حرية ـ (2/12/2024)
أكد الكرملين اليوم الإثنين أن روسيا تواصل دعم رئيس النظام السوري بشار الأسد بغرض “استقرار الأوضاع” عقب هجوم واسع شنته هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة مسلحة أتاح لها السيطرة على مناطق واسعة في الشمال أبرزها مدينة حلب.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف للصحافيين “نواصل بالطبع دعم بشار الأسد”، مشيراً إلى أن موسكو ستبني موقفها استناداً “إلى ما هو ضروري من أجل استقرار الأوضاع”.
من جهتها أيضاً أكدت الصين دعمها الأسد في “جهوده للحفاظ على الأمن القومي والاستقرار”، وفق ما أفاد الناطق باسم الخارجية الصينية لين جيان في مؤتمر صحافي، اليوم الإثنين.
وقال لين جيان، إن الصين على اعتبارها “دولة صديقة لسوريا” مستعدة “للمساهمة بصورة إيجابية لمنع تدهور الوضع”، بعدما فقد نظام الأسد، السبت، السيطرة على حلب، ثاني كبرى المدن السورية.
وذكر بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء في سوريا اليوم الإثنين، أن سلاح الجو السوري والروسي قصف مواقع تسيطر عليها المعارضة في ريف حلب الشرقي، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من قوات المعارضة.
وجاء في البيان أن “الطيران الحربي السوري الروسي المشترك يوجه ضربات متتالية على تجمعات الإرهابيين ومحاور تحركهم على أطراف بلدة السفيرة في ريف حلب الشرقي موقعاً عشرات القتلى والجرحى في صفوفهم إضافة إلى تدمير عدة عربات وآليات كانت بحوزتهم”.
وبحسب المرصد السوري لحقول الإنسان، قتل 11 مدنياً على الأقل بينهم خمسة أطفال، اليوم، جراء غارات نفذها الطيران الروسي والسوري على محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، غداة إعلان موسكو أن قواتها تساعد الجيش السوري في “صد” هجوم فصائل معارضة.
وأفاد المرصد عن “غارات مشتركة نفذها الطيران الروسي والسوري استهدفت مناطق عدة، بينها مدينة إدلب ومخيم للنازحين شمالها”، مما أسفر عن مقتل “11 مدنياً بينهم خمسة أطفال وسيدتان وإصابة العشرات بجروح”.
إيران على الخط
قال مصدران في الجيش السوري إن عناصر من فصائل شيعية مدعومة من إيران دخلت سوريا الليلة الماضية من العراق وتتجه إلى شمال سوريا لتعزيز قوات الجيش السوري التي تقاتل قوات المعارضة.
وذكر مصدر كبير في الجيش السوري لـ”رويترز” أن عشرات من مقاتلي قوات الحشد الشعبي العراقية المتحالفة مع إيران عبروا أيضاً من العراق إلى سوريا عبر طريق عسكري بالقرب من معبر البوكمال.
وتابع “هذه تعزيزات جديدة لمساعدة إخواننا على خطوط التماس في الشمال”، مضيفاً أن المقاتلين ينتمون لفصائل تشمل كتائب حزب الله العراقية ولواء فاطميون.
قالت منظمة إنسانية تديرها المعارضة السورية وتعرف باسم الخوذ البيضاء صباح اليوم الإثنين إن ما لا يقل عن 25 شخصاً قتلوا في شمال غربي سوريا في غارات جوية نفذتها الحكومة السورية وروسيا.
وذكرت مصادر عسكرية أن طائرات مقاتلة روسية وسورية قصفت مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة في شمال البلاد أمس الأحد، في حين تعهد رئيس النظام السوري بشار الأسد بالقضاء على مسلحي المعارضة الذين اجتاحوا مدينة حلب.
وقال الجيش أيضاً إنه استعاد السيطرة على بلدات عدة اجتاحتها المعارضة المسلحة في الأيام القلية الماضية. وقال سكان إن هجوماً استهدف منطقة سكنية مزدحمة في وسط إدلب، وهي أكبر مدينة يسيطر عليها مسلحو المعارضة قرب الحدود التركية حيث يعيش نحو 4 ملايين شخص في خيام ومساكن موقتة.
وذكر رجال الإنقاذ في مكان الواقعة أن ما لا يقل عن سبعة أشخاص قتلوا وأصيب العشرات.
ويقول الجيش السوري وروسيا إنهما يستهدفان مخابئ قوات المعارضة وينفيان مهاجمة المدنيين.
وقالت منظمة الخوذ البيضاء إن 10 أطفال كانوا ضمن قتلى الغارات الجوية في إدلب وحولها وعلى أهداف أخرى في أراض تسيطر عليها المعارضة قرب حلب.
وأضافت المنظمة في بيان على منصة “إكس” أن إجمالي عدد القتلى جراء الغارات السورية والروسية منذ الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ارتفع إلى 56 بينهم 20 طفلاً.
وقوات المعارضة تحالف من جماعات مسلحة علمانية مدعومة من تركيا إلى جانب هيئة تحرير الشام، وهي جماعة إسلامية تمثل أكبر قوة عسكرية للمعارضة.
وتصنف الولايات المتحدة وروسيا وتركيا ودول أخرى هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية.
ومع استمرار اشتعال الأوضاع في سوريا، حيث وجهت فصائل معارضة مدعومة من أنقرة ضربة قوية لنظام الرئيس بشار الأسد وسيطرت على مناطق عدة خلال الأيام الأخيرة، اتصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد بنظيره التركي هاكان فيدان لمناقشة “الحاجة إلى وقف التصعيد”.
وشدد بلينكن خلال الاتصال مع فيدان على “ضرورة وقف التصعيد وحماية أرواح المدنيين والبنى التحتية”، وفق ما ذكرت وزارة الخارجية الأميركية في بيان.
هجوم منفصل
سيطرت فصائل معارضة موالية لتركيا الأحد على مدينة تل رفعت الاستراتيجية في شمال سوريا بعدما كانت في أيدي القوات الكردية، وذلك في هجوم منفصل عن ذلك الذي شنته هيئة تحرير الشام وتمكنت خلاله من السيطرة على مدينة حلب، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأفاد المرصد أن “فصائل الجيش الوطني، الموالي لتركيا، سيطرت على مدينة تل رفعت” القريبة من الحدود التركية وعلى قرى وبلدات مجاورة لها.
وتقع تل رفعت في جيب تسيطر عليه القوات الكردية وتحيط به مناطق تسيطر عليها الفصائل الموالية لتركيا والجيش السوري. وهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراراً بشنّ هجوم على هذا الجيب.
وأشار المرصد إلى أن الفصائل الموالية لأنقرة سيطرت السبت على بلدتي السفيرة وخناصر الاستراتيجيتين، إضافة إلى مطار كويرس العسكري، بعد اشتباكات خاضتها مع قوات النظام، أسفرت عن مقتل تسعة من عناصرها في الأقل.
وحذر المرصد من أن نحو 200 ألف كردي سوري في شمال محافظة حلب “محاصرون من قبل الفصائل الموالية لتركيا”.
وتشكل القوات الكردية العنصر الرئيس في قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على مساحات واسعة في شمال شرقي سوريا وتدعمها الولايات المتحدة.
واتهمت قوات سوريا الديمقراطية في بيان تركيا بأنها وراء الهجوم، معتبرة أنها تسعى إلى “تقسيم سوريا”.
مساعدة روسية
يأتي ذلك بينما أعلن الجيش الروسي الأحد أنه يساعد الجيش السوري في “صد” فصائل معارضة في ثلاث محافظات بشمال البلاد، في إطار دعم موسكو نظام الأسد.
وقال الجيش الروسي في بيان مقتضب على موقعه إن “الجيش العربي السوري، بمساعدة من القوات الجوية الروسية، يواصل عمليته الهادفة إلى صد العدوان الإرهابي في محافظات إدلب وحماة وحلب”.
وأضاف “خلال اليوم الماضي، تم تنفيذ ضربات صاروخية وقصف على أماكن تجمع فيها ناشطون أو ضمت معدات”، لافتاً إلى “تصفية 320 ناشطاً” في الأقل.
وأعلنت روسيا في وقت سابق هذا الأسبوع أنها قصفت مواقع لفصائل معارضة في سوريا. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنها استخدمت مقاتلات ضربت أقساماً من حلب للمرة الأولى منذ 2016. وروسيا هي أكبر داعم عسكري للرئيس بشار الأسد.
إقالة جنرال روسي
قال مدونون عسكريون روس الأحد إن موسكو أقالت سيرغي كيسيل الجنرال المسؤول عن قواتها في سوريا، بعد اجتياح مقاتلين من المعارضة مدينة حلب في أكبر تحد لرئيس النظام السوري بشار الأسد منذ أعوام.
وروسيا من حلفاء الأسد الرئيسين، وأوردت قناة “رايبار” المقربة من وزارة الدفاع الروسية ومدونة “فويني أوسفيدوميتيل” (المخبر العسكري) نبأ إقالة كيسيل البالغ 53 سنة.
وذكرت تقارير غير مؤكدة أن الكولونيل جنرال ألكسندر تشيكو سيحل محل كيسيل.
وكانت مدونات عسكرية وجهت انتقادات لاذعة لأداء كيسيل الذي كان يقود في السابق “جيش دبابات الحرس الأول الروسي” في منطقة خاركيف بأوكرانيا، حيث صدت القوات الأوكرانية قوات موسكو في هجوم مضاد خاطف شنته كييف في أواخر عام 2022.
وكتبت مدونة “فويني أوسفيدوميتيل”، “يبدو أنه كان من المفترض أن يكشف عن مواهبه الخفية في سوريا، لكن شيئاً ما أعاق ذلك مرة أخرى”.
معركة حلب
سعى الرئيس السوري بشار الأسد الأحد إلى الحصول على دعم حلفائه بعد فقدان قواته السيطرة على حلب إثر هجوم شنته فصائل معارضة وخلف أكثر من 410 قتلى، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأصبحت حلب، ثاني كبرى مدن سوريا، خارج سيطرة الحكومة السورية للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في هذا البلد، مع سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها على كل الأحياء حيث كانت تنتشر قوات النظام، حسبما أفاد المرصد الأحد.
ونقلت الرئاسة السورية عن الأسد تشديده خلال استقباله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بدمشق على “أهمية دعم الحلفاء والأصدقاء في التصدي للهجمات الإرهابية المدعومة من الخارج وإفشال مخططاتها”.
واستبق عراقجي وصوله الأحد إلى دمشق، بتأكيد دعم بلاده “الحازم” السلطات السورية، فيما توعد الأسد من جهته باستخدام “القوة” للقضاء على “الإرهاب”.
منذ الأربعاء، بدأت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة)، مع فصائل معارضة أقل نفوذاً، هجوماً مباغتاً يُعد الأعنف منذ سنوات بمحافظة حلب حيث تمكنت من التقدم بموازاة سيطرتها على عشرات البلدات والقرى بمحافظتي إدلب وحماة المجاورتين.
والأحد، قال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة متحالفة معها “باتت تسيطر على مدينة حلب بالكامل، باستثناء الأحياء الخاضعة لسيطرة القوات الكردية” في شمالها.
وبذلك أصبحت المدينة “للمرة الأولى خارج سيطرة قوات النظام منذ اندلاع النزاع” في البلاد عام 2011.
ويضم الجزء الشمالي من مدينة حلب أحياء عدة تقطنها غالبية كردية، أبرزها الشيخ مقصود والأشرفية، وتخضع لسيطرة القوات الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركياً التي تشكل الذراع العسكرية للإدارة الذاتية الكردية.
كانت القوات الحكومية استعادت السيطرة على كامل مدينة حلب نهاية عام 2016 بدعم جوي روسي، بعد معارك وجولات قصف وسنوات من الحصار للأحياء الشرقية فيها والتي شكلت معقلاً للفصائل المعارضة منذ صيف 2012.
وكان لإيران والمجموعات الموالية لها نفوذ واسع بمدينة حلب ومحيطها، قبل أن تخلي عدداً من مواقعها تباعاً خلال الأشهر القليلة الماضية، وفق المرصد.
وتقود الهجوم هيئة تحرير الشام، المصنفة “إرهابية” من الأمم المتحدة التي تعد منطقة إدلب معقلها الرئيس مع فصائل سورية أخرى أقل نفوذاً. وتمكنت خلال اليومين الماضيين من السيطرة على غالبية أحياء حلب والمطار الدولي، إضافة إلى عشرات المدن والقرى بمحافظتي إدلب وحماة “مع انسحاب قوات النظام منها”، وفق المرصد.
غارات روسية
وشن الطيران الروسي الأحد، وفق المرصد، غارات على ساحة قرب جامعة مدينة حلب أوقعت خمسة قتلى، لم يتمكن من تحديد ما إذا كانوا مدنيين أو مقاتلين.
واستهدفت غارات مماثلة مخيماً للنازحين بمدينة إدلب، مما أسفر عن مقتل ثمانية مدنيين بينهم طفلان وإصابة أكثر من 50 آخرين.
وارتفعت حصيلة الهجوم الخاطف الذي شنته فصائل معارضة الأربعاء بشمال سوريا إلى 412 قتيلاً في الأقل بينهم 61 مدنياً، حسبما أفاد المرصد الأحد.
وأوضح المرصد أن الهجوم أسفر عن 214 قتيلاً بصفوف الفصائل و137 قتيلاً بصفوف قوات النظام والميليشيات الموالية لها و61 قتيلاً مدنياً، بينهم 17 سقطوا الأحد.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الطيران السوري والروسي استهدف “تجمعاً لقادة التنظيمات الإرهابية” بحلب “مما أدى إلى مقتل العشرات من الإرهابيين”، واستهدف “رتلاً للتنظيمات الإرهابية مكوناً من عشرات الآليات والعربات المحملة بالذخيرة والعتاد والعناصر الإرهابية بريف إدلب الشرقي”.