حرية ـ (17/12/2024)
أصبحت خريطة المريخ تحمل أسماء متنزهات طبيعية في الجزائر، بدفع من العضو في فريق مهمة المريخ في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) الفيزيائي الجزائري نور الدين مليكشي، الذي أوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أنه يسعى بذلك إلى الإضاءة على هشاشة الأرض.
وباتت ثلاثة مواقع في المريخ تحمل أسماء المتنزهات الوطنية الجزائرية طاسيلي ناجر وغوفي وجرجرة، وفق ما أوضح مليكشي الذي يفخر بتكريم موطنه الأصلي من خلال هذه الخطوة.
ودعا نور الدين مليكشي في مقابلة مع تلفزيون وكالة الصحافة الفرنسية في الولايات المتحدة، إلى الحفاظ على “كوكبنا الهش” من خلال “الاعتناء بالمحميات الطبيعية سواء في الجزائر أو أي مكان آخر”.
الرمال الحمراء لطاسيلي
وبالنسبة إلى أستاذ الفيزياء وعميد كلية كينيدي للعلوم بجامعة ماساتشوستس في لويل، فإن سطح حظيرة طاسيلي ناجر في الصحراء الجزائرية يشبه كثيراً سطح الكوكب الأحمر، وهو مصنف ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو.
ويعود الموقع الجزائري إلى 12 ألف عام في الأقل، ويضم أكثر من 15 ألف نقش يدل على حياة البشر في هذا الموقع الصحراوي منذ عام 6 آلاف قبل الميلاد وحتى القرون الأولى من العصر الحالي.
وأوضح مليكشي الذي ترك الجزائر عام 1990 إلى الولايات المتحدة، “إذا نظرت إلى صور طاسيلي ناجر، سترى أنه في الأقل من الناحية البصرية، يبدو مثل كوكب المريخ، لأن فيه كثيراً من الرمال الحمراء. والآن، في كل مرة أرى فيها طاسيلي ناجر أتذكر المريخ”.
وأضاف، “طاسيلي ناجر صحراء رملية… تشعر أنه لا يوجد شيء حولك، ومع ذلك هناك حياة من حولك” تدل عليها “رسومات كهوف عمرها آلاف الأعوام. إنها مثل كتاب من طريقة عيش الناس حينها وشكل الحياة”.
غوفي وجرجرة
وتظهر عديد من الرسومات كائنات عملاقة لها عين واحدة وقرون، وقد وصفها عالم الآثار الفرنسي هنري لوت بأنها “آلهة كبيرة من المريخ”، في كتاب نشر عام 1958 بعنوان “بحثاً عن جداريات طاسيلي” (A la recherche des fresques du Tassili).
وشرح مليكشي عن رسومات الكهوف هذه قائلاً، “ترى حيوانات وكثيراً من الأشياء، بما في ذلك لوحة كهف يبدو فيها أن هناك شخصاً ما جاء من مكان آخر، ربما من المريخ”.
ووقع خيار مليكشي الثاني على شرفات غوفي الواقعة في منطقة الأوراس بجنوب شرقي الجزائر بين جبال باتنة وواحات بسكرة.
وقال مليكشي في وصفها، “إذا نظرت إلى صور غوفي، ستجد أنها تبدو أيضاً مثل بعض مناطق المريخ وتبرز مرونة الكواكب أمام ما حدث لها على مر الزمن”.
أما الموقع الثالث، وهو حظيرة جرجرة الوطنية الواقعة على بعد 140 كيلومتراً من العاصمة الجزائرية بين ولايتي البويرة وتيزي وزو، والمعروفة بقمم جبالها الثلجية التي يفوق علو أهمها 2300 متر، فهي “ترقص مع الطبيعة” كما وصفها مليكشي، مما يجعلها “جميلة جداً طوال السنة”.
الجزائر تحتفي بالتسميات
وأوضح مليكشي أن اختيار أسماء المواقع الجزائرية على خريطة المريخ حصل باقتراح منه، لافتاً إلى أن المسار انطلق بعد هبوط مركبة “برسيفيرنس” في عام 2021 في جزء غير مستكشف من المريخ. وجرى تقسيم المنطقة إلى “أرباع” لإطلاق أسماء عليها قبل دراستها.
وقال، “اقترحت أنا هذه الأسماء واقترح آخرون أسماء أخرى لمتنزهات وطنية مختلفة حول العالم”، قبل درس المقترحات من فريق متخصص واختيار الأسماء النهائية.
وأثار إعلان مليكشي بداية ديسمبر (كانون الأول) الجاري خبر إطلاق أسماء مواقع جزائرية على خريطة المريخ فرحة لدى الجزائريين، تجلت خصوصاً برسائل الإشادة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتعليقات الإيجابية من وسائل الإعلام والسلطات.
وعبر وزير الثقافة والفنون زهير بللو عن سعادته “بهذا التميز الاستثنائي”، مؤكداً أن هذا “التكريم تاريخي وعالمي، ويبرز القيم الثمينة للتراث الطبيعي والثقافي الجزائري الذي أصبح الآن مسجلاً ما وراء الحدود الأرضية”.
وتبذل الحكومة الجزائرية منذ سنوات جهوداً لتشجيع السياحة، خصوصاً في منطقة الصحراء الكبرى، من خلال إصدار تأشيرات دخول لبعض الجنسيات عند الوصول. وزار نحو 2.5 مليون سائح الجزائر العام الماضي، وهو رقم قياسي خلال السنوات الـ20 الأخيرة.
ويأمل مليكشي في أن تجتذب هذه التسميات الجديدة أعداداً إضافية من الزوار إلى الجزائر، قائلاً إن هذه الأماكن “كنز ورثناه كبشر وعلينا أن نتأكد من الحفاظ عليه” و”نقله إلى الجيل القادم بأمان”.