حرية ـ (17/10/2024)
العرب والسود، شريحتان انتخابيتان لطالما نظر إليها أنها أقرب إلى الديمقراطيين لظروف تاريخية وسياسية متعددة، لكن في الانتخابات الحالية يبدو الناخبون من هاتين الفئتين أقل حماسة للتصويت لمرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، فالعرب محبطون من تعامل إدارة جو بايدن وهاريس مع حرب غزة، وشريحة واسعة من السود بخاصة الرجال تشعر بإهمال الحزب الديمقراطي لها وإخلاف الوعود.
أوباما يدق ناقوس الخطر
وتبينت جدية المخاوف في شأن تصويت شرائح من السود لدونالد ترمب عندما دق باراك أوباما قبل أيام ناقوس الخطر داخل الحزب الديمقراطي بسبب قلة إقبال الناخبين السود لدعم هاريس وعاتب الرجال السود تحديداً، وقال إن نائبة الرئيس لا تحصل على الزخم نفسه من التأييد الذي تلقاه من المجتمع الأسود قبل أكثر من عقد، مما أثار انتقادات نشطاء سود لتدخل أوباما في خيارات الناخبين، وطريقته في محاضرة أبناء مجتمعه.
أما المجتمع الأميركي العربي في هذه الانتخابات فيبدو أقل حماسة للتصويت للديمقراطيين بسبب معارضتهم لسياسات الإدارة الحالية تجاه غزة، وتجلى غضب الناخبين العرب الأميركيين في انكماش تأييدهم للرئيس بايدن قبل تنحيه من السباق، وانسحب الامتعاض منه على هاريس نفسها، إذ قررت لجنة العمل السياسي العربية في ميشيغان أنها لن تدعم هاريس ولا ترمب، وهذه المرة الأولى التي لا تدعم اللجنة أي مرشح منذ تأسيسها قبل 20 عاماً. وعادة ما أيدت اللجنة مرشحي الحزب الديمقراطي، إذ دعمت بايدن في 2020 وهيلاري كلينتون في 2016.
الورطة الديمقراطية بالأرقام
يعتبر القادة الديمقراطيون الناخبين السود عصب الحزب، لكن الأرقام تظهر أن تأييدهم في هذه الانتخابات متأرجح، فعلى رغم ترجيح فوز هاريس بغالبية أصوات السود، إلا أنه من المحتمل أن يخطف ترمب بعض الأصوات، إذ استهدفت حملته الأميركيين الأفارقة والرجال منهم تحديداً برسائل وأحداث موجهة لكسب دعمهم. وكشف استطلاع لـ”نيويورك تايمز” عن أن 15 في المئة من السود يخططون للتصويت للرئيس السابق، في زيادة بست نقاط عن نسبة التأييد قبل أربع سنوات.
وأظهر الاستطلاع أن 40 في المئة من الأميركيين الأفارقة تحت عمر 30 سنة يعتقدون أن الحزب الجمهوري أكثر وفاء بوعوده الانتخابية من الديمقراطي، وبلغت نسبة الأميركيات الأفارقة الداعمات لهاريس 83 في المئة، في حين أبدى 12 في المئة أنهن يدعمن بايدن وخمسة في المئة مترددون. وقال 70 في المئة من الرجال السود أنهم سيدعمون المرشحة الديمقراطية، أقل بـ15 في المئة من نسبة تأييدهم لبايدن في 2020.
ولجذب الناخبين، أطلقت حملة هاريس جولات للجامعات والكليات السوداء وتستهدف المصوتين السود المتدينين في الولايات المتأرجحة.
ويرى 56 في المئة من الناخبين السود أن الولايات المتحدة يجب أن تقلل انشغالها بالمشكلات الدولية وتركز على القضايا المحلية، وهو موقف متسق مع توجهات المرشح الجمهوري الانكفائية. ويدعم 40 في المئة جدار ترمب الحدودي و41 في المئة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وهو ما يدعمه المرشح الجمهوري، في حين يعارض 52 في المئة ذلك. وعلى صعيد الجريمة، 47 في المئة من الناخبين السود أقرب إلى ترمب في موقفهم بأن معدلات الجريمة في المدن خرجت عن السيطرة.
المشكلة الديمقراطية مع العرب
عربياً كان دعم الأميركيين العرب للحزب الديمقراطي يتضاءل لأسباب ثقافية واجتماعية، منها ما هو متعلق بترويج الحزب لأجندة المثليين، وتكريسها في المدارس. وجاءت حرب غزة لتعمق الفجوة بين الأميركيين العرب والديمقراطيين، إذ أظهرت التقارير أن نسبة الناخبين الذين كانوا يعتزمون التصويت لبايدن في 2020 بلغت 59 في المئة، لكن هذه النسبة انحدرت إلى 17 في المئة وفقاً لاستطلاع في أكتوبر 2023.
ومن الواضح أن ذلك ينطبق على هاريس أيضاً، إذ أظهر استطلاع لـ”المعهد العربي الأميركي” أن 46 في المئة يدعمون المرشح الجمهوري في مقابل 42 في المئة مع نظيرته الديمقراطية، مما يرجح حدوث انقلاب داخل الكتلة العربية التي لطالما صوتت غالبيتها للحزب الديمقراطي.
وبعد هجوم السابع من أكتوبر، انخفض عدد العرب الأميركيين الذين صنفوا أنفسهم ديمقراطيين من 40 في المئة في أبريل 2023 إلى 23 في المئة في أكتوبر الماضي، ثم ارتفعت النسبة إلى 38 في المئة، ومن بين المشاركين في الاسطتلاع قال 12 في المئة إنهم سيصوتون لمرشح حزب ثالث.
وجد الاستطلاع أن هاريس أضاعت فرصة في المؤتمر الديمقراطي بعدم دعوة فلسطيني للتحدث على المنصة، إذ قال 55 في المئة من الأميركيين العرب إنهم كانوا ليكونوا أكثر ميلاً لدعمها لو فعلت ذلك.
وسعت حملة ترمب إلى استغلال هذه المشاعر العربية الرافضة لنهج إدارة بايدن في غزة عبر فتح مكتب تمثيلي لها في هامتراك، وهي مدينة صغيرة في ميشيغان يبلغ عدد سكانها نحو 28 ألف شخص، و40 في المئة منهم أصولهم من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و60 في المئة منهم مسلمون.
ونجح ترمب في استقطاب دعم عمدة هامترامك الديمقراطي أمير غالب، أول عمدة مدينة مسلم في أميركا، الذي أعلن دعمه للرئيس السابق في سبتمبر الماضي، وقال، “قد لا أتفق مع الرئيس ترمب في كل شيء، لكنني أعلم أنه رجل مبدأ. قد يفوز في الانتخابات ويصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة وقد يخسر، لكنني أعتقد أنه الخيار الصحيح في هذا الوقت الحرج”.
ومن المتوقع أن تكون مشاركة الأميركيين العرب في هذه الانتخابات أضعف من التي سبقتها، وتراوح الإقبال في مشاركتهم سابقاً في نطاق 80 في المئة، لكن هذه المرة قال 63 في المئة قط إنهم متحمسون للتصويت.