حرية ـ (27/11/2024)
أقرّ وزير الاستخبارات الإيراني السابق محمود علوي، بأن وزارته فشلت في التعرّف على منفذي اغتيال العلماء النوويين، ولم تستطع حتى اكتشاف الطريقة، التي نُفذت بها هذه الاغتيالات.
وقال علوي، الذي كان وزيراً للاستخبارات الإيرانية بين الأعوام 2013 و2021، إن الأجهزة الأمنية فشلت في اعتقال منفذي عملية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، على الرغم من تصريحات متناقضة بعد حدوثها أشارت إلى صدور أحكام بالإعدام بحق أربعة من المتورطين في التنفيذ، وفق ما نقل الموقع الإلكتروني لفضائية “إيران إنترناشونال” الناطقة بالفارسية، الثلاثاء.
وأكد علوي عدم قدرة وزارة الاستخبارات على مواجهة الاختراق الإسرائيلي، بقوله “كنا متأخرين بنصف ساعة عن الفريق الإسرائيلي”.
وقالت “إيران إنترناشونال” إن اعترافات علوي “تكشف عن العمق والاتساع الذي بلغه النفوذ الاستخباراتي الإسرائيلي داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية في إيران”.
صورة أرشيفية لوزير الاستخبارات الإيراني السابق محمود علوي
وجاءت هذه التصريحات غير المسبوقة للوزير السابق، الاثنين، على هامش حفل إطلاق كتاب “حياة الشهداء النووين” للباحث الإيراني أمير حسين نباتي، أقامه مركز “وثائق الثورة الإيرانية” في العاصمة طهران.
واعتمد الكتاب، وفق بيان للمركز، التاريخ الشفوي لإنجازه. واغتيل محسن فخري زاده، أحد علماء الطاقة النووية والدفاعية في إيران في 28 نوفمبر 2020.
تفاصيل الـ”نصف ساعة”
وفي الفيديو المرفق ببيان مركز “وثائق الثورة الإيرانية” الذي ترجمته الحرة عن “الفارسية”، يسرد علوي تفاصيل جديدة بشأن عملية اغتيال محسن فخري زاده، معلقا أولا بالقول: “منذ البداية، كان من الضروري إجراء دراسة مستفيضة بشكل يمنع استشهاد علماء آخرين”.
وقال علوي “لم نتمكن (حينذاك) من معرفة وكشف هوية مرتكبي جرائم استشهاد أربعة من علمائنا (علي محمدي، شهرياري، رضائي، وأحمد روشن)، حتى أننا لم نتمكن من تحديد الأشخاص الذين نفذوا الجريمة ولم نستطع معرفة أساليب العملية الإرهابية بدقّة” على حدّ تعبيره.
وأوضح الوزير السابق أنه بما يخص فخري زاده كان الوضع مختلفاً، إذ طكنا نمتلك معلومات عن هوية المنفذ والمصادر المتعلقة بالاغتيال سواء مرحلة الإعداد أو التنفيذ إلى الفرار خارج إيران”.
“لكن في المقابل، وجدنا عدوا (عميل الموساد) يقظاً ومتأهباً، إذ ترك المنفذ الموقع وخرج منه قبل أن نصل إليه بنصف ساعة”، تابع علوي موضحاً أن المنفذ الذي وصل موقع الاغتيال بسيارة “بيك آب”، غادره بواسطة دراجة نارية، إلى أن بلغ سيارة أخرى كانت بانتظاره، استقلها نحو فندق.
الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية آنذاك، عرفت بموقع المنفذ، ولكنها وصلته متأخرة نصف ساعة، بحسب علوي، إذ كان المنفذ قد غادر البلاد عبر كردستان إيران، حيث ظهرت صورته على كاميرات المراقبة الحدودية.
سرقة الأرشيف النووي
وخلال الحفل نفسه، أشار علوي إلى “سرقة للأرشيف النووي الإيراني”، مبيناً “وقعت هذه السرقة في فبراير 2018 من مستودع في شورآباد، جنوب طهران.
وتضمنت السرقة، التي نُفذت في عملية استخباراتية معقدة، نقل 55 ألف وثيقة و55 ألف ملف رقمي و183 قرصا مدمجا إلى إسرائيل، كما أوضح علوي.
وتشير التقارير إلى أن إسرائيل خططت لهذه العملية لمدة عامين، وأنها صنعت نموذجا مشابها للمستودع الإيراني من أجل تدريب الفريق الذي نفذ العملية.
وفي البداية، أنكر المسؤولون الإيرانيون هذه السرقة، لكن القائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي، اعترف لاحقا بأن الوثائق سُرقت، واصفا الحادثة بأنها “إشارة إلى نفوذ استخباراتي عميق”.
وفي مايو 2018، ذكرت صحيفة “نيويوك تايمز” الأميركية، أن وكلاءمن جهاز “الموساد” اكتشفوا الموقع السري للغاية لمستودع استُخدم لتخزين وثائق أسلحة إيران النووية، وقاموا باقتحام المبنى وأخذ نصف طن من الملفات ونجحوا في تهريبها إلى إسرائيل في الليلة ذاتها.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، كشف النقاب عن العملية خلال عرضه للوثائق في خطاب خاص، ألقاه بهدف إثبات أن إيران كذبت بشأن برنامجها السري للأسلحة النووية، وفق تقرير سابق لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
وأضاف في حينه: “من الخارج، كان هذا مجمعا بريئا. بدا كمستودع متهدم. ولكن من الداخل، احتوى على أرشيف إيران النووي السري محفوظا في ملفات ضخمة”.
وعرض نتانياهو صورة لرف طويل من الخزائن وقال إن وكالاء “الموساد” نجحوا في جلب “نصف طن من المواد التي تضمنت 55,000 صفحة و55,000 ملف آخر على 183 قرصا صلبا”.
كما صرح رئيس الموساد الإسرائيلي آنذاك، يوسي كوهين، أن 20 شخصا شاركوا في هذه العملية، ولم يكن أي منهم إسرائيليا.
ويعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران أغسطس 2024، أحد الأمثلة على مدى الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي، حيث قُتل في أكثر المواقع أماناً داخل العاصمة الإيرانية، ومباشرة بعد تصريح وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب، بأن شبكة التجسس الإسرائيلية تم تدميرها.