حرية ـ (11/1/2025)
أثيرت تساؤلات عن التحديات التي تواجه الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون، والتي تبدأ من تشكيل حكومة جديدة قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.
وشهد لبنان تدهورًا في بنيته التحتية، التي أصابها الإنهاك بسبب سنوات طويلة من الأزمات السياسية والحروب التي طالت الجنوب ومناطق أخرى، مما زاد الحاجة إلى إصلاحات جذرية وملحّة.
وانتخب البرلمان اللبناني العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية بعد شغور في المنصب استمر لأكثر من عامين، وسط انقسامات سياسية حادة.
واستقبل المجتمع الدولي هذا التطور كخطوة مهمة نحو استعادة الاستقرار في البلاد، حيث تفاعلت الصحف العالمية مع الحدث، واعتبرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن انتخاب عون يمثل استعدادًا لبنانيًا لتنفيذ الإصلاحات السياسية المطلوبة، فيما وصفت “التايمز” البريطانية الحدث بأنه خروج من الجمود السياسي الذي خيم على لبنان لفترة طويلة.
ماذا عن تشكيل الحكومة الجديدة؟
وتوجهت الأنظار نحو تشكيل حكومة جديدة، حيث دعا الرئيس عون الكتل النيابية إلى إجراء مشاورات لتسمية رئيس وزراء يتولى تشكيل الحكومة المقبلة.
ويستلزم ذلك توافقًا بين القوى السياسية لضمان تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية، مع العلم أن التحديات الاقتصادية والمالية تفرض نفسها بقوة، حيث يعاني لبنان من ارتفاع سعر صرف الدولار وتدهور قيمة الليرة اللبنانية، مما أدى إلى زيادة أسعار المحروقات والسلع الأساسية.
وواجهت الحكومة المرتقبة ضغطًا هائلًا لمعالجة الأزمات المالية، خاصة تلك المتعلقة بتأمين السيولة اللازمة لدفع مستحقات الوقود.
بدوره، قال الباحث اللبناني ميشيل رافد، إن “انتخاب العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية اللبنانية يمثل نقطة تحول في المشهد السياسي اللبناني، خصوصًا في ظل التغيرات الجذرية التي شهدتها المنطقة في الفترة الأخيرة، لا سيما وأنه جاء بعد سلسلة من التحولات التي أثرت على المشهد الداخلي اللبناني والإقليمي”.
وأوضح رافد, أن التحولات التي حصلت لا تقتصر على الساحة اللبنانية الداخلية فقط، بل تشمل المنطقة بأسرها، حيث يُظهر انتخاب العماد عون بوادر تفكك السيطرة التقليدية التي كانت تمارسها أطراف إقليمية على الدولة اللبنانية، ما قد يمثل بداية لاستعادة استقلالية القرار السياسي اللبناني”.
ضغط أوروبي
وأضاف أن “الضغط الأمريكي والفرنسي على بعض القوى السياسية اللبنانية، وخاصة خلال الساعات الأخيرة التي سبقت جلسة انتخاب الرئيس، كان له دور حاسم في تحقيق هذا التطور، كما أن التغيرات الجذرية في المنطقة، بما فيها الساحة السورية، أسهمت في تشكيل بيئة جديدة قد تساعد لبنان على الدخول في مرحلة مختلفة من الاستقرار السياسي”.
وتمثل هذه القضية تحديًا كبيرًا يتطلب تحركًا سريعًا لتوفير العملة الصعبة وضمان استمرارية استيراد المحروقات، في ظل تحذيرات من انهيار شبكة الكهرباء بسبب نقص الوقود. وأكد وزير الطاقة والمياه وليد فياض أن مستحقات العراق من تصدير النفط إلى لبنان للسنة الثانية تقدر بـ250 مليون دولار، مشيرًا إلى أن المستحقات السابقة تم دفعها بالكامل وتحويلها إلى العراق.
وطُرحت ضرورة تنفيذ إصلاحات هيكلية عاجلة تشمل مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في المؤسسات الحكومية، بالإضافة إلى إصلاح القطاع المصرفي وإعادة هيكلة الدين العام.
ويُتوقع أن تسعى الحكومة إلى التفاوض مع الدائنين لإعادة جدولة الديون وتخفيف الأعباء المالية، وذلك بالتوازي مع العمل على استعادة ثقة المجتمع الدولي والمؤسسات المالية.
وركزت الجهود على تحفيز الاقتصاد عبر سياسات تدعم النمو وتخلق فرص عمل جديدة، بالتزامن مع جذب المساعدات والاستثمارات، إذ يُنتظر من الحكومة أن تتبنى سياسات جادة لدفع عجلة التنمية، بما يعيد للبنان مكانته الإقليمية كدولة مستقرة قادرة على تجاوز الأزمات التي أنهكته لعقود.