حرية ـ (23/10/2024)
رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الأربعاء أن قمة دول مجموعة “بريكس” التي تستضيفها بلاده تشهد تشكيل “نظام عالمي متعدد الأقطاب”، مؤكداً رغبة موسكو في مواجهة “الهيمنة” الغربية.
وقال بوتين في كلمة أمام زعماء دول تتقدمها الصين والهند خلال الافتتاح الرسمي للقمة إن “مسار تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب جار حالياً، وهو مسار دينامي ولا رجعة فيه”.
وحذر بوتين من أن اللجوء المتزايد للعقوبات الاقتصادية والحمائية يهدد بإثارة “أزمة” عالمية. وقال “يبقى احتمال نشوب أزمة بالغة. وهي لا ترتبط بالتوترات الجيوسياسية الدائمة التزايد، لكن أيضاً توسع اللجوء الى العقوبات الأحادية الجانب، والحمائية والمنافسة غير العادلة”.
وأضاف الرئيس الروسي خلال اجتماع لـ”بريكس” إن أكثر من 30 دولة أبدت رغبتها في الانضمام للمجموعة. مؤكداً أنها ستناقش التوسع مع الأخذ في الاعتبار الحاجة إلى الحفاظ على الكفاءة.
ونقلت وكالة “تاس” الروسية للأنباء عن المتحدث باسم “الكرملين” دميتري بيسكوف قوله اليوم الأربعاء، إن عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو) لا تمنع انضمامها إلى مجموعة “بريكس” إذا ما قررت ذلك.
أوكرانيا على الطاولة
من جانبه، شدد الرئيس الصيني شي جينبينغ، في كلمة ألقاها الأربعاء خلال افتتاح قمة دول “بريكس” على ضرورة “عدم تصعيد القتال” في أوكرانيا. مضيفاً “تستمر أزمة أوكرانيا. علينا احترام المبادئ الثلاثة المتمثلة بعدم توسع ميدان المعركة، عدم تصعيد القتال، وعدم صب الزيت على النار من قبل الأطراف المعنيين، بشكل يتيح تهدئة الوضع في أقرب وقت ممكن”.
في المقابل، أكد “الكرملين” الأربعاء، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ قادة دول مجموعة “بريكس” المجتمعين في مدينة قازان، بأنه “يرحب” بعرض عدد منهم التوسط لإنهاء الحرب مع أوكرانيا، لافتاً إلى تحقيق قواته تقدماً ميدانياً.
وقال المتحدث باسم “الكرملين” دميتري بيسكوف “أبدت دول عدة رغبتها في الإسهام بشكل أكثر فاعلية في مسار الحل، مبدية استعدادها لأداء دور الوسيط، وهو ما رحب به الرئيس الروسي”.
وأضاف، بحسب ما نقلت وكالات أنباء روسية، أن بوتين يرى “دينامية إيجابية على الجبهة” بالنسبة إلى القوات الروسية التي هاجمت أوكرانيا مطلع عام 2022.
في تحد للغرب الساعي إلى عزله دولياً منذ بدأ حربه على أوكرانيا سلط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الضوء على التفاهم القائم بينه وقادة دول “بريكس”، خلال قمة للمجموعة التي تضم خصوصاً الصين والهند.
وعقد الرئيس الروسي سلسلة اجتماعات طوال نهار أمس الثلاثاء في قازان حيث تعقد القمة، والتقى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا وشريكه الآسيوي الأكبر الرئيس الصيني شي جينبينغ.
عالم تعمه الفوضى
وفي مستهل اللقاء مع شي قال بوتين إن “التعاون الروسي – الصيني على الساحة الدولية يعد أحد عوامل الاستقرار العالمي”، في حين أشاد الرئيس الصيني بالعلاقات “الوطيدة” القائمة بين بلاده وروسيا في عالم “تعمه الفوضى”.
ووفق المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف تم التطرق خلال اللقاء إلى النزاع في أوكرانيا والعلاقات مع دول الغرب.
وقال بيسكوف “مرة جديدة، سُجل تقارب كبير في المواقف والمقاربات في ما يتعلق بما يحدث في العالم”، موضحاً أن “حيزاً زمنياً طويلاً خصص لملف أوكرانيا” خلال هذا اللقاء الذي استمر نحو الساعة.
وكان بوتين الطامح إلى وضع حد “للهيمنة” الغربية أشاد لدى لقائه رئيس الوزراء الهندي بالعلاقات المميزة القائمة بين البلدين، على المستويين الدبلوماسي والتجاري.
وقال مودي للرئيس الروسي “نعتقد أنه يتعين حل النزاعات سلمياً فحسب. وندعم بالكامل الجهود الرامية لإعادة السلام والاستقرار بصورة سريعة”.
وعلى غرار شي لم يصدر مودي يوماً أية إدانة للحرب الروسية على أوكرانيا.
ومن المقرر أن يحضر نحو 20 زعيماً آخر القمة بينهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وتشمل القضايا الرئيسة المدرجة على جدول الأعمال فكرة طرحها بوتين بتأسيس نظام للدفع بقيادة “بريكس” لمنافسة نظام “سويفت”، وهي الشبكة المالية الدولية التي منعت المصارف الروسية من الوصول إليها عام 2022، فضلاً عن النزاع المتصاعد في الشرق الأوسط.
استعراض دبلوماسي
وأشاد الكرملين بقمة “بريكس” باعتبارها انتصاراً دبلوماسياً يظهر فشل المساعي الغربية إلى عزل موسكو على خلفية حرب أوكرانيا.
وقللت الولايات المتحدة من أهمية فكرة أن مجموعة “بريكس” يمكن أن تصبح “خصماً جيوسياسياً”، لكنها عبرت عن قلقها من استعراض موسكو قوتها دبلوماسياً في ظل تواصل النزاع في أوكرانيا.
وتقدمت موسكو ميدانياً بصورة ثابتة في شرق أوكرانيا هذا العام، بينما عززت علاقاتها مع الصين وإيران كوريا الشمالية وهي ثلاث دول تعدها واشنطن غريمة لها.
وقال المحلل السياسي في موسكو كونستانتين كالاتشيف لوكالة الصحافة الفرنسية إن الكرملين يهدف عبر جمع قادة “بريكس” في قازان إلى “إظهار أن روسيا ليست غير معزولة فحسب، بل إن لديها أيضاً شركاء وحلفاء”.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف في حق بوتين عام 2023 على خلفية الترحيل غير القانوني لأطفال من أوكرانيا، وتخلى الرئيس الروسي عن خطط لحضور قمة سابقة في جنوب أفريقيا العضو في “الجنائية الدولية”.
وأفاد كالاتشيف أن الكرملين يريد هذه المرة إظهار “بديل للضغط الغربي، وأن عالماً متعدد الأقطاب هو واقع”، في إشارة إلى جهود موسكو الرامية لتغيير موازين القوى ودفعها بعيداً من البلدان الغربية.
وقال الرئيس الروسي لمودي في المحادثات التلفزيونية إن على القادة في قازان “أن يتخذوا عدداً من القرارات المهمة الهادفة إلى تحسين أنشطة المنظمة”.
حرب السرديات
ومن جانبه، أكد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا أمس الثلاثاء أنه يعد روسيا “حليفاً قيماً” ودولة صديقة، أثناء محادثات مع بوتين خلال القمة.
وقال رامابوزا “ما زلنا نرى في روسيا حليفاً قيماً وصديقاً قيماً دعمنا من البداية، منذ كفاحنا ضد الفصل العنصري وحتى الآن”.
ويقوم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأول زيارة له إلى روسيا منذ أبريل (نيسان) 2022 لحضور القمة. وسيعقد اجتماعاً مع بوتين غداً الخميس -بحسب الكرملين- لإجراء محادثات انتقدتها كييف.
ويرى الغرب أن روسيا تستخدم “بريكس” لتوسيع نفوذها والترويج لروايتها في شأن النزاع الأوكراني.
وحذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن انتصار بوتين ميدانياً في أوكرانيا يمكن أن يشجع بلداناً أخرى على القيام بخطوات مماثلة.
وتوسعت مجموعة “بريكس” التي بدأت بأربعة أعضاء لدى تأسيسها عام 2009 لتشمل اقتصادات ناشئة أخرى مثل جنوب أفريقيا ومصر وإيران.
لكن المجموعة تعاني انقسامات داخلية بما في ذلك بين الهند والصين اللتين تعدان من أبرز أعضائها.
وأعلنت تركيا الدولة المنضوية في حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي ترتبط بعلاقة معقدة مع موسكو والغرب خلال سبتمبر (أيلول) أنها ترغب بالانضمام إلى المجموعة.
ومن جهته، ألغى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا زيارته قازان لحضور القمة في اللحظة الأخيرة، بعدما تعرض إلى إصابة في الرأس تسببت له بنزف دماغي بسيط.