضخماً من العتاد العسكري والمقاتلين والصواريخ، مما قوض قدرة الحركة على مواجهة الجيش الإسرائيلي الذي يتوغل برياً في القطاع.
خسائر “حماس”
خلال الحرب تمكنت إسرائيل من قتل أكثر من نصف مقاتلي “حماس” في غزة، وعملت القوات البرية على تدمير أنفاق الحركة في معظم أنحاء القطاع، وتمكن الجيش الإسرائيلي من الوصول إلى مصانع الأسلحة والذخيرة وتدميرها.
إضافة إلى ذلك فإن الجيش الإسرائيلي دمر من طريق القصف أو التوغل البري معظم مستودعات تخزين الصواريخ التي تعتمد عليها الفصائل الفلسطينية في أي مواجهة عسكرية، والأهم من هذا فإن تل أبيب تمكنت من القضاء على قادة بارزين في الحركة، وبهذا تكون “حماس” فقدت معظم قدراتها.
من على منصة الأمم المتحدة أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تمكنه من سحق حركة “حماس” بالكامل، وأن جيشه نجح في القضاء على قدراتها العسكرية، وأن ما تبقى منها يقتصر فقط على بعض العناصر غير المنظمين الذين يعملون ميدانياً.
“حماس” لن تستطيع إسناد لبنان
من وجهة نظر الباحث السياسي الإسرائيلي ديفيد بن مناحيم فإن إسرائيل اتخذت قرار شن هجوم موسع على لبنان بعدما تأكدت من أن “حماس” غير قادرة على المواجهة العسكرية نهائياً، وأنها نجحت في قص أطرافها وإلحاق ضرر بليغ في قدراتها العسكرية، وأنها غير قادرة على تشكيل خطراً على جنودها في غزة، إضافة إلى صعوبة بناء نفسها من جديد.
يستدل بن مناحيم على كلامه بدلائل عدة ويقول “منذ أشهر لم تطلق حركة (حماس) أو أي فصيل مسلح آخر في غزة أي قذائف صاروخية صوب إسرائيل، وهذا يعني فقدانها هذا السلاح الاستراتيجي الذي يشكل العمود الفقري للحركة أو لعملية إسناد لبنان إذا كانت (حماس) تنوي القيام بمساندة (حزب الله)”. ويضيف “ضعفت (حماس) لدرجة أنها غير قادرة على مقارعة أو مناوشة الجنود الإسرائيليين الموجودين في غزة، سواء في محافظة رفح أو محور نتساريم، والدليل أنها منذ فترة طويلة لم تعلن أي عمليات مواجهة لها، وكذلك توقف نشرها المقاطع المصورة التي يلتقطها مقاتلوها أثناء نصب مكامن للجيش”. ويرى الباحث السياسي الإسرائيلي أن “حماس” لا تستطيع إسناد جبهة لبنان ولا تستطيع إشغال الجيش الإسرائيلي عن القتال هناك، وكذلك عاجزة عن عرقلة سرعة الهجوم على الضاحية الجنوبية، وهذا يعني أنه تم تفكيكها وأن حرب غزة على وشك النهاية.
“حماس”: صف واحد
أما من وجهة نظر “حماس” فإن الأمر مختلف تماماً، إذ يقول القيادي في الحركة علي بركة “سنواصل مواجهة الجيش الإسرائيلي عسكرياً، وكما قدم لنا لبنان جبهة مساندة سنفعل ذلك لهم، قيامنا في هذه الخطوة سيكون صفعة على وجه نتنياهو الذي يعتقد أن (حماس) انتهت”. ويضيف، “لدينا تضامن مطلق مع لبنان الذي وفر جبهة مساندة لنا في حرب غزة، ولهذا (حماس) ستقف في صف واحد مع (حزب الله)، ونواجه الجيش الإسرائيلي بخطط لا يتوقعها بتاتاً”.
وللوقوف على خطط “حماس” في مساندة الجبهة اللبنانية تحدثت “اندبندنت عربية” مع أحد قياديي “حماس” في غزة، والذي يعترف بصورة واضحة أن “حماس” فقدت كثيراً من قدراتها، خصوصاً على مستوى إطلاق الصواريخ.
فعل عسكري محدود
في الواقع تعد القذائف الصاروخية السلاح الأساس والعمود الفقري الذي كان يمكن أن تبني عليه “حماس” جبهة مساندة للقتال في لبنان، ولكن خسارة هذا السلاح تقوض رسمياً من مساندة الحركة لحلفائها. ويقول المصدر الحمساوي “على رغم خسارة الصواريخ، فإننا قادرون على إسناد جبهة لبنان بطرق مختلفة لن نفصح عنها لأسباب أمنية، ربما يكون ذلك من داخل لبنان أو من المخيمات الفلسطينية هناك، أو من ساحة قطاع غزة نفسها، لكن من المؤكد أننا سنتدخل بقوة في هذه الحرب”. وبحسب القيادي الحمساوي أيضاً، فإن الجبهة اللبنانية على دراية بحال “حماس” اليوم، سواء داخل قطاع غزة أو خارجه، وفهم واقع الحركة يجعل “حزب الله” لا ينتظر مساندة قوية من الحركة، وإنما يقدر بأن المطلوب هو مواصلة مساندة قطاع غزة بجميع الوسائل المتاحة.
ويؤكد الباحث العسكري اللواء المتقاعد زاهر العجلة أن “حماس” لن تستطيع مساندة الجبهة اللبنانية في الحرب، ولكن يمكنها تنفيذ هجمات ضد القوات البرية الموجودة داخل مدينة رفح أو محور “نتساريم”، وأيضاً يمكنها مباغتة القوات الإسرائيلية في تنفيذ عمليات انتحارية نظراً لفقدان معظم الأسلحة. ويقول العجلة “قد توجه (حماس) ضربات محدودة لإسرائيل من داخل قطاع غزة في الذكرى السنوية لهجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وبعد ذلك تعدها خطوة لمساندة الجبهة اللبنانية، إذ ما زالت الحركة تملك بعض القوى البشرية وبعض العتاد العسكري”.