احمد الحمداني
2/1/2025
تعد منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق تعقيدًا في العالم، حيث تشهد تغيرات سياسية، اقتصادية، وأمنية مستمرة تؤثر بشكل مباشر على جميع الدول المعنية.
ومن بين هذه الدول، يعتبر العراق في وضع حساس ولكنه يمتلك فرصًا كبيرة لاستغلال هذه التغيرات لصالحه إذا تمت إدارته بشكل استراتيجي.
في هذا المقال، سنناقش كيفية استثمار العراق للمشاكل والتغيرات التي تشهدها المنطقة لتعزيز مصالحه الوطنية.
- استفادة العراق من الصراعات الإقليمية
منذ سنوات، تتصارع القوى الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط، مثل الصراع بين إيران والسعودية، والتدخلات الأجنبية في سوريا وليبيا.
من خلال سياسة متوازنة، يمكن للعراق أن يستفيد من هذه التوترات لتوسيع نفوذه السياسي والاقتصادي.
على سبيل المثال، يمكن للعراق أن يعزز علاقاته مع إيران لتأمين الدعم السياسي والاقتصادي، في الوقت الذي يمكنه فيه الحفاظ على علاقات دبلوماسية مفتوحة مع الدول الخليجية مثل السعودية لتخفيف حدة التوترات.
كذلك، في حالة زيادة التنافس بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا أو القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران، يمكن للعراق أن يلعب دور الوسيط المحايد الذي يساهم في تسوية النزاعات أو على الأقل يحقق مكاسب من خلال استثمار هذه الديناميكيات لصالحه.
- التحول في السياسات الاقتصادية العالمية
التحولات في الاقتصاد العالمي، مثل توجه بعض الدول نحو تقليل اعتمادها على النفط، قد تمثل تحديًا لدول المنطقة المصدرة للنفط، لكن العراق يمكنه أن يواجه هذه التحولات بذكاء. على الرغم من الأزمات الاقتصادية التي مر بها، يظل العراق من أكبر منتجي النفط في العالم، ويمكنه استغلال ارتفاع أسعار النفط خلال فترات معينة لتحقيق استقرار اقتصادي يعزز من بناء مشروعات التنمية الداخلية.
علاوة على ذلك، يمكن للعراق أن يستفيد من توجهات اقتصادية جديدة مثل تنمية قطاع التكنولوجيا، والتحول نحو الطاقة المتجددة، وتوسيع قاعدة الاستثمار الأجنبي في مجالات مثل السياحة والتجارة. بهذه الطريقة، يمكن للعراق تقليل اعتماده على النفط ويعزز اقتصاده المحلي.
- الاستفادة من التوترات الطائفية والعرقية
على الرغم من أن التوترات الطائفية والعرقية في العراق قد شكلت تحديات كبيرة في الماضي، فإن الظروف الإقليمية الحالية قد توفر فرصة لتوظيف هذه التوترات لصالح استقرار العراق.
يمكن للحكومة العراقية العمل على تعزيز الوحدة الوطنية من خلال التركيز على العوامل المشتركة بين المكونات المختلفة، والاستفادة من الدعم الدولي الذي يركز على تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
وفي ظل الصراعات الطائفية في بعض الدول المجاورة مثل سوريا واليمن، يمكن للعراق أن يلعب دورًا محوريًا في تقديم نموذج للتعايش السلمي بين الطوائف المختلفة، مما يعزز من مكانته الإقليمية والدولية.
- الاستفادة من الدور العسكري والأمني في المنطقة
يتأثر العراق بشكل مباشر بالتغيرات الأمنية في جيرانه، لا سيما في سوريا واليمن.
ورغم التحديات الأمنية الداخلية، يمكن للعراق استغلال موقعه الاستراتيجي في قلب المنطقة لتحقيق مصالح أمنية، مثل التعاون مع الدول الكبرى في محاربة الإرهاب، ومكافحة الشبكات الإجرامية، والتصدي للنفوذ الأجنبي. في هذا السياق، يمكن أن يكون للعراق دور أكبر في السياسة الأمنية الإقليمية، مما يسهم في تعزيز استقراره الداخلي.
علاوة على ذلك، يمكن للعراق الاستفادة من تقوية قواته العسكرية والأمنية لتحسين مستوى الأمن الداخلي وجذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة في مجال الصناعات الدفاعية والأمنية.
- الاستفادة من التعاون الإقليمي والدولي
يعد التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية أمرًا بالغ الأهمية في تحسين وضع العراق. من خلال انخراط العراق في مبادرات مثل “منتدى التعاون العربي”، “منظمة التعاون الإسلامي”، و”الاتحاد الأوروبي”، يمكن للعراق أن يحقق مصالح اقتصادية وسياسية ويطور علاقاته مع مختلف القوى.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للعراق أن يستفيد من المساعدات التقنية والمالية المقدمة من المنظمات الدولية لتطوير بنيته التحتية، وتوسيع مشروعات الطاقة، وتعزيز قطاع التعليم والصحة.
رغم التحديات التي تواجه العراق بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن هذه التغيرات توفر له فرصًا هامة للاستفادة منها لصالحه.
من خلال سياسة خارجية متوازنة، تحفيز التعاون الإقليمي والدولي، واستثمار التوترات الإقليمية لصالح تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي، يمكن للعراق أن يعزز مكانته الإقليمية والدولية.